كتبت هذا المقال لعدة أسباب أهمها أن هذا الرجل لم يجد من ينصفه إلى يومنا هذا سوى بعض الكتابات الخجولة المتفرقة في كثير من العلوم، بعضها يقول إنه حكيم وبس، وآخر يتهمه بالفلسفة الفاضية والعطالة ومناكفة السُلطات. وقرأت عن هذا الرجل في كتب ومخطوطات مختلفة الزمان والمكان، فخلصت إلى أنه مظلوم ظلم الحسن والحسين، وبما أنني أمقت الظلم وكافة أشكال التمييز ضد كل الأشياء، لذا قررت أن أسوق بعضاً من سيرة العم سقراط متضمنة فقرات من مأثوراته.. أول حاجة وُلد سقراط عام 469 ق.م دي اختصار لقبل الميلاد وليس قوات مسلحة يا مان كويس؟ومات في 399ق.م أي قبل ميلاد المسيح بثلاثمائة سنة.. تحدث سقراط عن الخير والشر، الفضائل والرذائل ،الموت والحياة، الجسد والروح، وكمان مصائر الأرواح بعد أن تفارق الأبدان. وكان سقراط مؤمناً ايماناً قوياً بالله الواحد الأحد بالرغم من أنه عاش في مجتمع وثني متعدد الديانات والآلهة وآخرين ما عندهم دين خالص.. يقول ابن أبي أصيبعة إن سقراط كان من تلاميذ فيثاغورس، وتخصص في العلوم الإلهية، وأعرض عن ملذات الدنيا، ورفض عبادة الأصنام، وقالوا إن كلمة سقراط معناها «المعتصم بالعدل».. ولما ألزموا سقراط بالزواج من أسرة تعادل أسرته في النبل رفض ذلك وتزوج من امرأة سفيهة عنيدة قبيحة، وبرر ذلك بقوله: «إنني تزوجتها لأتعلم الصبر على المكاره»!! بالله ده مش كلام عقل؟وخرج سقراط في كتيبة محاربة وكان منطوياً على نفسه لا يكلم أحداً فناداه الملك قائد الحملة وبادره قائلاً: بلغني أنك تقول إن عبادة الأصنام ضارة!؟ قال سقراط: لم أقل هكذا.. قال فكيف قلت؟؟قال: إنما قلت إن عبادة الأصنام نافعة للملك ضارة لسقراط لأن الملك يصلح بها رعيته ويجمع بها خراجه ويرهب بها الناس، وسقراط يعلم أنها لا تنفع ولا تضر.. سقراط ده مش بتاع حركات؟ قال سقراط إن الحكمة طاهرة مقدسة وغير دنسة فلا ينبغي أن نستودعها إلا الأنفس الحية العفيفة، وعليه يجب أن تُحفظ الحكمة في القلوب ولا تكتب على القراطيس أو الكاغد. من أشهر حكم سقراط: 1/لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف.. «لكن البسكّتو شنو؟؟» 2/ ستة لا تفارقهم الكآبة: الحقود، الحسود، حديث عهد بالغنى، غني يخاف الفقر، طالب رتبة يقصر قدره عنها، جليس أهل الأدب وليس بأديب. 3/ طالب الدنيا إن نال ما أمّله تركه لغيره، وان لم ينل ما أمّله مات بغصته. 4/ استهينوا بالموت فإن مرارته في الخوف منه. 5/ يحسب الناس أني حكيم في كل أمر أبيّن فيه جهل غيري من الناس، ولكن الله وحده هو الحكيم. أوشوا به لدى قضاة أثينا بأنه يحرّض الناس على الكفر والزندقة بآلهة أثينا، فقدم مرافعة متينة عنيفة أثبت فيها جهل القضاة والحضور وتمسك بمبادئه، فحكموا عليه بالإعدام. وفي السجن وقبل الاعدام بيوم جاءه صديق له فوجده نائماً ومقيداً بالسلاسل وعندما استيقظ سقراط سأل صديقه: لماذا أنت هنا؟؟قال: جئت لأخلصك من الموت، قال سقراط: ومن قال إن الموت شر يجب الخلاص منه؟؟ثم أردف قائلاً: اعلم يا صديقي أنني إذا فررت من هذا السجن فسأهزم كل القيم الجميلة التي زرعتها في شباب أثينا... وشرب سقراط السم من يد عشماوي ومات وهو ينظر إلى أعلى وعشماوي ينظر إلى أسفل!! الهم ارحم سقراط بقدر ما قدّم للإنسانية من جلائل الأعمال ونفاسة التعاليم وقوة الشخصية والثبات على المبادئ... إنتو قولوا آمييييييييين، الهم خذ الذين أوشوا به وعادوه أخذ عزيز مقتدر، واحشرهم مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار.. آميين.. اللهم إنه عبدك ووحّدك في زمن لم يعرف الناس فيه معنى الربوبية، فألطف به وانزله منزلة حسنة يا كريم.. بهذا نعلن رفع الفراش ونشكر كل من شارك في تشييع الجثمان أو أبرق معزياً، وكذلك كل الذين لازموه في المحنة حتى إعدامه.