أعجب لبعض قيادات المؤتمر الوطني حين يصرحون بقولهم إنه لا عودة للمفاوضات إلا بعد خروج المعتدين من هجليج وكأنما احتلال هجليج وتدمير آبار النفط جاء عفوًا وأنه لن يتكرر في مواقع حيوية أخرى حتى في الخرطوم. ألم يقرأ هؤلاء الوثائق التي ضُبطت في منزل رياك مشار نائب سلفا كير من أن خطة احتلال هجليج وتدمير آبار نفطها كانت معدّة مسبقاً بكل تفاصيلها وتم التنفيذ طبقاً لها كما رأينا. والأغرب من ذلك خطة تخريب الخرطوم في مايو القادم وإسقاط النظام والأغرب والأعجب من ذلك تغييب الرئيس البشير في جوبا وفق الخطة التي سعى لها باقان أموم بتغيير لهجته المعروفة إلى لهجة حميمة أثارت استغراب الغافلين ولكنها للذين يفهمون مدى الحقد الذي يضمره هذا الباقان للسودان علموا أنها خطة خبيثة لاستدراج الرئيس إلى جوبا وتغييبه كما وضح من الخطة التي عُثر عليها في منزل مشار. يقولون العودة للمحادثات بعد تحرير هجليج الم نتعظ من المحادثات السابقة وتوقيع اتفاقيتي وقف العدائيات والحريات الأربع وما حدث بعدهما من احتلال بحيرة الأبيض وتلودي وغيرها. يجب أن نعي ونعترف بالحقيقة أن المؤامرة كبيرة وتقف وراءها أمريكا وإسرائيل ودول أوروبية أخرى، المؤامرة كما تكرر كثيرًا تستهدف إسقاط النظام وتفتيت السودان إلى عدة دويلات إنه مخطط استعماري لطمس هوية الشعب السوداني الإسلامية والعربية. أقول: يجب أن نعترف بهذا الواقع الأليم وأن نواجهه بالسلاح الذي نملك، سلاح الجهاد وليس غيره، وها نحن نرى التعبئة والاستنفار قد انتظمت كل بلادنا في حماسة لم نشهد لها مثيلاً. هذا هو السلاح الذي يزلزل الأعداء منذ صدر الإسلام واسقط الامبراطوريات وهو ما اعترفت به الحركة الشعبية في حرب الواحد والعشرين عامًا قبل توقيع اتفاقية نيفاشا التي جرّت علينا كل هذا الشر المستطير، فقد قالوا إنهم حين يسمعون التهليل والتكبير تتزلزل الأرض من تحت أقدامهم.. إنها الحقيقة الإلهية التي لا مراء فيها. ولنعلم حقيقة ما حدث وسيحدث هل أوفت أمريكا بوعودها لنا رغم ما قدمناه من تساهل وتسهيل في مجال الاستفتاء والانفصال وترك بعض القضايا معلقة لما بعد الانفصال. إنها لم تطبِّع مع السودان العلاقات ولم ترفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب او ان ترفع عنه العقوبات الاقتصادية، كل ذلك في إطار المخطط الإجرامي ونحن نتعامل بحسن نية. هل نتوقع إن عدنا إلى المفاوضات ان توافق حكومة سلفا كير وعصابته أن تُبعد حركات دارفور وأن تسحب الفرقتين التاسعة والعاشرة من جنوب كردفان والنيل الأزرق ووقف دعم المتمردين بهاتين الولايتين. لن يحدث أيٌّ من هذا لأن المؤامرة مبنية على هذا الوجود الإجرامي وبزواله تلغى الخطة الآثمة وهو ما لن يحدث فهلا واجهنا مصيرنا بعيدًا عن الأماني الكاذبة والوعود الخائبة. هامش: قال الشاعر المتنبى: من يهن يسهل الهوان عليه .. ما لجرح بميت إيلام