ظللنا نتلقى الضربات الموجعات من قبل الحركة الشعبية منذ توقيع اتفاقية نيفاشا، هذه الاتفاقية تمت هندستها ورسمها لتخدم أجندات لا علاقة لها بما يحتاج إليه المواطن في الجنوب. إن الحركة الشعبية لا تحمل في جعبتها من الأجندات ما هو خالص لخدمة مواطن الجنوب وهي خدعت ذلك المواطن المسكين وألقت به في دوامة حكمها القابض، وقد أدرك الثوار في الجنوب حقيقة ذلك وتيقنوا أن الذي ساقتهم إليه الحركة ما هو إلا مصيدة هلاكهم وأنه لا انفكاك منها إلا عبر الثورة على ذلك النظام الذي يعمل على تحقيق أجندات لا علاقة لها بتأسيس دولة أو خدمة مواطن وعلموا أنه لن تكون لهم دولة ذات سيادة تصادق من تصادق وتعادي من تعادي خدمة لمصلحتها لا لمصلحة الدوائر الأجنبية. إن نظام الحركة الشعبية ما هو إلا أداة تحركها أيادٍ خارجية لتخدم مصالحها التي دائمًا ما تأتي ضد مبادئ الشعوب الحرة التي ترفض الذل والانكسار، إن اتفاقية نيفاشا في كل مراحلها منذ توقيعها وحتى لحظة دخول جيش الحركة منطقة هجليج لم يجنِ منها الشعب الجنوبي غير الجوع والتصفية لقياداته التي فهمت حقيقة الحركة التي قضت عليهم في مؤامرات دنيئة، وتوصلوا لأن سياسات الحركة تهدف إلى قتل الإنسان في الجنوب وليس إحياءه كما يدعون، وإلا فلماذا أوقفت الحركة ضخ البترول شريان الحياة لذلك المواطن إن كان يجد منه حظاً بعد أن تمتلئ جيوبهم، ولمصلحة من تعادي الحركة الشعبية دولة السودان؟. إن الحركة الشعبية التي دخل جيشها الأراضي السودانية في هجليج بعد أن كان قادتها يحلمون بأن تطأ أقدامهم جوبا وكل أرض الجنوب ومدنها الكبرى يوم أن كانت تجلجل في أحراشها صيحات التهليل والتكبير الصادرة من حناجر إخوان علي عبد الفتاح وأبي دجانة وعبيد ختم. إن نيفاشا هي التي أوردتنا إلى هذه المهالك والمطبات المذلة التي ذقنا فيها مرارات باقان وسلفا كير وغيرهم، هذه الاتفاقية التي أخرجت قواتنا المسلحة ومجاهدينا الذين لم تهزم طلعاتهم في شبر من أرض الجنوب وخرجوا منها بفعل نيفاشا التي سلمت مفاتيح الجنوب للحركة الشعبية ربيبة أمريكا وإسرائيل وهي التي قبضت الثمن مقدماً على حساب أرض الجنوب وموارد شعبها الذي فطن إلى ذلك ولن يسكت بعد هذا اليوم. إن النفرات التي خرجت من جموع الشعب السوداني لهي كافية وأكثر ليس لأن تسترد هجليج فقط، بل لتزلزل أركان حكومة الحركة الشعبة التي تتداعى عليها الثورات الداخلية من كل حدب وصوب. الآن وبعد أن دخل جيش الحركة الشعبية إلى هجليج وفر منها امس مدحورا مهزوما نقول إن الحركة ومن وراءها قد أعلنوا أولى حلقات مسلسل تنفيذ مخطط السودان الجديد، وهذه هي اللحظة التي نقول فيها إنه قد حان الوقت الذي يجب أن نطوي فيه كل ملفات التفاوض والحديث السياسي الودي مع باقان ومن هم على شاكلته، وأن نتعامل معهم باللغة التي تناسبهم ويعرفوننا بها في أيام قد خلت وحان وقت عودتها. وإن لم نفعل ذلك فما علينا إلا أن نفتح الباب مشرعاً لهم ليحققوا أمنيتهم التي طالما حلموا بها في تلك الأيام الخالدة بأن يشربوا الجبنة في شندي بعد أن شربوا البيرة والوسكي والكونياك في جوبا. عقب دخول الحركة الشعبية إلى هجليج تناقلت وسائل الأنباء الأخبار بأن منظمات المجتمع المدني وعلى رأسها الأممالمتحدة قد أدانت ما أقدمت عليه الحركة الشعبية وطالبتها بالانسحاب منها، ولكن ما يفرض نفسه من الأسئلة هو لماذا دخلت الحركة هجليج؟، ومقابل ماذا ستنسحب بضمان تلك المنظمات. نحن نفهم أن الأممالمتحدة هي أمريكا وإسرائيل ومجلس الأمن هو أيضاً أمريكا وإسرائيل وهذا يعني أن امريكا هي صاحبة القرار في المجتمع الدولي وأمريكا التي تفرض علينا حظراً اقتصادياً عطلت بموجبه مصانعنا وطائراتنا هل ننتظر من جانبها أن تصدر ما يشفي غليلنا تجاه الحركة الشعبية؟ لا أتوقع ذلك. نحن الذين من قبل قلنا لا لأمريكا وطغيانها ولم تمسك عنا الهواء، ولنرد كرامتنا أيها السادة تلك التي مرمطتها الحركة الشعبية علينا أن نطلق يد قواتنا المسلحة ومجاهدينا ونوفر لهم الدعم المادي والمعنوي الكامل، ولتلقينا بعد ذلك أمريكا إن كان تدبير الكون بيدها في الجحيم.