كثيرون أولئك الحذرين من ان يتحول هذا الانتصار الكبير على الجيش الشعبى لتحرير السودان الى هزيمة ماحقة على مائدة التفاوض عندما يسمعون بان ثامبيكى سيزور السودان يوم الجمعة لبحث فتح ملف التفاوض مع عصابة الحشرة الشعبية التى تحكم شعب الجنوب المغلوب على أمره، ان معركة هجليج احتلالاً وتحريرًا وتداعياتها الداخلية والخارجية بحاجة الى تأمل واستنباط الدروس والعبر، والذكاء السياسى يكمن فى استثمار النصر لا تحقيقه فحسب، ذلك ان العبقرية السياسية ان وجدت ربما تكسب بحسن استثمارها لما تحققه من نصر عسكرى عشرات اضعاف ما يمكن ان تحققه البندقية، والقتال ليس مقصودًا لذاته ذلك لأن البندقية فى خدمة السياسة، والصراع بعد انجلاء معركة هجليج صراع عقول بين استثمار النصر واستثمار الهزيمة، فالحركة الشعبية تريد استثمار هزيمتها الماحقة وتحولها لنصر سياسي، وفى قراءة للخريطة الذهنية للعقل السياسى للحركة الشعبية يمكننى القول بانها ستعمل على استثمار هذه الهزيمة على النحو التالي: 1/ القول بانها انسحبت استجابة لنداءات اممية فهى عضو محترم ومنضبط فى الاممالمتحدة وهى الاحرص على الحفاظ على الامن والسلم الدوليين وهى الضحية التى ارادت فقط ان تقرص الخرطوم ليبلع سلفا كير كل عنترياته بعدم الخروج ويتراجع عن دعاواه بأن هجليج جنوبية!! وقناة الجزيرة تمضى فى تصوير هذا الموقف ورسمه وفقًا لريشة الحركة الشعبية فتصور آليات عسكرية فى طريقها الى الجنوب بهدوء شديد فليس هنالك اى مطاردة ولا قصف تتعرض له، وقناة الجزيرة هذه كل يوم تزداد حيرتي فيها ولنا عودة مع قناة الجزيرة والثورات العربية!! 2/ الحركة الشعبية تريد ان تستثمر تصريحات قادة الخرطوم فتتخذ من مصطلح «الحشرات» الذى اطلقه رئيس الجمهورية على عصابة الحشرة الشعبية لتجعله منطلقًا فى تجييش الشعب الجنوبى «المغلوب على امره» فى معركة الدفاع عن سلطتها وكرسيها لتحرف القول وتذهب الى ان البشير قال الجنوبيين حشرات. 3/ الحركة الشعبية تعمل على الزج بهجليج فى أتون التدويل فتطالب بالتحكيم الدولي فى منطقة هجليج وقبل ان يكتمل نشر هذا الخبر عبر وكالات الأنباء كانت امريكا تبارك هذه المطالبة!! 4/ الحركة الشعبية تريد استثمار خطاب النائب الأول لرئيس الجمهورية لتقول ليس فى الإسلاميين معتدلون فالكل متطرف وهذا نظام يجب اسقاطه فورًا لأن عقلاءه اصبحوا مجانين!! ، ولا تدرى الحركة الشعبية حجم الخطأ الذى وقعت فيه باحتلالها لهجليج وكانت تظن ان هذا الاحتلال مجرد نزهة يمكن بعده ان تعود المياه لمجاريها وان تبقي على بعض صلاتها، والنائب الأول عندما يقول خطابًا مدنيًا فى مؤسسة مدنية يتجاوز به كل الخطابات العسكرية من ناحية تسلسله المنطقى وصلابته ورسائله الذكية المتعددة لجهات عدة على الحركة الشعبية ان تعلم أن الأمر جد لا هزل فيه وأنها غضبة حليم لا تهدأ الا بسقوط نظام جوبا!!. 5/ الحركة الشعبية تعمل على استثمار الدعوة التى اطلقها النائب الاول باعلان حالة الطوارئ على الحدود مع الجنوب واستخدم مصطلح ( shoot to kill ) فى مواجهة التهريب للسلع الى ارض الجنوب لتقول ان هذه الدعوة تعنى الإبادة الجماعية البطيئة لشعب الجنوب فتتخذ من هذه الدعوة مدخلاً لاستعطاف المجتمع الدولى وكذلك لتجييش الشعب الجنوبى «المغلوب على امره» ضد السودان. وكل دولة لها سيادة تقيم علاقات تجارية مع من تشاء وتقاطع من تشاء وفقًا لما يحقق مصالحها الإستراتيجية وإلا فأمريكا بحصارها للسودان تسببت فى اسقاط عدد من طائرات سودانير وتسببت فى تدمير السكة حديد وتسببت فى كثير من الازمات الاقتصادية والانسانية التى ظل يعانى منها السودان وباقان اموم وياسر عرمان فى الكونغرس الأمريكي يطالبان بعدم رفع هذا الحصار !! ثم «تولول» الحركة الشعبية عندما يقرر السودان ان لا يبيع لها ولا يشترى منها!! 6/ الحركة الشعبية ستعمل على استثمار هزيمتها باستجداء الدول المسماة بالكبرى وحلفائها فى الاقليم بتبرير هزيمتها بالتفوق العسكرى للسودان لتقول يجب تزويدي بسلاح طيران ومضادت متطورة للطيران وسأدخل الخرطوم في أسبوع والحركة الشعبية مخلب القط الصهيونى فى المنطقة تطلب من اسيادها الآن رفع قدراتها القتالية. هذه بعض ممرات الخريطة الذهنية للعقل السياسى للحركة الشعبية التى تريد بها ان تستثمر هزيمتها الساحقة وتحولها الى نصر وفى الحلقة الثانية اتحدث عن ممرات الخريطة الذهنية لحكومة السودان التى يمكن ان تعزز بها النصر وتحوله الى نصر أكبر ليس فى هجليج فحسب ولكن فى جوبا بل ودول الإقليم.!!