الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.. هكذا تعبر المقولة الشعبية عن أهمية الصحة لدى الإنسان، كما أن نعمة الصحة تعتبر من النعم التي يجهل قيمتها كثيرٌ من الناس ولا يدرك أهميتها إلا حينما يفقدها، ولكن على الرغم من كل ذلك الملاحظ أن الدولة تجعل الاهتمام بالصحة في مؤخرة اهتمامها، كما هو الحال لدى شريحة الأئمة والدعاة وقضية التعليم وتطوير العمل الزراعي والحيواني، وشهد مستشفى كريمة بمحلية مروي بالولاية الشمالية حالات وفاة لنساء في حالة وضوع جئن للاحتفال بالقادم الجديد للحياة غير أن نومتهن كانت النومة الأخيرة، حيث لم تفق واحدة من الحالات من البنج بعد الولادة وهي المتوفاة «حواء المقبول سيد أحمد» إلى أن تم إعلان مفارقتها للحياة، بينما أفاقت الثانية «سلوى إلياس» من بنج التخدير لمدة ساعة ثم غادرت الفانية، في الوقت الذي خرج فيه أطفالهن للحياة بصحة جيدة. وترى أميمة المقبول شقيقة المتوفاة حواء المقبول أن شقيقتها كانت بالخرطوم تتابع مع اختصاصي النساء والتوليد الدكتور علي عثمان غير أنها طلبت منه منحها الإذن للسفر إلى كريمة قرية «الكرو»، وتشير أميمة إلى أن الطبيب سمح لها بالسفر وأرفق معها التقرير الذي يوضح حالتها وحدد إعطاءها «بنج نصفي» لمعاناتها من مرض الربو الشعبي، وتشير أميمة في حديثها ل (الإنتباهة) إلى أنهم طلبوا من الطبيب ألّا يعطيها بنجًا كاملاً بحسب توصية الطبيب الذي تابعت المريضة معه، غير أنها أعطيت بنجًا كاملاً، إلى ذلك فقد تقدَّمت أسرة الراحلة «حواء» بشكوى رسمية لوزير الصحة بالشمالية بعد الوفاة، وتحصلت «الإنتباهة» على نسخة منها جاء فيها أن الراحلة أُدخلت مستشفى كريمة بغرض الولادة وبعد العملية أخبروهم أنها وضعت طفلة ثم بعد ساعتين أخبروهم بالوفاة، وعندما جلسوا مع اختصاصي النساء أوضح لهم أنها أعطيت بنجًا كاملاً بحجة أن فني التخدير قرر ذلك لارتفاع الضغط، واستنكرت الشكوى إجراء العملية في ظل ارتفاع الضغط، وأشارت إلى أن الحالة لم تكن مستعجلة وكان بالإمكان تأجيل العملية لحين انخفاض الضغط، وجاء في تقرير المدير الطبي لمستشفى كريمة والذي تحصلت (الإنتباهة) على نسخة منه أيضًا «أن الراحلة أُدخلت المستشفى لإجراء عملية قيصرية مبرمجة، وكانت حالتها الطبية جيدة متمثلة في استقرار وظائفها الحيوية كما خضعت لكشف ما قبل العملية بواسطة م. تخدير (...) والتي قررت تخديرها ببنج كامل مناسب لتاريخها المرضي حيث كانت تعاني من ربو شعبي مزمن وأيضًا لارتفاع ضغط الدم لديها قبل العملية وبعد العملية حاولت م. تخدير إفاقة المريضة من البنج لكنها لم تستجِب ثم تدهورت وظائفها الحيوية وحدث لها ارتفاع شديد في ضغط الدم مع نقصان نسبة الأكسجين في الدم وأعطيت أدوية لخفض ضغط الدم مع محاولة لتنبيه المريضة ولكنها لم تستجِب لذلك، وفي الأخير خضعت للإنعاش القلبي الرئوي ومن ثم أعلنت الوفاة، كما تحدَّث ل (الإنتباهة) مبارك عبد الكريم من قرية البخيت بمدينة كريمة وهو زوج المتوفاة «سلوى إلياس» مشيرًا إلى أنهم ليس لديهم اعتراض في حكم المولى عز وجل ولكن ما يريد إيصاله من رسالة هو ما لاحظه من عدم اهتمام بالمريض من قبَل الممرضين خاصة الذي تُجرى له عملية، حيث إنه يحتاج إلى رعاية معيَّنة بعد العملية، مشيرًا إلى أن هذا لم يجده في مستشفى كريمة، موضحًا أن المتوفاة كانت حالتها جيدة قبل يوم العملية وبعد العملية، ثم بعدها دخلت في حالة استفراغ مع العلم أنه تم إعطاؤها بنجًا نصفيًا، وطالب عبد الكريم بوضع ضوابط للزوار حتى لا تأتي زياراتهم بنتائج عكسية للمريض. بينما أوضح الدكتور أسامة عابدين عبد الرحيم المدير الطبي لمستشفى كريمة أنه لا يمكن الجزم بعدم وجود أخطاء ولكن لا يوجد خطأ طبي واضح في هذه الحالة، موضحًا أنه بعد الوفاة تم عقد اجتماع لمناقشة الأمر وتمت كتابة تقرير بما حدث كما أن وزير الصحة بالشمالية كوّن لجنة تحيق ولم تكتشف نتائج التحقيق حتى الآن، أما الحالة الثانية فقد سافر الاختصاصي لظروف أسرية بعد العملية ولم يحدث تحقيق وسيعود الاختصاصي خلال الأيام القادمة، وأوضح المدير الطبي في حديثه ل (الإنتباهة) أن ما يعاني منه المستشفى هو النقص في كادر اختصاصيي التخدير والذي تشرف عليه حاليًا تقني تخدير، مشيرًا إلى أن المستشفى يتم تسييره بواسطة العون الذاتي والمتمثل في إيرادات المستشفى، موضحًا أن أكبر مشكلة تواجِه المستشفى كذلك هي النقص في الكوادر وتعاقد المستشفى مع اختصاصي الجراحة عبر العون الذاتي «إيرادات المستشفى» كاشفًا عن العدد الذي يتحمل المستشفى دفع رواتبه والذي يصل إلى أكثر من «31» كادرًا، وأضاف: «ما تم صرفه من إيرادات المستشفى للتسيير وصل إلى عشرة آلاف جنيه في شهر مارس الماضي فقط ويصل دفع الكهرباء إلى حوالى ألف جنيه أسبوعيًا» وأردف: أن النقص الذي يؤثر على جودة الخدمة الطبية هو النقص في معدات المعمل، مشيرًا إلى أن المعمل يعاني من نقص في بعض الأجهزة الخاصة ببعض الفحوصات المهمة مثل «فحص وظائف الكبد أملاح الدم». عمومًا يبقى أمر الاهتمام بالصحة مقرونًا باهتمام الدولة بهذا القطاع والذي لا يتجاوز الدعم فيه «2%» الأمر الذي دعا وزير الصحة الاتحادي أن يطالب برفع الدعم إلى «8%»، فما أكثر المحن وما أقل المعتبرين.