حاولت.. وحاولت.. وحاولت.. منذ آماد بعيدة.. ومتطاولة وما زلت أحاول وأجتهد في المحاولة لعلِّي أقع على السر في أن الإنقاذ لا تفهم.. أو لا تستطيع أن تفهم أو لا تحاول أن تفهم. أشياء كثيرة يستعصي فهمها على الإنقاذ.. سأكتفي منها بعشرة أشياء أو دون ذلك قليلاً.. أول هذه الأشياء أن الإنقاذ تنسى أو لا تفهم مدلول الاسم الذي اختارته لنفسها.. يجب أن تعلم الإنقاذ وأن تفهم أن إنقاذك شخصاً ما يعني أن تحُول بينه وبين الغرق.. أو الحرق.. أو الموت.. أو الفقر.. أو المعصية.. أو الجهل.. أو... أو... يعني تنقذه من بلاء أو من شر أو من معصية.. وتسوقه إلى نعمة وإلى خير وإلى طاعة.. وحتى تفهم الإنقاذ وتستدرك على نفسها أرجو أن تتأمل الإنقاذ أية نعمة كنا فيها عشية 30 يونيو 1989م وأي خير كنا فيه وأية طاعة.. أرجو أن تحاول الإنقاذ أن تفهم!! ثاني هذه الأشياء أن الإنقاذ فيما يبدو لا تفهم مدلول القول المأثور النعم أوابد ويقودها الشكر.. وهو قول يصدقه القرآن «ولئن شكرتم لأزيدنّكم».. والإنقاذ نعمة أنعم الله بها على أهل السودان.. وشكر أهل السودان النعمة. وقدموا لها كل شيء السند السياسي.. والسند العسكري.. وقدموا المجاهدين والشهداء.. وصبروا واحتسبوا.. وقبلوا أدنى ما يمكن أن تقدمه الإنقاذ.. ولم يطلبوا المزيد من شيء إلا من الإسلام.. والاحتكام إلى شريعة الرحمن.. ولكن أهل الإنقاذ عجزوا أن يفهموا مدلول أن النعم أوابد وقيودها الشكر. والله أعطاهم السلطة.. ووطّأ لهم أكناف أهل السودان وعطف عليهم قلوب الرعية.. وليس ثمة شكر لهذا أكمل وأشمل من الإحسان إلى الرعية.. وليس هناك ثمة إحسان أكمل وأشمل للرعية من الإحسان إليها في أمر دينها أولاً ثم في أمر دنياها ثانياً.. وأرجو أن أسأل أهل الإنقاذ.. إن كان قد بقي لهم بقية من فهم: هل أحسنتم إلى الرعية في دينها وفي دنياها؟ لوشئت لأجبتُ عن السؤال.. والأمثلة والنماذج لا تعدُّ ولكن لو أجبتُ فإن الإنقاذ لن تفهم أو سوف ترفض أن تفهم.. لذلك أترك الإجابة لأهل الإنقاذ وكلهم خالٍ إلى نفسه في لحظة صدق مع الذات ومع الله.. وثالث الأمور التي لا تفهمها الإنقاذ مع أنها مفهومة يُحسنها أيما طفل يُحسن الوضوء. ألم تسمع الإنقاذ دعاء عجائز الأمة من أهل السودان وهم يتوجهون بالدعاء بلغتهم البسيطة غير المعقدة وبدون تقعر وبدون تفتق. «الله يولي من يصلح» ألم تسمع الإنقاذ دعاء المخبتين من الذاكرين والذاكرات والقانتين والقانتات والقائمين والقائمات يدعون أو يؤمِّنون «اللهم ولِّ علينا خيارنا ولا تولِّ علينا شرارنا» «ألم تسمع قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من استعمل على قوم رجلاً وهو يعلم أن فيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله رسوله وأمانة المسلمين».. ثم قال رجلاً ولم يقل أمرأة.. ألا تفهم الإنقاذ أن للولاية وللوزارة شروطاً مثلما للخلافة شروط وخصائص يجب أن تتوفر .. ألم تقرأ الإنقاذ في كتاب الله سبحانه وتعالى إن من صفات الولاية أو الوزارة القوة والأمانة. «يا أبت استأجره أن خير من استأجرت القوي الأمين» تشترطها ابنة الرجل الصالح شعيب في راعي غنم ولا تشترطها الإنقاذ ولا تراها ضرورة في والي ولاية ولا في وزير اتحادي!! الإنقاذ لا تشترط في هؤلاء السن ولا الخبرة ولا العلم ولا العدالة «الجامعة لأحكامها» ولكنها تشترط فيهم الانتماء الحزبي أو التمرد.. وأحياناً لا بأس أن يكونوا تجارًا مثل صاحبنا ذي الانتماء الحزبي التقليدي الذي لهف من المستثمر الأجنبي «50» مليون أهيف أمريكي وليس سودانيًا وأحياناً لا مشاحة في أن يكون علمانياً ويُستحسن أن يكون من الذين يجيدون فهم التعابير السوقية مثل «تكسير الثلج» ولكن هنالك من يجيدون فهم الإنقاذ أكثر مما تجيد الإنقاذ فهمهم فيُدلون بعلمانيتهم أو على أقل تقدير لا يخجلون منها. رابع هذه الأشياء أن الإنقاذ لا تفهم حتى هذه اللحظة مدلول «أصل المسألة» لا أقصد أصل المسألة العمود اليومي الذي أكتبه في «الإنتباهة» بل أقصد أصل المسألة الحكمية المتعلقة بالسياسة الشرعية. فالإنقاذ حتى يومنا هذا ليس لها سياسة شرعية بمعنى أن الإنقاذ لا تؤصل لبرامجها ولا لمواقعها ولا لاختياراتها..الأحكام في الإنقاذ ليس لها أصول.. وليس لها نصوص.. الإنقاذ حتى يومنا هذا وبعد أن تعاقب على الديوان أربعة أو خمسة أمناء لا تفرق ولا تقر بأن هناك فرقًا بين زكاة المال الظاهر وزكاة المال الباطن «وكله عند العرب صابون» والأمر ليس مطروحاً للبحث ولا للنقاش.. ولا للفهم. الإنقاذ حتى يومنا هذا ليس لها سياسة شرعية خاصة بالمرأة .. ولا بالأسرة.. الأممالمتحدة.. وجمعية بابكر بدري.. وآمنة عبد الرحمن.. والأهيف الأمريكي.. هم المشرِّعون للأسرة دون سواهم.. ووزارات الدولة وهيئاتها ومجالسها التخصصية.. بل حتى بعض آليتها الأمنية أو العدلية إنما هي تبع للأربعة المذكورة أعلاه.. بل إن ملك الملوك الPornograph حل في يوم من الأيام ضيفًا على السودان VIP واستُقبل ومجِّد وباع الكوندوم واشترى الذمم وحاضر وأنشأ الفروع للمملكته الخبيثة.. تصوروا المؤسسات الصحية في أعلى المستويات والمؤسسات الاجتماعية في عهد دولة الشريعة تحتفي وتستقبل وتمجد ملك ملوك الدعارة في العالم.. ألم أقل لكم إن الإنقاذ لا تفهم.. ولا تريد أن تفهم وربما الإنقاذ «موش فاضية» ومشغولة بما هو أهم والأهم هو أن يجلس إخوة الكفاح والسلاح في مناصبهم وفي «إنقاذياتهم» المستقلة.. وفي أبراجهم الحصينة كل عمر الإنقاذ .. أو كل عمر السودان.. الإنقاذ لا تفهم ولا تريد أن تفهم أن ليس في الإسلام شيء اسمه Family Planning لأن هذا المصطلح لا يُترجم ترجمة حرفية بل يُترجم ترجمة مقاصدية إن صحت العبارة فترجمته تحديد النسل. وهذه حكاية طويلة اسألوا عنها المثنى الفحل.. وشركة DKT وداخلية علي عبد الفتاح التي حطمت طالباتها الصيدلية المجاورة لها لأنها تبيع العازل الذكري بدون روشتة. الإنقاذ لا تفهم حتى الآن أن العازل الذكري لا يمكن أن يباع OTC يعني بدون وصفة طبية.. لأن العازل الذكري لا يجب أن يستخدمه إلا المتزوجون.. الأسر.. وليس الشباب وليس الشابات.. ولا الطالبات.. وذلك لأن العازل الذكري لا يحمي من الإيدز.. ولا يمنع الحمل ليس الأمر على إطلاقه .. ولا فيه ضمانة مطلقة. إن الحاجة الحقيقية لاستخدام العازل الذكري لمنع الإصابة بالإيدز لا تكون إلا في حالة إصابة أحد الزوجين بالإيدز عن طريق نقل دم بالخطأ أو تلوث معدات طبية وهذه حالات لا تتعدى واحد في المليون. أما استخدام العازل الذكري ليحمي الزناة من الإصابة بالإيدز فهذه دعارة.. والحجة واهية وهي تقليل اللقطاء.. كما يقول الكودة. إن الأسرة التي تضطر إلى استخدام العازل الذكري يجب أن تستخدمه تحت إشراف طبيب.. وذلك في حالات طبية تتعرض فيها الأم لمخاطر تهدد حياتها أو صحتها.. وليس في الإسلام شيء اسمه تحديد النسل.. والشواهد والنصوص متوفرة.. ولكن من أين لي بالورق.. والمداد.. والوقت.. والحيز الصحفي لأشرح هذا للإنقاذ علّها تفهمه.. مع أن المجلس الوطني قد فهمه وتصدى للوزيرة.. ورفض أن يجيز السياسية المبنية على الاعتراف بالعازل الذكري وسيلة من وسائل الحماية من الإيدز.. وأخيراً وليس آخراً وقبل إكمال العشرة أشياء.. لماذا ترفض الإنقاذ أن تفهم مدلول حرمة مال المسلم؟ إن جباة الإنقاذ رجال بلا وازع.. ولا خلق.. ولا دين.. ولا مروءة.. ولا عقل.. ولا حياء. إن الذي يحدث في أمر المال في الإنقاذ ليس جباية للمال وفقًا لأحكام السلطان أو القرآن أو الرحمن إنما وفقاًَ لتلبيس وتزييف الشيطان.. أرجو أن تحاول الإنقاذ أن تفهم.. أن تجتهد .. وتسأل وتحاور وتقرأ.. وتفكر.. أرجو ألا تكون الإنقاذ آخر من يعلم وآخر من يعتبر. ويجب أن تفهم الإنقاذ أنه ليس هناك اختراع حقيقي اسمه الفهامة.. هو فقط كان من سخريات الكريكاتيرست صلاح جاهين .. الفهامة الحقيقية هي .. الغرغرة.. أو ثورات الربيع. أحذروا الربيع.. يا أهل الإنقاذ.. هل تفهمون ما معنى الربيع؟