لن يختلف اثنان على أن رفع الدعم عن المحروقات له تأثير كبير على الأسعار وذلك لاعتماد القطاعات الإنتاجية عليه بصورة كبيرة خاصة القطاع الزراعي، فكثيرًا ما أعلنت الدولة في الفترات السابقة عن اتجاهها لرفع الدعم عن المحروقات ولكن سرعان ما تتراجع عن القرار خاصة أنه يحمل المواطن الكثير، فخلال العام «2011» أعلن البرلمان رسمياً استمرارية الحكومة في دعم المحروقات، وأوصد المجلس الباب أمام أية زيادات محتملة في أسعار البنزين.. وكشف عن توصل اللجان البرلمانية ووزارة المالية لاتفاق بشأن استمرارية دعم المحروقات.. وتقديم المالية جملة من البدائل والمقترحات التي وصفها بالعملية، لسد العجز في الموازنة الجديدة، ودعا إلى إيجاد دراسة اقتصادية جديدة لرفع الدعم الحكومي تدريجياً عن أسعار المحروقات، وتوظيف دعم المحروقات لدعم الشرائح الضعيفة في المجتمعات، ولكن هذه المرة اختلف الأمر قليلاً وذلك عقب إعلان الدولة عن رفع الدعم عن المحروقات تدريجياً اعتباراً من مطلع العام المقبل بناءً على طلب من البرلمان. وقال وزير المالية خلال لقائه بعثة صندوق النقد الدولي الخاصة بدراسة إزالة الدعم عن المحروقات: إن مسألة دعم المحروقات تكلف الميزانية العامة للدولة أعباءً كبيرة، مشيراً إلى أن الدعم تستفيد منه الشرائح المقتدرة، وقال بناءً على توصيات المجلس الوطني لإعداد دراسة عن كيفية إزالة الدعم تدريجياً عن المحروقات ابتداءً من العام «2013» وذلك بدعم من الصندوق الدولي وذلك بتحديد فترة زمنية لإزالة الدعم تدريجياً والسياسة المطلوبة في هذا المجال مع إعطاء أهمية قصوى لبناء شبكات الضمان الاجتماعي للإسهام في تخفيف الآثار السالبة على الفقراء والناجمة عن رفع الدعم عن المحروقات، في السياق أعلن صندوق النقد الدولي النظر في دراسة وضع السودان والمعالجات التي وضعتها البعثة للعديد من الدول الأخرى الشبيهة بالسودان بجانب نقل التجارب الجيدة في هذا المجال ووعد بدراسة الأمر وإعطاء تقرير خلال شهر ونصف حول الموضوع. ويرى مراقبون وخبراء أن رفع الدعم عن المحروقات يؤدي لتوقف الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار المدخلات وهو ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي حسين القوني في حديثه ل (الإنتباهة) موضحًا أن رفع الدعم سيؤدي إلى مضاعفة تكاليف المعيشة ومن ثم نتائج اجتماعية واقتصادية غير مرغوبة وذلك لارتباط حياة الناس بالوقود بصورة كبيرة ويمثل نسبة معتبرة في مدخلات الإنتاج، مبينًا أن مبدأ رفع الدعم المقصود به تحسين وضع الميزانية وفي نفس الوقت له تأثير على الإنتاج الزراعي برفع أسعار النقل، مما سيكون له أثر سلبي على الشريحة الأكبر بالسودان، مشيرًا لتوقف عدد كبير من المزارعين عن الإنتاج بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وقال: لا بد من وضع السياسات المناسبة لرفع الإنتاج والإنتاجية، وفيما يخص دعم البنك الدولي قال إن نظرته سياسية أكثر من كونها واقعية بالنسبة للاقتصاد والقطاعات المكونة للمجتمع خاصة في الدول الفقيرة، وأضاف: يجب أن تتم دراسة المسألة بواقعية وحرص شديد مع الأخذ في الاعتبار كل النتائج المتوقعة من رفع الدعم عن المحروقات.. وانتقد الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب تصريحات المسؤولين عن زيادة الأسعار، مبينًا أنها غير مدروسة كزيادة المحروقات والكهرباء، مؤكدًا أنها ستؤدي لارتفاع أسعار الضروريات والعملات الحرة مرة أخرى، ويرى المراقبون أن رفع الدعم عن المحروقات نافذ لا محالة.. وطرحوا تساؤلاً حول الكيفية التي تمكن خبراء صندوق النقد الدولي المكلفين بدراسة من رفع الدعم تدريجيًا عن المخارج التي سيضعون الشعب السوداني في حالة بحث عنها عندما يصبح الأمر واقعاً.. والشائع والمعروف أن رفع الدعم عن المحروقات يعني ارتفاع الأسعار، ولكن ذلك واقع الحال السوداني الفاقد للسيطرة، ورغم التأكيد المتكرر للحكومة أن رفع الدعم ستذهب نصف قيمته من أصل «ستة مليارات ونصف» لدعم الشرائح الضعيفة إلا أن مخاطر الضرر على معظم فئات الشعب مؤكدة لضعف قاعدة الضمانات، وعدم الثقة في المؤسسات التي دائماً ما تكون قاصرة عن أداء المهام المستدامة لها.