عندما انتفض الشعب الليبي في ثورة عارمة ضد نظام القذافي الظالم والمتجبر تفاجأ القذافي بها لأن السلطان قد أعمى بصيرته من عنت شعبه جراء السياسات الخاطئة التي كان يمارسها في حكمه فطفق يرغى ويزبد ويهدد بملاحقة الثوار في الصحراء والدور السكنية والشوارع وزنقة زنقة فسبحان الله قد تبدلت الزنقة من المكان إلى الحالة التي يعيشها الآن.. اشتعلت الثورة وعمت كل أرجاء الجماهيرية وكان الثوار يعتمدون على الأسلحة الصغيرة وتعوزهم الخبرة القتالية في مواجهة كتائب القذافي التي تمثل جيش دولة ولكن الصبر والإيمان والإرادة القوية للثوار كانت الدافع لمواجهة ترسانة القذافي وإن الظلم والجبروت والمعاناة بكل صنوفها كانت محرك دولاب الثورة. لم يتعلم القذافي من التاريخ الذي سطر في صفحاته كيفية زوال الأنظمة الحاكمة التي جارت على شعوب وفات عليه أن القوي الجبار يمهل ولا يهمل. لم يتعظ بما حل بإرم ذات العماد وما حل بفرعون مصر والشاهن شاه محمد رضا بهلول وثورة أكتوبر عام 1964م التي فجرها الشعب السوداني معلم الشعوب وثورة السادس من رمضان عام 1985م ضد حكم النميري في السودان وحديثاً ثورة الشعب التونسي التي أطاحت زين العابدين بن علي وثورة الشعب المصري التي اكتسحت نظام الدكتاتور الفرعون محمد حسني مبارك.. لقد فات عليه أن ثورات الشعوب المظلومة لن تطفئ جذوتها الدبابات والمدفعية والراجمات وقذائف الطائرات. لقد وجدت ثورة الشعب الليبي مناخاً طيباً فاعترفت بها حكومات العالم بأنها تمثل الشرعية في ليبيا وإن نظام القذافي قد فقدها ودارت عليه الدوائر فتمكن الثوار من الإمساك بزمام الأمور في الميدان للدعم المعنوي واللوجستي العالمي واكتساب الخبرة القتالية وانضمام عناصر عسكرية لهم بعد انسلاخها من كتائب القذافي تسببت في رفع كفاءتهم في الميادين والسيطرة على المواقع والمدن الإستراتيجية التي تتحكم في إدارة المعارك مما أدخل نظام القذافي في زنقة تفوق زنقة الكلب في الجزارة وزنقة كلب أكل الدريش اللهم حوالينا ولا علينا ولا شماتة ولكن هو مصير الظالمين والمتجبرين الذين يهينون عباد الله في الأرض. لقد أتيحت الفرصة للقذافي أن يغادر الديار إلى أرض الله الواسعة ولكنه آثر انتظار انتصار نظامه ولكن هيهات فقد فات الأوان وبلغت الروح الحلقوم بعد أن طالت نيران الثوار معقلة في العاصمة طرابلس وهدد مخبأه في باب العزيزية ومواسير نهره العظيم بنيران طائرات وقاذفات حلف الناتو وتقاربت حلقات الحصار واستنزفت قوة كتائبه وهبطت روحها المعنوية ونتوقع أن تنحاز للثوار في القريب العاجل لأن الثور الكبير أوشك أن يقع وتكثر «سكاكينو» نحن في السودان نرجو من القوي الجبار أن يكفينا شره بهزيمته وزوال حكمه الذي أزعجنا وأزعج دول الجوار وأن يلحق برفيقه الفرعون محمد حسني مبارك في إهانته وذله وانكساره ليكون عظة وعبرة للأنظمة الحاكمة في العالم العربي والإفريقي التي أذاقت شعوبها سوء العذاب وكممت أفواهها وافقرتها ومكنت الجهل والمرض في صفوفها ونهبت أموالها وثرواتها وأبعدت كوادرها الوطنية النظيفة من إداراتها وتسببت في هجرتها من الوطن أو تركها في العراء حتى شاخت وأسندت أمور الوطن للجهلاء واللصوص فصارت دفة الحياة في أيادي غير أهلها. إن الربيع العربي لن تغيب شمسه بزوال القذافي وعلي عبد الله صالح وبشار الأسد بل ستشرق شمسه مجدداً في الدول التي لا تصون حقوق المواطن المتعددة وإن الزمن يتسارع إذا لم تعد تلك الأنظمة الحاكمة حساباتها في إدارتها لشعوبها والابتعاد عن بريق السلطان حتى لا تعض أصابعها بعد فوات الأوان لأن ثورة الشعب عندما تندلع ويفور تنورها فلا عاصم لها حينئذ. والله من وراء القصد وهو المستعان