ينظر البعض إلى العلاقة بيننا وبين دول الغرب وتحديداً الولاياتالمتحدة من زاوية المصلحة المجردة التي تقتضي منا وفي سبيل تحقيق هذه المصلحة أن نطبع علاقتنا معهم حتى نخرج من الضائقة الاقتصادية التي تمر بها البلاد كما يقولون وحتى نجعل شعبنا يعيش في رفاه من العيش ورغده، إلا أننا لا ندري ما الذي يعنيه هؤلاء بعبارة التطبيع مع أمريكا، هل يعنون بهذا أن نصبح دائرين في فلكها بلا انفكاك عنه ونحن أمة ذات قيم ومبادئ ودين أعزه الله عز وجل (الله العزة ولرسوله وللمؤمنين) صدق الله العظيم وأمريكا لا ترضي لنا ذلك. فيا هؤلاء يجب أن تعلموا أن الشعب السوداني هذا الذي تتحدثون عن معاناته شعب رسالي يدرك جيداً بالرغم من الضوائق التي يجابهها ما هو المخرج الذي تريدون سلوكه حتى تخرجوا به من الضائقة الاقتصادية التي يمر بها، ويعلم جيداً أيضًا أن قيادته الآن لم تترك سبيلاً للتطبيع مع أمريكا إلا أنه لم يجد في ذلك ما يحفظ لهذا الشعب العزة التي وصفه بها الله كشعب مؤمن تعترف به أمريكا وتحترمه. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حقنا كمسلمين لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدًا كتاب الله وسنتي). وقد وضح عن أمريكا في مخططها الإستراتيجي الأول أن تذهب هوية السودان المسلم حتى تخلق بذلك عمقاً بلا هوية لها ولإسرائيل حتى تضمن بذلك خبو المد الإسلامي النابع من السودان إلى بقية دول القارة الإفريقية وهي تعمل الآن بكل جهد لطمس هوية هذا البلد والتي بدأتها بفصل جنوب السودان الذي تستخدمه الآن كمخلب قط لضرب السودان في توجهاته. والذين ينادون الآن بالتطبيع مع أمريكا حتى نخرج من الضائقة الاقتصادية أسوة ببعض الدول التي اتخذوها كمثال، نقول لهم إن الشعب السوداني لن يقبل بتطبيع مع أمريكا أو غيرها من دول الغرب من شروطه التخلي عن توجهاته الإسلامية أيها الباحثون عن متاع دنيوي زائل فيه هلاك لهذه الأمة، فأمريكا ومن هم في مقامها لا يعترفون بتبادل المصالح الاقتصادية المعروفة فقط مع أي دولة من دول العالم الثالث كما يسمونه فهم يرون أن هذه الشعوب شعوب متخلفة يسخّرونها لخدمة مصالحهم فقط مقابل إعطائهم الفتات كأجر لهم مقابل تلك الخدمة تماماً كما يفعلون الآن مع يوغندا ودولة جنوب السودان الوليدة وكلتا الدولتين الآن على قمة قيادتهما أنظمة مليئة بالمتناقضات التي تتعارض مع توجهات الأفارقة كشعب باحث عن التخلص والانعتاق من سلاسل الذل والعبودية في تلك الحقب المظلمة التي سيطر فيها الغرب على القادة فنظام موسيفيني أصبح يشكل خطراً على حياة القادة الأفارقة الذين يزورون يوغندا ونقولها صراحة لنظام دولة الجنوب الذي يتقوى على السودان الآن بيوغندا أين قُتل قائد حركتكم التاريخي جون قرنق وإلى أين وصل التحقيق في حادثة اغتياله أو موته الغامض أم أصدرت لكم أوامر عليا بإغلاق البحث في هذا الملف الذي سوف يضر الخوض فيه بمصلحة شعب الجنوب، أهكذا أيها الداعون إلى التطبيع مع أمريكا تريدون للسودان أن يصبح مثل يوغندا ودولة جنوب السودان كمثال ساقكم إليه خيالكم الغافل عن مبادئنا الإسلامية المتوجه بكلياته نحو الحضارات الغربية الهدامة، وهل نسيتم قول المصطفى عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، نحن أيها السادة أقوياء أشداء بإسلامنا وعزته وأن تبحثو لنا عن المبادئ مقابل التخلي عن مبادئنا فنحن أيها المخدوعون لسنا بضد التطبيع مع من ترون أن مفتاح الرزق والسعادة في أيديهم وإنما نحن مع التطبيع الذي تحترم فيه سيادتنا والذي لا تملى علينا فيه شروط وأجندات تزري بمقامنا عند الله عز وجل ونحن أحرص على أن تكون علاقتنا مع الله عامرة ولا يهمنا بعد ذلك من يرضى عنا أو يغضب والله سبحانه وتعالى قد قال في محكم التنزيل (لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) صدق الله العظيم ونذكركم بأن إرضاء هؤلاء في إغضاب المولى عز وجل وأعوذ بالله من غضب الله.. إن الضوائق التي تقولون إن الشعب في السودان يمر بها وترون أن الخروج منها في يد أمريكا بالتطبيع معها حتى نصبح لديها مثل يوغندة موسيفيني وجنوب سلفا أدوات تحركها كيفما شاءت وأنى شاءت حتى لو كانت هذه التحركات فيها إضرار بشعب الدولتين اللتين هما على قمة القيادة فيها الآن، اغتيال الزعماء وإيقاف الموارد الرئيسة التي يعتمد عليها الشعب، فنحن أيها السادة ننأى بأنفسنا أن نكون كذلك، بل ألف مرحب بغض أمريكا علينا مقابل إرضاء الحق عز وجل، وسنريهم من أنفسنا قوة حتى يرحمنا ربنا وربهم وتحل ضائقتنا الاقتصادية بغير أمريكا التي صورها لكم خيالكم وضعف المد الإيماني في نفوسكم بأنها رب النعم تعطيها من تشاء وتمنعها ممن تشاء، أوبوا إلى رشدكم أيها الإخوة الكرام وتعالوا نبحث سوياً عن المخرج السليم لنا ولشعبنا من ضوائقه بما يرضي الله، وإن كنتم تريدون لنا أن ننقاد وراء مخططات تلك الدول التي ندري مآلاتها، فنقول لكم ماذا جنى الذين انساقوا من قبلنا وراء تلك المخططات من نعيم الدنيا أو رضاء الله وشعوبهم، فأين هو الآن حسني مبارك وماذا كسب من اتباع نظامه للغرب وأمريكا، وماذا جنى القذافي الذي أهدر موارد الشعب الليبي في دفع تعويضات لأسر ضحايا الغرب في حادثة لم يرتكبها الشعب الليبي، نحن نعلم مدى قوة أمريكا التي تتحدثون عنها بزهو واعتزاز قد حيرنا كما تعلمون ولكننا نعلم بأن الله أقوى، ولكم أن تعلموا بأن هذا الشعب الذي تتحدثون عن معاناته يفضل أن يعيش في تلك المعاناة إذا كان المخرج الوحيد منها هو ما تصفون.. ونحن نقول بضمير هذا الشعب نعم للتطبيع وتبادل المصالح مع أمريكا مع احترامها لسيادتنا وتوجهاتنا الحرة فالمصالح معروفة وسواها معروف أيضاً لهذا الشعب الذي تتحدثون عن معاناته ويعي ذلك جيداً، وإلا لما صبر على تلك المعاناة إن كان يرى فيما تصفون خيراً فهذا الشعب يقرأ ما تكتبون ويُخضعه لمقياس العقل والمنطق والإيمان ويتخذ بعد ذلك القرار وما أكثر القرارات التي اتخذها في كل المناسبات التي تعلمونها ونعلمها.