وزارة الخارجية جعلت السخط يسري في دخائل كل نفس، ويهدر في مدارج كل حس، حينما خضعت لأصحاب النحل الخبيثة، والمطامع الخسيسة، الذين استبهم لهم الحق، والتبس عليهم الصواب، لعصبيتهم الممجوجة ومشايعتهم للحركة الشعبية التي ملكت الألباب، واستحوذت على الإعجاب، بتعديها السافر وحربها الضروس على الإنقاذ التي نمت غواشي اليأس في محق جرثومتها واجتثاث شأفتها، فقد استعصى على الغرب هدم معبد هذا النظام الذي خرج عن ذمته، ونكب عن دينه ورفض أن يكون قطيعاً يُسام، الأمر الذي جعله حظية بالتأنيب، مستحقاً للتعنيف، فشدّ عتاةُ الغرب على يد سلفا كير، وأوروا زنده، وسلفا كير الأنوك الذي سما طرفه وطمح بصره لاجتياح هجليج بل وتحرير السودان قاطبة من الرسالة الخاتمة وجعلها ربعاً أوحش بعد أنس، وروضاً صوّح بعد بهجة، وشملاً تبدد بعد اجتماع، نسي من وقرته الأمور، وضرسته الدهور، جيشنا الذي ذكى من حسيكتهُ، وأوغر صدره ببسالته وشجاعته التي سارت بذكرها الركبان. ونسى عرصة الغي، ومنبع الجحود، من يأمن السرب، ويحصّن البيضة، ويسكّن الدهماء، ولكن الغرب البغيض لم يغفل عن أبناء الكريهة، وخواض الغمرات، الذين بزوا من ناضلهم، وأتعبوا من راهنهم، فلجأ لكبح جماح صولاته بالاتفاقيات التي تصب في مصلحة من كفروا بالصنيعة، وجحدوا الآلاء، الحشرة الشعبية التي اشتدت عريكتها بمخازي مجلس الأمن، وخشنت مجستها بتحابي الأممالمتحدة. ولعل الدور المنوط بوزارتنا الفتية التي تعي حجم التآمر، أن ترفض ذلك القرار الذي حاكته من يبوء صدرها بالسخائم في إباء وشمم، وتسعى إلى أن تنوء بجانبها عن كل ما يقهر هذا الشعب الشامخ، ويصيب جنده الذي صرف بائقة الحركة الشعبية، وحسم جائحتها في مقتل، ولكننا نرى عجباً، نرى وزيرنا الهمام يدافع عن هذا القرار العقيم، الذي يعود بنا إلى مائدة التفاوض مع من مرضت أهواؤهم، وسقمت ضمائرهم، وذوت قلوبهم، الأمر الذي يذهل عقل الحصيف ويجعل الدهشة تكسو الوجوه.