ومن أخبار فاروق أبو عيسى أنه أبلغ الوسيط الجنوب إفريقي ثابو أمبيكي إصراره على أن تكون (قوى الإجماع الوطني) جزءاً من التفاوض بين الحكومة السودانية وحكومة دولة الجنوب؟! فقد قال أبو عيسى إن معارضته تمثل الشعب السوداني (المغيَّب)!! أبو عيسى قال: (نصرُّ على أن نكون طرفاً ثالثاً في أية عمليات تفاوض أو حوار)!! لكنه لم يقل لنا ما هي الأجندة التي يحملها وهل سيكون جزءاً من وفد باقان أموم الذي كان يقود تجمُّع جوبا الذي كان أبو عيسى وقوى الإجماع جزءاً منه أم أنه سيتبنى رؤية الحكومة التي يعمل على إسقاطها وما هو رأيه في الحدود والمناطق المتنازَع عليها هل هي جزء من السودان أم دولة جنوب السودان التي كان يساندها على حساب وطنه أيام كان جزءاً من التجمع الوطني الديمقراطي قبل أن يمتطيهم قرنق ويربطهم خارج نيفاشا ويدخل للتفاوض تاركاً إياهم في العراء والشمس الحارقة؟! لم يقل لنا أبو عيسى من يمثل هو والقوى الأخرى المندرجة في قوى الإجماع وكم يمثلون من الشعب السوداني (المغيَّب) على حد تعبيره؟! ما أعلمه أن قوى الإجماع تضم الحزب الشيوعي وحزب البعث الذي يقتل الشعب السوري يومياً.. كم يا تُرى يبلغ أعضاء الحزبين وهل حدث في تاريخ السودان أن فاز حزب البعث بدائرة انتخابية واحدة طوال تاريخه السياسي في السودان؟! كم يمثل الحزب الشيوعي وكم عدد الدوائر التي فاز بها في آخر انتخابات؟! بالطبع لا يوجد!! أما المؤتمر الشعبي فإنه لم يفز بدائرة واحدة إلا من خلال الدوائر النسبية!! إذن من يمثل أبو عيسى ومعارضته؟! والله إن أكثر ما يدهشني أن أبوعيسى لا يعلم أنه يُطيل من عمر النظام الحالي!! تخيلوا لو أن أبو عيسى وقف عقب صلاة الجمعة مخاطباً المصلين بعد الصلاة حتى ولو بدون وضوء!!.. نفس السؤال طرحتُه من قبل حول ياسر عرمان... ماذا ستكون ردة فعل المصلين؟! هل سيخرجون في مسيرة غضب تشعل ثورة ربيع عربي جديدة في السودان أم أنهم سيستخدمون الأحذية في رجم محدِّثيهم؟! لكن أبو عيسى لم يقل لنا هل ستشارك أحزاب الجنوب المعارضة في المفاوضات على غرار أحزاب المعارضة السودانية التي أسلمت قيادها في غفلة من الزمان لأبو عيسى؟! هل ستُخرج الحركة الشعبية بيتر سولي وغيره من قيادات الأحزاب الجنوبية من سجونها لتُشركهم معها في التفاوض؟! ثمة سؤال بريء .. لماذا يتجرأ ثابو أمبيكي لمقابلة أبو عيسى وهل هذا جزء من تفويضه بل لماذا يقابل أبو عيسى سفير جنوب إفريقيا ويقدِّم إليه طلباً لإشراكهم في التفاوض؟! أين يقع هذا في قانون رد العدوان الذي تقومون بإعداده يا كمال عبيد وتعرِّفون فيه الخيانة العظمى ولماذا تأخر القانون الذي نخشى عليه من قبيلة المنبطحين؟! البشير بين أسمرا وجوبا!! زيارة الرئيس البشير لإريتريا والاستقبال الكبير الذي وجده أكد ما ظللنا نقوله من قديم أن إريتريا أقرب إلينا من جنوب السودان وأنها الأَولى بالتوحُّد من الجنوب الذي حشره الاستعمار البريطاني في الجسد السوداني نكاية بالسودان وليت الناس قرأوا المنشور الذي أصدره السكرتير الإداري البريطاني جيمس روبرتسون عام 6491 بتوحيد الجنوب مع الشمال ثم اعترافه فيما بعد بدوره في تزوير نتيجة مؤتمر جوبا الذي انعقد بعد عام. الرئيس البشير صلى الجمعة في أحد المساجد الكبرى في أسمرا وخاطب المصلين الذين استقبلوه بالتهليل والتكبير وترجل من سيارته مع الرئيس الإريتري ومشى راجلاً بين الجموع التي تعالت أصواتُها بالترحيب. بربِّكم هل كان بمقدور الرئيس البشير أن يفعل ذلك في جوبا أو غيرها من مدن الجنوب وهل كان سيجد ذلك الترحيب أم يُستقبل باللافتات المبغضة والشعارات المتربصة والحاقدة؟! هل شهدت الخرطوم في يوم من الأيام تمردات وانفلاتات أمنية من أبناء إريتريا الذين يبلغ عددهم ربما مئات الآلاف أو من الجالية الإثيوبية؟! بالطبع «لا» لكن من ينسى التحرشات والصراعات بل من ينسى يوم الإثنين الأسود في أغسطس «5002م» ويوم الأحد الدامي في عام «4691» ثم توريت التي انفجرت بالتمرد اللعين قبل خروج الإنجليز.. توريت التي تحتفل الحركة الشعبية بذكراها كل عام حتى تفرح وتسكر بأول عملية تطهير عرقي تطول أبناء الشمال!! ما أردتُ بهذا غير التذكير بالجريمة التي ارتكبتها بريطانيا في حق السودان وأقولها بصدق إن السودان لم يتضرر من حقبة الاستعمار البريطاني بقدر ما تضرر من جريمته في حقنا حين زرع ذلك الورم السرطاني في أحشائنا وبالرغم من استئصاله إلا أن بقاياه السرطانية لا تزال تعكِّر صفْوَ حياتنا وتزيد من أوجاعنا.. من هو الأحق بمنحه الحريات الأربع الشعوب الأخرى المجاورة للسودان أم شعب الجنوب؟! بربكم من في الدنيا يفكر في منح حريات أربع بل حرية واحدة لشعب دولة تشن الحرب على الدولة المانحة لتلك الحريات؟! وهل يأمن المانحون من مكر أولئك الأعداء؟! هل يأمنون من زرع الخلايا النائمة؟ وتعود المفاوضات من جديد بالرغم من الروح التي انبعثت في هجليج.. أعاني والله في هذه اللحظة من الغثيان وبشعور لا يوصف واسمحوا لي بالتوقف عن الكتابة فقد عجز القلم بل عجز العقل عن التفكير.