ويحتج السودان على خارطة إفريقية قدمها الوسيط ثابو أمبيكي واعتمدها مجلس الأمن ضمت منطقة خامسة إلى المناطق المتنازَع عليها مع دولة الجنوب... ثابو أمبيكي هو الذي قاد جولة المفاوضات التي ورّطتنا في الاتفاق الإطاري في يونيو الماضي بين نافع وعقار والذي رُفض من قِبل الرئيس والمكتب القيادي للمؤتمر الوطني بعد توقيعه لكنه اعتُمد الآن من قِبل مجلس الأمن بموجب القرار سيء الذكر رقم «6402» .. ثابو أمبيكي هو الذي قاد مجلس السلم والأمن الإفريقي إلى اتخاذ ذلك القرار الكارثي الذي تبنّاه مجلس الأمن والذي ألزمنا بالوصول إلى اتفاق مع دولة الجنوب خلال ثلاثة أشهر وإلا فإن سيف العقوبات سيهوي على رؤوسنا بل إن مجلس السلم والأمن الإفريقي هو الذي أحال قراره بدون إذن منا إلى مجلس الأمن المعروف بانحيازه إلى دولة الجنوب وعدائه للسودان.. قرار مجلس السلم الإفريقي هو الذي منح الاعتراف لاتفاق نافع عقار وألزمنا بقبوله حتى لو كان رئيسنا قد رفضه بما يعني أن نعيد رغم أنوفنا التفاوض مع عرمان وعقار والحلو بل إن مجلس السلم الإفريقي هذا المنحاز لدولة جنوب السودان منح رئيس منظمة الإيقاد التي ورّطتنا في نيفاشا... منحه سلطة أن يكون حكماً بيننا وبين دولة جنوب السودان وتخيلوا ماذا يحدث لو تولى عدو السودان الأكبر في إفريقيا موسيفيني رئاسة الإيقاد وهو الأمر المرجح ما لم تحدث معجزة!! هل تعلمون قرائي الكرام أن أمبيكي هذا الذي ما كفّ في يوم من الأيام عن إلحاق الأذى بنا وكان آخر ما فعله ما صرح به مندوبنا لدى مجلس الأمن الدولي وهو يحتج على ضم المنطقة الخامسة إلى المناطق المتنازَع عليها والتي ما ضُمت إلا بفعل أمبيكي... هل تعلمون أن أمبيكي هذا حصل على مكافأة كبرى مؤخراً نظير فعله القبيح حين أُطلق سراح الجواسيس الذين تم القبض عليهم داخل هجليج بمبادرة منه؟! بالله عليكم اقرأوا الخبر.. فقد جاء في الأنباء أن وزير الدفاع هو الذي وجه بإطلاق سراحهم لكن المضحك المبكي أن وزير الدفاع صرّح بأن تسريحهم تم (إكراماً لأمبيكي)!! لكن وزير الدفاع لم يقل لنا المقابل الذي قدّمه هذا الأمبيكي للسودان واستحق عليه التكريم!! قبل أن نستفيض في التعليق نود أن نسأل: من الأولى بهذا التصريح (إكراماً لأمبيكي) وزير الدلاع أم وزير الخارجية؟! من الذي يتولى مخاطبة ما يسمى بالمجتمع الدولي الذي توجَّه إليه تلك الرسائل: وزير الدفاع أم وزارة الخارجية؟! جواسيس أجانب قُبض عليهم بالقرب من حقول النفط وربما كان هؤلاء هم الذين أحرقوا حقول هجليج بل ربما كانوا مشاركين في قتل شبابنا من القوات المسلحة والمجاهدين.. جواسيس أجانب ملأنا الدنيا وأقعدناها ضجيجاً حول دورهم القذر في دعم الأعداء وهم يحتلون ويخربون ويقتلون ثم نطلق سراحهم بهذه السهولة عطاءً مجانيًا لمن لا يستحق!! وهكذا نحن دائماً (مخروتين) ومخدوعين!! هكذا نحن دائماً نكافئ ونعاقَب ونعطي ونُحرم وندير خدنا الأيسر لمن يلطمنا على خدنا الأيمن!! ليتكم لو قرأتم القانوني الضليع هاشم أبوبكر الجعلي نائب نقيب المحامين وهو يزأر غاضباً من هذا التهاون في حق من يتلاعبون بأمن وطننا ويوضح ما ينص عليه القانون الدولي في حق الجرائم التي يرتكبها أمثال أولئك الجواسيس خاصة حينما يُقبض عليهم في ساحة المعركة لكن مشكلتنا الكبرى هي تلك الروح التي انغرست في أحشائنا وأبت أن تخرج حتى بعد أن أحرقناها عند تحرير هجليج!! ثابو أمبيكي الذي نفتأ نُغدق عليه من عطايانا عدوٌّ مبين وسيظل ينهش في جسدنا طالما ظل فارضاً نفسه علينا (متسلِّطاً) في قضايانا حاشراً أنفه في شؤوننا الداخلية.. إنها مشكلتنا الكبرى التي تجعلنا نحسن الظن بمن نعلم يقيناً أنه أقرب إلى الأعداء على الأقل في المعتقد والسلوك والمفاهيم فهو يجد في جوبا مما تتيحه فنادقها ما لا يجده في الخرطوم ويجد عند أصدقاء جوبا (أمريكا والنرويج وبريطانيا) ما لا يجده عند أصدقاء الخرطوم (بالمناسبة هل للخرطوم أصدقاء في زمن القحط الدبلوماسي؟!) ولا تستطيع الخرطوم مهما أغدقت أن تعطيه ما يتيحه الآخرون هذا فضلاً عن أن مكافآت الخرطوم تُعتبر صغيرة مقارنة بمكافآت سوزان رايس وأضواء نيويورك وبهارجها!! ثابو أمبيكي لا يختلف عن خبراء أبيي الذين سلمناهم ملف أبيي فأصابونا بتلك الطعنة النجلاء التي لا تزال تنزف دماً فمتى نُفيق؟! وتوجّه أولاد نيفاشا إلى أديس أبابا لمقابلة باقان وكأنَّ شيئاً لم يكن وكأن هجليج لم تُحتل وتُحرق وكأنّ العشاء الفاخر على أنغام الكابلي الذي رقص خلاله مع أولاد نيفاشا لم تُزحّ صحونُه.. توجهوا لمقابلة باقان وثابو أمبيكي وليتني شهدتُ ضحكاتهم مع الرجل وتبادل السيجار الكوبي!! سيدي الرئيس رحمة بمرارتي وبكبدي.. سيدي الرئيس وهل يطاع لقصير أمر؟!