بصفته رئيساً لما يُسمى بجمعية الصداقة السودانية الجنوبية أي الصداقة بين الشعب السوداني وشعب جمهورية جنوب السودان، أجرت صحيفة «الرأي العام» حواراً مع الصحفي محجوب محمد صالح حول جمعية الصداقة هذي. وقال فيه إنهم في «الجمعية» حددوا هدفهم في الحفاظ على علاقات حسن الجوار وتطويرها إلى مستوى يحافظ على العلاقة الوجدانية والاجتماعية والثقافية التي نشأت عبر العقود».. انتهى.. لكن هل ترى أن الصحفي المخضرم «محجوب» أراد «الجزء» وأطلق «الكل»؟! أي أنه يقصد صداقة الشعب السوداني مع مسلمي دولة جنوب السودان في إقليم بحر الغزال وإقليم أعالي النيل؟! لكن هذه الصداقة ستكون مع أقل من «2» بالمائة من شعب الجنوب لأن أكثر من «98» بالمائة هم الذين اختاروا الانفصال.. هذا إذا كان الأستاذ محجوب يرى نزاهة نتيجة الاستفتاء، وإذا كان يرى غير هذا، فهذا يعني له أن الصداقة بين الشعبين مستحيلة في ظل حكم الحركة الشعبية في جوبا، لأن جهودها التي بذلتها في الاستثمار في الكراهية لتزوير نتائج الاستفتاء يمكن أن تبذلها في عمل مضاد لا تجاه أهداف جمعية الصداقة. ولا بأس من جمعية صداقة لكن حتى لا تكون وهمية وخيالية وغير واقعية فالأفضل أن تكون بعد إطاحة حكم الحركة الشعبية في جوبا، وبعد ذلك تبدأ دولة الجنوب في إعاقة مشروعات الصداقة والوئام بين القبائل الجنوبية في كل إقليمجنوبي ثم بين القبائل النيلية والقبائل الاستوائية، فهذا هو الأولى لشعب الجنوب من جمعية محجوب محمد صالح «العاطفية» والغريب أن الحوار لم يشر إلى تصريحات سلفا كير مؤخراً حول استدعاء المساندة الأجنبية له لصالح منع انتشار الإسلام إلى إفريقيا عبر السودان. ربما لم يشر إلى ذلك باعتبار أن مثل هذا الكلام الحقير يطلق أجواء عدوانية يجعل شمار الجمعية «الوهمية» يذوب في مرقة الروح العدوانية للحركة الشعبية. وبالطبع فإن نية الحركة الشعبية في محاربة نشر الإسلام وعبوره خلالها إلى القارة في جزئها الأسود يتناقض تماماً مع هدف جمعية «محجوب»، وينطبق عليها تماماً قول الشاعر العربي الذي يقول: متي يكمل البنيات تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم وبنيان العلاقات بين «الشمال والجنوب» في السودان قبل الانفصال والذي كان قبل الاحتلال البريطاني قد هدمه هذا الاحتلال من خلال مشروع تآمري لصالح الكنيسة الكاثوليكية وهذا معروف، وقد حكى الأستاذ محجوب بنفسه في الحوار قائلاً :«عام 1952م طلب استدعى السكرتير الإداري وكان بمثابة رئيس وزراء ويلي الحاكم العام مباشرة طلب رئيس اتحاد الصحفيين أحمد يوسف هاشم وذهبت معه بصفتي سكرتير اتحاد الصحفيين، فقال لنا: أنتم تتحدثون عن الجنوب وإننا نريد فصله، وأتحدّاكم أن تمضوا للجنوب وترون ما يقال عنكم وسأمنحكم طائرة ومضينا في وفد فيه محمود الفضلي ومحجوب عثمان وعبد الدائم حسن وآخرون، ونزلنا جوبا وفي أوّل اجتماع قيل لنا إننا أحفاد تجار الرقيق وفي النهاية أنجزنا انتصارات لصالح الوحدة بالكلام وليس بالبندقية».. انتهى. والسؤال أولاً هنا أين هذه الانتصارات التي كانت عام 1952م بقيادة السيد محمود الفضلي المناضل العظيم ضد الاحتلال البريطاني والقيادي بحزب الأشقاء الذي كان يتزعمه إسماعيل الأزهري؟! ألم تقع مجازر أغسطس 1955م بعد ثلاث سنوات من تلك الانتصارات الوهمية؟! ثم إذا عقدنا المقارنة نجد أن العلاقات بين شعب الجنوب وشعب الشمال في الحاضر أسوأ مما كانت عليه في الماضي. وإذا كان السيد محمود الفضلي قد فشل أمام تحدي السكرتير الإداري جيمس روبرتسون فإن جمعية محجوب أيضاً ستفشل أمام إصرار سلفا كير والحركة الشعبية على محاربة السودان لمنع انتشار الإسلام والثقافة العربية. وجمعية الصداقة السودانية لمنع انتشار الإسلام والثقافة العربية. وجمعية الصداقة السودانية الجنوبية في هذا الوقت تبقى سابقة لأوانها لكن في أوانها بعد إطاحة الحركة الشعبية والهزيمة الأبدية لعقار والحلو وعرمان الذين يعملون ضد هدف الجمعية لو كانوا يشعرون وبعد معالجة المشكلات الأمنية وإقامة نظام ديمقراطي في جوبا على الطريقة المصرية بعد الثورة الظافرة، يمكن أن يكون حتى منبر السلام العادل ممثلاً في هذه الجمعية من باب مناصرة مسلمي جنوب السودان حتى ولو كان عددهم ألفًا فقط، فهو يزداد. لكن الآن لا يمكن أن يكون محجوب أكثر تأثيراً من السيد محمود الفضلي على الجنوبيين ومحمود شقيق يحيى الفضلي.