وسط أجواء طبيعية توصف في أقل التقديرات بالرائعة، أحكمت الخلافات بقوة على مفاصل التفاهم والتوافق بين وفدي الخرطوموجوبا المفاوضين بأديس أبابا طيلة الأيام الأربعة السابقة ولم تنجح الوساطة الإفريقية رفيعة المستوى بقيادة ثامبو أمبيكي في اختراق جدار الخلاف الحاد بين الطرفين لكن في ليلة أمطرت حلاً مفاجئًا أمس الأول خرق الجانبان جدار الخلاف وخرجا برؤية مشتركة لتنفيذ القرار الأممي «2046» مما أدهش جميع الإعلامين المتابعين هنا بالعاصمة الإثيوبية لمجريات الأحداث خاصة عقب انفضاض اجتماع مشترك بين الجانبين في الخامسة مساءً لم يستمر إلا دقائق معدودة سبقه بيان ملتهب من دولة الجنوب باتهامها للخرطوم بتحليق طيرانها الحربي فوق أجواء جوبا وتقديم شكوى للأمم المتحدة، وعلى طريق مفعم بالضغوط وتكثيف المشاورات نجح الوفدان في الخروج برؤية مشتركة بعد أيام عسيرة من الخلافات. تغيير موقع التفاوض أجرى الوسيط الإفريقي ثامبو أمبيكي تغييرًا هذه المرة على موقع التفاوض بين طرفي السودان ودولة الجنوب وقام بنقل موقع التفاوض من فندق الشيراتون الذي عرفه الكثيرون مكانًا لاجتماعات المفاوضين من الخرطوموجوبا لحل قضاياهم العالقة.. أجرى أمبيكي تمريرة «تفاؤل» وفق ما يعتقد المتابعون هنا لنقل مباراة التفاوض لأرض أخرى خاصة أن أمبيكي ظل يقيم بهذا الفندق طيلة الفترة السابقة ويتفاءل به كثيرًا. اجتماع خاص عند الظهيرة دخل وفد الخرطوم المفاوض بقيادة وزير الدولة برئاسة الجمهورية إدريس عبد القادر في اجتماع مع المبعوث الأمريكي برنستون ليمان استمر زهاء الساعتين توقع البعض أنه بمثابة مزيد من التحضيرات التي يجريها الوسطاء لتقريب وجهات النظر وخلق البيئة المناسبة للتفاهمات إلا أن الاجتماع شهد حديثًا طويلاً لحد بعيد من المبعوث الأمريكي ليمان في وقت كثف فيه عضو الوفد المفاوض سيد الخطيب من شرب المياه بين ترقب واهتمام بحديث ليمان من بقية الأعضاء المفاوضين. باقان مغلق حاليًا كبير مفاوضي دولة الجنوب ووزير السلام باقان أموم فضل الاختفاء عن الأنظار ولم يظهر كثيرًا بجانب وزير مجلس الوزراء دينق ألور بينما يشاهد أعضاء الوفد الجنوبي كثيرًا باستراحة فندق رادينوس بلو منكفئين على أجهزة الحاسوب ومشغولين بتلقي الاتصالات الهاتفية. إعلام مكثف : أكثر من «40» قناة تلفزيونية عالمية وعشرات الصحفيين من الصحف السوادنية وكثير من الوكالات الإخبارية المتخصصة تتابع بدقة مجريات التفاوض دون كلل من الجلوس وملل من الانتظار لساعات الاجتماعات المطولة وظل الزميل بقناة العربية سعد الدين أكثر الإعلاميين جلوسًا منذ الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل لمتابعة الأحداث والتطورات الجارية بين الوفدين المفاوضين. التحليق في سماء جوبا صباح الجمعة أصدرت دولة الجنوب بيانًا ملتهبًا اتهمت فيه الطيران الحربي السوداني بالهجوم على مناطقة بولاية الوحدة والتحليق في سماء جوبا مما أدهش كل الحضور ووزع الوفد الجنوبي المفاوض البيان على الإعلاميين وقام بالاحتجاج على ذلك فيما رد عضو الوفد المفاوض وسفير السودان بجوبا مطرف صديق بقوة على البيان واتهم جوبا بمحاولة تسميم أجواء التفاوض. انهيار وشيك كادت المحادثات الجارية بين السودان ودولة الجنوب تنهار أمس الأول عقب اعتراض وفد جوبا على مسودة الخارطة الإفريقية التي وافق عليها وفد السودان وقدم وفد الجنوب ملاحظات كثيرة بشأن صياغة المسودة ودعا إلى تعديلها مما فض اجتماعًا ثنائيًا بين الطرفين لم يستمر أكثر من «5» دقائق ووضعت دولة الجنوب شروطًا تقضي بالمضي في الاتفاق الأمني بعدم دعم الطرفين للتمرد بينهما، ونبذ وفد باقان «قطاع الشمال» وأكد أن لا علاقة لجوبا به وكشفت متابعات الصحفية خلافات حادة بين الخبراء العسكريين والأمنيين بين البلدين، وظل الوفد العسكري والأمني السوداني يتنقل كثيرًا ما بين مكان الاجتماعات وساحة الفندق للتشاور. «المناخ كويس»: فضل رئيس الوفد المفاوض إدريس عبد القادر عقب اجتماعه مع ليمان القول بأن «المناخ كويس» ونقلت في السياق نفسه مصادر مطلعة أن ليمان يمارس ضغوطًا مكثفة على الطرفين لنقل المباحثات لمراحل أكثر توافقًا. اللجنة الأمنية بالإثنين تواضع طرفا التفاوض على اتفاق بعقد اجتماع اللجنة السياسية الأمنية المشتركة بين البلدين غدًا الإثنين بأديس أبابا وبدء الاجتماعات بين اللجنة المشتركة لمناقشة قرار مجلس الأمن القاضي بوقف العدائيات بين البلدين ووقف دعم الحركات المتمردة بجانب تشكيل اللجان المشتركة لمتابعة الاتفاقات وينتظر أن يصل وزير الدفاع ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني. اتفاق مفاجئ قبل ساعات من الاتفاق تسرَّبت معلومات بإصدار الوفد الحكومي المفاوض لبيان عاجل بعدما انفضّ الاجتماع المشترك لاعتراضات دولة الجنوب على مسودة تنفيذ القرار الأممي المعدة من الوساطة الإفريقية والتي وافق عليها السودان وتحفظت عليها جوبا باعتماد طرفي التفاوض بين السودان ودولة الجنوب لرؤية مشتركة لخارطة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي «2046» وأحدث الطرفان اختراقًا ملحوظًا في العملية التفاوضية الجارية بالعاصمة الإثيوبية بالاتفاق على خارطة طريق لحل القضايا العالقة، وأقر الطرفان عقب اجتماع للجنة المصغرة بالشروع في ترسيم المناطق الحدودية المتفق عليها بين البلدين وعقد اجتماع للجنة أبيي الثلاثاء المقبل. الأمن أولاً : شدَّد مطرف صديق سفير السودان بدوبة الجنوب وعضو الوفد المفاوض على أن الخرطوم ستتجه للعمل والفصل في قضايا النفط وأوضاع المواطنين عقب الاتفاق على القضايا الرئيسة الأمنية وجعل الحدود ممرات آمنة.