معلومة صغيرة أوردها وزير الإرشاد والأوقاف الاتحادي د. خليل عبد الله في بيانه «الصدمة» أمام البرلمان تتحدث عن قيام جهة في الداخل «مجهولة» بطريقة غير رسمية بتوكيل وكيلين جديدين لوقف سوداني بالمملكة العربية السعودية وبأفضل المواقع قرب الحرم النبوي الشريف وقف «أبوذر»، وكشف الوزير عن اسم أحد الوكلاء، ولأن اسمه لافت ولأن الوزير لم يذكر الاسم الثاني علق الاسم كثيرًا بذهني «سمير فلاتة»، ومن هنا انطلقت رحلة الاستقصاء عن بعض وكلاء أوقاف الخارج، وبطبيعة الحال من بينهم الوكيل الجديد «فلاتة»، والذي قام بشيء عجيب، حيث قام بإيجار الوقف «أبوذر» إيجارًا طويل الأجل لمدة «15» عامًا، واستلم مباشرة طبقًا للوزير مقدم ثلاث سنوات مباشرة. بطبيعة الحال الوصول للمملكة من أجل إكمال التحقيق صعب جدًا لأسباب عديدة، ولكن لوجود عدد كبير من معارفي بالسعودية آثرت أن أجندهم للقيام بالبحث عن هؤلاء الوكلاء والذين تحدث عنهم الوزير، وبحث داخلي عن الجهة المجهولة التي قامت بتوكيلهم دون إذن الحكومة فترة إيقاف أمين الأوقاف العام د. الطيب مختار وإيقاف أمين أوقاف الخارج خالد سليمان. المحتال: حسنا... والحق يقال إن الصدفة أو قل إن شئنا الدقة إن مشيئة الله كان لها الدور الرئيس في الوصول إلى ما أُريد حيث لفت التحقيق الأول الذي انفردت به «الانتباهة»، عن فساد الأوقاف نظر مغترب جاء ليقضي فترة إجازته بالسودان بين أهله، ولفت نظره إن شئنا الدقة اسم الوكيل الجديد للأوقاف والذي قال الوزير إن جهة مجهولة قامت بإيجاره له، وكان لاسم هذا الوكيل وقع كالصدمة على عمنا المغترب «مصطفي فهمي» وهو قضى أكثر من 29 عامًا بالسعودية متنقلاً بين عدد من الأعمال ما بين العمل في صحيفة الوطن السعودية وغيرها من الجهات، وكان للمغترب علاقة بسكرتير التحرير بالصحيفة «كمال عوض» ومن خلاله تحصل على تلفوني باعتباري ممسكًا بالملف. وما لفت نظره في اسم الوكيل «سمير فلاتة» أنه كان يدير أعمال رجل أعمال سعودي من أكبر رجال الأعمال والأثرياء هناك «إبراهيم محمد إبراهيم اليحيى»، وعند هذه النقطة بدأ مصطفى فهمي في رواية قصة احتيال سمير فلاتة على عدد من الأثرياء السعوديين ومن بينهم نافذون، وتقول الوقائع إن فلاتة التقى الشيخ اليحيى وقال له إن بمقدروه تخليص أراضٍ تتبع له، ويشير مصطفى إلى أنه أحس أن فلاتة من خلال كلامه يريد أن يحتال على الشيخ، فطلب فور جلوسه مع الشيخ «7» عربات لاندكروز للقيام بمهام التخليص، فرفض مصطفى الأمر وانفرد بالشيخ وطالبه بأن لايوافق، فاستمع حينها الشيخ لمصطفى، ولظرف ما اضطر مصطفى للسفر للهند، فجاء فلاتة مرة أخرى للشيخ وطالبه بأن يوفر له ضمانًا لدى وكيل عربات المرسيدس الجفالي لأنه يريد أن يشتري جرارين مرسيدس بينز، فكتب الشيخ اليحيى خطاب الضمان، وعندما جاء مصطفى من الهند وعلم بالأمر عارض الأمر وفضّل أن يبحث عن سمير فلاتة ليأخذ منه المستند وضمانات أخرى، وهنا باءت كل جهود مصطفى في البحث عن فلاتة بالفشل، فقد انتقل الأخير عن مسكنه وترك مكان عمله، وحتى عرباته الخاصة، فقد قام ببيعها، وهنا تكشفت لمصطفى حقيقة احتيال المدعو سمير فلاتة، فرجع مصطفى للشيخ وأخبره باختفاء فلاتة، وهنا استشاط الشيخ غضبًا وأمره بالبحث عنه في أي مكان بالمملكة وبما أنه لا يحق لأجنبي البحث عن شخص إلا عبر سعودي فقد قام مصطفى بتوكيل أحد أعيان جدة وعمدة منطقة حي البوادي بجدة وعضو هيئة الأمر بالمعروف عطية أحمد الزهراني، وطلب مصطفى من العمدة عطية أن يقوم بفتح بلاغ ضد سمير فلاتة فوافق وطالب ب «100» ألف ريال لبدء الإجراءات، وبعد فترة من الزمن طالب وكيل المرسيدس الشيخ اليحيى بسداد مبلغ شراء العربتين اللتين قام بكتابة خطاب ضمان لهما والبالغ «2,3» مليون ريال سعودي، فقام الشيخ بذلك، وعقب فترة طالت قليلاً جاء شخص وقال إنه من عائلة فلاتة وقال إنه يستطيع أن يدلنا على مكان سمير شريطة ألّا يعلم من بلّغ عنه شريطة منحه مبلغًا من المال نظير مجهوده، وقال نصًا طبقًا لمصطفى «أريد أن ابيعكم الرجال»، وأشار إلى أن الأخير قد ارتكب عدة أخطاء في حق أسرته، فوعده مصطفى أن يسدد له المبلغ إذا تم القبض على سمير حقيقة، فتم نصب كمين له عن طريق العمدة والشرطة ومصطفى وسوداني آخر، وتم إلقاء القبض على سمير، وبما أن البلاغ قد تم فتحه بالرياض فقد تم ترحيله من جدة للرياض، وتم إيداعه بالسجن.. وعقب مكوثه لقرابة الشهرين بالسجن جاء أفراد آخرون من عائلته وحاولوا أن يستسمحوا الشيخ اليحيى لإطلاق سراح قريبهم، فرفض ثم رجع ووافق على ذلك نظير شرط واحد وهو أن يكتب سمير «صك» في المحكمة يقر من خلاله أنه قد سرق مبلغًا ماليًا من الشيخ، وأن يلتزم بأن لا يسرق أي شخص آخر، فقام بذلك الأمر أمام القاضي وتمت كتابة صك رسمي بأن سمير أحمد فلاتة سارق ومحتال، وأثناء بقاء فلاتة فترة بالسجن ظهر عددٌ من الأشخاص أكدوا أن فلاتة قد احتال عليهم أيضًا.. وهنا انتهت قصة احتيال فلاتة على أموال الأفراد، وإذا بشخص ما على الرغم من تاريخ سمير فلاتة الأسود في الاحتيال، يقوم بادّعاء أنه يمثل الحكومة السودانية ويقوم دون علم الحكومة السودانية بتوكيل فلاتة على أفضل وقف سوداني بالمدينة المنورة وقف «ابوذر»، حتى هنا انتهى بحث «الإنتباهة» عن المحتال الذي قام بإيجار وقف سوداني لخمسة عشر عامً واستلم مقدم ثلاثة أعوام وتم التحقق من قصة الاحتيال هذه من خلال عدد من المغتربين ومن خلال اتصالات مكثفة أجرتها الصحيفة بالسعودية على عدد من السعودين تضرروا من احتيال سمير فلاتة ومن خلال محامٍ سعودي شهير هو الدكتور سعيد أحمد الدرمحي أكد ل«الإنتباهة» واقعة الاحتيال. للقصة بقية: المكان حوش كبير في أفضل موقع استثماري في مدينة جدة السعودية قرب سوق باب شريف المشهور يقيم به عدد كبير من السودانيين ويقيم كل منهم في حجرة خاصة، وبه عدد كبير من المتاجر يقوم باستلام الإيجارات سوداني يعمل ترزيًا، ويسمى الحوش وقف علي دينار، في العام «2002» لفت الوقف أو الموقع نظر العديد من السودانيين، ومن بينهم العم مصطفى فهمي، ويشير مصطفى في حديثه ل«الإنتباهة» إلى أنه وجد سعوديًا يعمل في مجال العقارات أخبره بإمكانية إجراء معاملات تخليص الأرض للحكومة السودانية وبدوره أبلغ السفير عبد الرحمن ضرار، ونائب القنصل عبد الرحمن محمد علي وبدورهم وعدوا بإطلاع وزير الأوقاف حينها د. عصام أحمد البشير على الأمر وقد كان من المفترض أن يزور المملكة في تلك الفترة إلا أن ظروفًا حالت دون أن يجتمع مصطفى بالوزير، ومن ثم قام مصطفى بالمتابعة مع السفارة إلى أن عاد للبلاد، وهناك من أشار إلى أن هناك شخصًا آخر تم تعيينه مشرفًا على الوقف وحتى الآن والوقف يقف «محلك سر»!!! كلمة أخيرة: حاولت الصحيفة أكثر من مرة الاتصال بديوان الأوقاف من خلال زيارات ومحاولات مستمرة لاستجلاء الأمور بشأن الأوقاف التي تم إرجاعها بالخارج، إلا أنها ووجهت بالصمت بيد أن الرد الوحيد الذي تلقته الصحيفة، تبرع موظف غير مخول له بالتصريح حيث قال إن الجميع عقب إحالة الملف لنيابة الأموال العامة أصبحوا يخافون من مجرد ذكر الأمر، ولكن ما زالت أبواب الصحيفة مشرعة للجميع للرد على كل ما تخطه يدنا، فبقدر ما أثرناه من غبار كثيف حول الأمر، إلا أن صدورنا وقلوبنا مفتوحة لتلقي الحقائق دون تزييف فالأمر لا يحتمل ذلك!!