انشغلت الساحة السياسية في السودان في سنة 2005م بالعديد من التسويات السياسية التي وقعت بين الحكومة وحركات التمرد، سواء في الجنوب أو شرق السودان وغربه، وهي اتفاقيات تم التوقيع عليها بعد أعوام من الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، وهو قتال كان سببه النزاع حول السلطة والثروة، أتيحت لنا الفرصة أن نلتقي قادة تلك الحركات واقتربنا أكثر من الذين شاركوا في حكومة الوحدة الوطنية باسم تلك الاتفاقيات من الجانبين، ووقفنا على حقيقة مشروعاتهم السياسية لحكم السودان والخروج به إلى بر الأمان، ولكن فوجئنا أن الذين وقعوا اتفاقية أبوجا لم يكونوا يعملون على تنفيذها بل أستطيع أن أجزم أن أصحاب أبوجا انقادوا وراء صراعات نيفاشا وتكتلاتها وهي تكتلات كان المراد بها خدمة الجنوب لتحقيق الانفصال دون أن يعمل العديد من قادة الحركات الدارفورية، فدخلوا في صراعات ومناكفات أعاقت وأربكت جدول التنفيذ ومن ثم أدت إلى انهيار أبوجا ومن المؤسف تعيد هذه الحركات ذات الدرس الذي لم تتعلم منه، وتنفذ هذا المشروع المعد لإضعاف السودان وهو مشروع دعم من قبل الولاياتالمتحدة ويعد الآن هذا المشروع لحماية دولة جنوب السودان، ولكن يبقى السؤال: إلى متى ستظل الحركات المسلحة تعمل لصالح الآخرين. لذا نحن نأمل أن تسير اتفاقية الدوحة نحو الطريق الصحيح في بناء شراكة سياسية قوية تمكن الطرفين من إنزال الاتفاق إلى أرض الواقع، أعتقد ويعتقد الكثيرون من أبناء دارفور أن اتفاق السلام الموقع في الدوحة بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة سيضع حدًا للوضع في دارفور خاصة أن الاتفاق استجاب للعديد من مطالب أهل دارفور، وهو ما يتيح فرصة جيدة لتحقيق الاستقرار الدائم في الإقليم إذا نفذ بصورة جيدة، قد يفتح الباب واسعاً للحركات التي لم توقع عليه أن تلحق به، فالأوضاع الآن على الأرض أكثر تهيئة للسلام وأن هناك بعض الحركات أبدت رغبة أكيدة في الانضمام للسلام واللحاق بالاتفاق، وهو ما أكده القائد المنشق من مناوي والذي انحاز إلى السلام القائد عبد الرسول إبراهيم في تصريحات صحفية سابقة، مثلت كلمات ذلك القائد حافزاً لي وجعلتني أتجه بالبحث والتقصي عن حقيقة السلام في دارفور، التمست أن السلام أصبح واقعاً معيشاً ومطلباً يتمسك به أهل الإقليم، أما الحركات الرافضة للاتفاق فهي الأخرى أصبحت أقرب إليه عقب الانشقاقات والصراعات التي عايشها قادتها في الجبهة الثورية واكتشافهم للحقيقة، حقيقة وجودهم، الأمر الذي أدى إلى الصراعات بين قياداتها والعديد منهم لا خيار له سوى اللحاق بالسلام، وهنا مطلوب فتح اتفاقية الدوحة لاستيعاب الفصائل التي ترغب في اللحاق بالسلام ومن ثم الاتجاه نحو التنمية وتأهيل القرى لعودة النازحين واللاجئين إلى قراهم وهي عودة إذا تمت ستجرد الحركات من بعض كروتها وتحقق للمواطنين الاستقرار وهذا هو المهم، لذا المطلوب من أهل دارفور الوقوف بقوة وراء اتفاق الدوحة والعمل على إقناع أبنائهم بالحركات للانضمام للسلام، وإن كان هذا قد حدث بالفعل واستجاب عدد من القادة إلى نداء السلام وأكدوا رغبتهم في المساهمة في استقرار الإقليم. وتبقى أجندة مؤتمر الفاشر لأهل دارفور ما زالت لم تطرح بصورة واضحة أمام الجميع ولكن أرى من المهم أن تكون هناك آلية لضم بقية الفصائل التي لم توقع في الدوحة وهذا مهم ومن ثم آلية أخرى لتحديد مشروعات التنمية وحاجة العودة الطوعية وتأهيل الأخرى.