موجة من الخلافات والصراعات ضربت الأجهزة التنفيذية والتشريعية بولاية الجزيرة تمثلت في مغادرة عدد من القيادات لمواقعها وبدأت تلك الهجرات مع تعيين البروفيسور الزبير بشير طه واليًا للولاية واستمرت بعد ترشيحه في الانتخابات الأخيرة وفوزه، ومن أبرز تلك الوجوه البروفيسور أحمد الطيب محمد واللواء أحمد المصباح وعبد الله محمد علي نائب رئيس الوطني والمستشار السياسي السابق للوالي والذي قاد عملية التغيير في الولاية الجزيرة كان على رأسها إبعاد العديد من القيادات من الترشح لانتخابات المجلس التشريعي باسم الحزب والاستعانه بكوادر جديدة، وأيضًًا ممن غادروا عثمان الأمين أبو قناية رئيس قطاع الفئات بالوطني والذي قاد عملية إحلال وإبدال للاتحاد والهيئات النقابية بل شمل التغيير قيادات سياسية بارزة بمدينة ودمدني كانت ناشطة في عهد الوالي الأسبق عبد الرحمن سر الختم ويتردد أن إبعاد تلك الشخصيات كان محاولة لإيقاف تمددها بعد علو صوتها ما دفع الوالي للإطاحة بهم والاستعانة بآخرين والتي يرى مراقبون أنها عجزت عن إعادة الاستقرار السياسي على الرغم من محاولتهم قيادة مبادرة للإصلاح ماتت في مهدها مع التيارات المناوئة على رأسها مايسمى بتيار الإصلاح بالجزيرة. لتنتقل العدوى إلى المجلس التشريعي من خلال مذكرة تقدم بها أربعون عضواً لإحداث تغيير في مواقع نواب الرئيس ورؤساء اللجان خاصة لجان الشؤون المالية والتخطيط العمراني ولجنة الصحة ورائد المجلس الذين وجهوا انتقادات حادة للجهاز التنفيذي خاصة في مجال الخدمات الصحية التعليمية والتعاقدات الشخصية التي تتم في وظائف الخدمة المدنية وتقرير المراجع العام والمعاناة التي يعيشها المواطنون في الريف وانتشار أمراض الملاريا والبلهارسيا وظاهرة تفشي مرض السرطان والفشل الكلوي والذي تجسد في خروج المرضى للتظاهر احتجاجاً على انعدام أدوية الغسيل الكلوي ونقص إمدادات المياه مما دفع بعضهم للتظاهر وقطع طريق مدني سنار في محليتي مدني الكبرى وجنوب الجزيرة. على الرغم من صدور التوجيهات من المركز للولاية لإكمال استحقاقات هذه المشاركة، والتي نفذت منها الولاية تعيين وزير ينتمي للاتحادي الأصل في وزارة مستحدثة هي البيئة والترقية الحضرية لم يعين لها مدير عام حتى الآن ولم تحدد مهامها واختصاصاتها ولم يرسم هيكلها التنظيمي مما أحدث إحباطًا للكثير من القيادات الاتحادية حول مشاركتها في حكومة الجزيرة. وبالعودة للتشريعي قدم نواب رئيس المجلس ورائده ورؤساء اللجان استقالتهم في خطوة استباقية وسط تعالي أصوات داخل المجلس تنادي بإلغاء قانون الحكم المحلي لسنة «2006م» وإيقاف العقود الخاصة لبعض المحسوبين وغياب الولاية من مجالس إدارات المؤسسات الصناعية الكبرى القائمة في محلية الكاملين.. ليجد أعضاء المجلس أنفسهم عاجزين عن تلبية مطالب مواطني دوائرهم فظهر ذلك من خلال حالة الإحباط التي أصابت عددًا كبيرًا منهم من أن يؤدي هذا التدهور إلى أن يفقدوا دوائرهم في الانتخابات القادمة إضافة إلى الواقع الذي يعيشه مشروع الجزيرة على الرغم من محاولات وزير الزراعة الاتحادي خلال جلسة مناقشة تقرير الأداء بمشروع الجزيرة للموسم الزراعي السابق واعترافه بأن مشكلة المشروع إدارية ومحاولة إقناعهم بالقطن المعدل وراثياً وسط تخوف من أعضاء المجلس التشريعي، إضافة إلى انتشار الفقر والبطالة وعجز مشروعات التمويل الأصغر وتشغيل الخريجين عن تلبية طموحاتهم في ظل الحالة الاقتصادية المتردية والغلاء الطاحن. هذا الواقع يدعو إلى أن يقف المركز وينظر جنوباً إلى حال هذه الولاية التي كانت في وقت من الأوقات هي عماد اقتصاد السودان وحتى لا نقول للأجيال القادمة هنا كانت ولاية الجزيرة.