لم تنجح جماعة أنصار السنة المحمدية «مجموعة المركز العام بالسجانة» التي يقودها الدكتور إسماعيل عثمان في الاختبار الذي وضعت نفسها فيه حينما تناول رئيسها د. إسماعيل موضوع عجز الميزانية الذي دفع الحكومة إلى الشروع في اتخاذ تدابير اقتصادية للاستعاضة عن خروج نفط الجنوب من الميزانية وكذلك وقف إنتاجه الذي تستفيد منه البلاد في عوائد رسوم عبوره إلى ميناء بورتسودان فقد كانت رؤية الدكتور إسماعيل عثمان التي كشف عنها من منبر الجمعة أمس الأوّل للإسهام في معالجة هذه المشكلة أن تتخلى جماعة أنصار السنة «مجموعة المركز العام بالسجانة» طبعاً عن كل مناصبها بالحكومة دعماً للتقشّف. وقبل أن أتناول هذا التصريح «الجريح» بالتعليق يجدر بنا هنا أن نذكر أن الشيخ الأستاذ كامل عمر البلال أحد قيادات مجموعة إسماعيل عثمان كان قد برَّر مشاركة أنصار السنة في الحكومة في وقتٍ سابق بما نقله عن محمد أبو زيد مصطفى «وزير دولة سابق» وعضو مجموعة إسماعيل قوله إن الموقع الذي ترفضه سيشغله غيرك.. والآن فإن السؤال الذي نطرحه بين يدي شيخ إسماعيل هو: هل ستكون البلاد بدون وزارة اتصالات وتقنية معلومات إذا سحبت مجموعة إسماعيل منسوبهم ووزيرها الدكتور محمد عبد الكريم الهد؟!. وهل ستستمر المواقع الأخرى التي يشغلها أنصار السنة خالية بعد انسحابهم منها؟! إن كامل عمر البلال يبرر كلام وزير الدولة السابق ويقول: «إن الموقع الذي تزهد فيه سيملأه غيرك».. إذن إعلان الاستعداد للتخلي عن كل مناصب الحصة بالحكومة ليس هو الحل.. وليست هي خطوة مجدية.. والغريب أن دكتور إسماعيل في ذات السياق قال متسائلاً: «إذا كان رفع الدعم عن المحروقات لا يمثل حلاً جذرياً للأزمة فلماذا الاستعجال في تطبيقه؟!» ونقول: إن انسحاب أنصار السنة من الحكومة بنفس هذا المنطق لا يمثل حلاً جذرياً للمشكلة، بل ولا يمثل حلاً فرعياً أو جزئيًا.. وليست هناك مقارنة منطقية بين أثر رفع الدعم عن المحروقات وأثر انسحاب أنصار السنة من الحكومة.. وهذا تناقض يقع فيه زعيم مجموعة المركز العام بالسجانة. وكان من المفترض أن يقول دكتور إسماعيل إن أنصار السنة يمكن أن يستمروا في برنامج المشاركة في الحكومة بدون مرتبات أو بربع ما يتقاضونه الآن، على أن يفعل الباقون أسوة بهم فيكون لهم أسوة حسنة في دعاة وعلماء أنصار السنة، أو ليس هذا من أهداف البرنامج الدّعوي للجماعة؟! وتبقى فكرة والي شمال كردفان معتصم ميرغني حسين الزاكي هي الجيّدة في دعم التقشف حيث جاء في الأخبار أنه «قطع بأن العمل في المجالس التشريعية المحلية المرتقبة سيعد عملاً طوعياً لا يتقاضى الأعضاء من خلاله أي مخصصات مالية أو رواتب ثابتة».. انتهى.. والسؤال هنا أليس من الأفضل أن يكون قرار والي شمال كردفان عملاً ودعوة لأنصار السنة «جناح المجموعة الخارقة لدستور الجماعة؟» ولخرق الدستور قصة يمكن أن نُعيد نشر بعض منها.. لكن المهم في الأمر هنا هو أن الدكتور إسماعيل عثمان لم يكن موفقاً في تقديم فكرة يُسهم تنفيذها في معالجة العجز الذي أصاب الموازنة ووضع الدولة أمام خيارات كلها مرّة وتتفاوت مرارتها واختارت أقلاّها مرارة كما يبدو.. وينتسب إلى جماعة أنصار السنة من درسوا العلوم السياسية والاقتصاد، وهم الذين ينبغي أن يصرحوا ويعلّقوا على كل ما يرتبط بقضايا الدولة السياسية والاقتصادية، حتى لا يهرف غيرهم بما لا يعرف، فيرسم صورة سالبة لفهم الجماعة وتفكيرها في القضايا العامة ويجلب عليهم السخرية. والدكتور إسماعيل عثمان رجل عالم في أمور العقيدة وهو عالم ظل يحارب اعتداءات الشاطحين على حقوق الله وصفاته ولذلك فإن مجموعة والجماعة بقيادة الشيخ أبو زيد محمد حمزة هي أحوج ما تكون إليه في المنابر المختلفة وفي سطور الكتب بغض النظر عن الخلافات الإدارية التي جعلته يتزعّم خمسة بالمائة من أعضاء جماعة أنصار السنة ويتزعم شيخ أبو زيد خمسة وتسعين بالمائة من الجماعة تُسير وتنسق أمورها من مسجدها بالثورة الحارة الأولى، لكن لا يتحدث عن الأمور العامة وإن كان محافظاً من قبل في دنقلا وكادقلي.. لم أكن أتخيل أن ينقوه الدكتور والمحافظ السابق وزعيم مجموعة الخمسة بالمائة وخطيب مسجد المركز العام لهذه المجموعة أن يصرّح بهذا الاندفاع العاطفي الخالي من الحسابات الموضوعية؟!.