في انتخابات ديمقراطية حقيقية لا تدليس فيها ولا تزوير، في انتخابات ديمقراطية حقيقية تشهدها مصر لأول مرَّة، اختار شعب مصر الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية، في انتصار تاريخي للإسلام الديمقراطي. كان يوم أمس الأحد 24/يونيو 2012م يوماً من أيام الله، انتصرت فيه الحركة الإسلامية في مصر بعد كفاح صلب شاق طويل استغرق (64) عاماً، أربعة وستين عاماً زلزِل فيها الإسلاميون زلزالاً شديداً، بالقتل والسجن والتعذيب والنفي، أربعة وستين عاماً سكب فيها الإسلاميون عصارة فكرهم ودمائهم وتضحياتهم ومعاناتهم، فملأت سماء مصر مجرَّة من الشهداء والمفكرين والشعراء والكتّاب. مجرَّة نجومها الإمام الشهيد حسن البنا (مؤسس حركة الإخوان المسلمين)، والمستشار حسن الهضيبي والشيخ محمد الغزالي والشيخ محمد متولّي الشعراوي والشيخ سيد سابق والبهي الخولي والدكتور عبدالعزيز كامل والدكتور يوسف القرضاوي والمفكر الشهيد سيد قطب والمفكر محمد قطب وأمينة قطب وحميدة قطب وزينب الغزالي ومحمد فرغلي ويوسف طلعت والمفكر محمد فتحي عثمان والمفكر عبدالحليم محمد أحمد أبوشقَّة (دار نشر آفاق الغد) والدكتور حسَّان حتحتوت، ومترجم معاني القرآن إلى الألمانية عبدالحليم خفاجة، والدكتور جمال الدين عطية والشاعر الشهيد هاشم الرفاعي والشاعر محي الدين عطية والشاعر والقائد عبدالحكيم عابدين، والشهداء القادة عبدالقادر عودة ويوسف طلعت ومحمود عبداللطيف وهنداوي دوير ومحمد يوسف هواش، والقادة الذين سبقوا هذاالجيل بالإيمان الدكتور سعيد رمضان وصلاح شادي وحسن دوح وحافظ سلامة ويوسف كمال محمد وعمر التلمساني ومحمد مهدي عاكف والضابط عبدالمنعم عبدالرؤوف والضابط يوسف صديق، و(دار الشروق) ومحمد المعلّم، و(دارالإعتصام) وأسعد سيد أحمد، ومكتبة وهبة، وغيرها من دور النشر والمكتبات التي ظلت تثري العقول جيلاً بعد جيل بثمرات فكر الإسلاميين من كتب ودراسات. وغيرهم كثير من النجوم التي تلألأت في مجرَّة الإسلاميين في مصر. بتلك التجربة الغنية في السياسة والفكر والمجتمع، اختار شعب مصر الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية، رغم المؤامرات الخارجية الخفية، ورغم مؤامرات الفلول، وما أدراك ما الفلول، ثم ما أدراك ما مؤامرات الفلول. حيث في هستيريا معركتها الأخيرة من أجل البقاء، خاب فأل الفلول وابتذالها وهي تخيف شباب مصر المستنير الطاهر من اللِّحَى، وتخيف في مجانتها فتيات مصر من العباءة، ونصارى مصر من الإسلام. فكان ردّ الشباب والمرأة على دعاوى الفلول الهستيرية وصَغَارها، بصندوق الإقتراع والملايين الحاشدة في ميدان التحرير. أيضاً الفلول لا تعلم ولا تريد أن تعلم، أنّ الأقباط هم أصهار رسول الله (ص)، وأن الزعيم السياسي المصري الكبير (قبطي) مكرم عبيد، كان يحفظ أجزاء من القرآن الكريم، وأن مكرم عبيد ذلك الوطني من الطراز الأوَّل ظلّ يحفظ شعب مصر مقولته الخالدة (أنا مسلم وطناً نصراني ديناً). شعب مصر اختار الدكتور محمد مرسي رئيساً، لأن (الشعب) ظلّ يجري في الحركة الإسلامية المصرية مجرى الدم من العروق. فهي التي آوت الشعب اقتصادياً حين خذله نظام مبارك، وهي التي حين أهملته أنظمة الفساد والإستبداد، وبغير امتنان ولعشرات السنين، قدمت خدماتها للملايين عبر المنظمات الطوعية في الصحة والتعليم وكفالة الأيتام والفقراء والمساكين ومن لاسند لهم. ولئن اختار شعب مصر الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية، فلعشرات السنين ظلّت النخب المصرية وكفاءات مصر، تختار لقيادتها رموز الإسلاميين في انتخابات المهنيين الأطباء والمهندسين والمحامين وأساتذة الجامعات. قال الشهيد سيد قطب في حقبة المحنة.. أخي أخذوك على إثرنا... وفوج على إثر فوج جديد... فإن أنا متّ فإني شهيد... وأنت ستمضي بنصر جديد... قد اختارنا الله في دعوته... وإنا سنمضي على سنتَّه... فمنَّا الذين قضوا نحبهم... ومنّا الحفيظ على ذمَّته... أخي ستبيد جيوش الظلام... ويشرق في الكون فجر جديد.. فأطلِقْ لروحك إشراقها.. ترى الفجر يرمقنا من بعيد.. وإني على ثقة من طريقي.. إلى الله ربّ السَّنا والشروقِ... فإن عافني السُّوق أو عقَّنى... فإنِّي أمين لعهدي الوثيقِ. ظلت الحركة الإسلامية في مصر نبض ذلك العنفوان، تسير في ثقة في طريقها الملحمي، ممتزجة بشعب مصر، حتى شهد العالم انتصار الإسلاميين حين نطقت صناديق الإقتراع المليونية بأنهم الأكثر شعبية والأكثر تنظيماً، والأكثر وطنية والأكثر استحقاق لرئاسة مصر. فقد التزموا طوال (64) عاماً بنصرة الإسلام وكلمة الحق وخدمة مصر وشعب مصر. لكن على تجربة الإسلاميين في الحكم في مصر، أن تعتبِر من تجارب غيرها من الحركات الإسلامية التي وصلت إلى الحكم، فبدأت عهدها بحلّ الحركة الإسلامية، كما حلّ قادة الإنقلابات العسكرية تنظيمات الضباط الأحرار التي جاءت بهم إلى الحكم. على تجربة الإسلاميين في الحكم في مصر، أن تعتبِر من تجارب غيرها من الحركات الإسلامية التي وصلت إلى الحكم، فأعرضت عن الوطنيين والكفاءات الوطنية فانزلقت في متاهة القبائل والجهويات والفاسدين وتولية المناصب لغير أهلها، مع العلم بوجود أن هناك مَن هو أكفأ منهم. فكان حصادها في صراطها غير المستقيم. ضياع بغير حدود لتجربة الإسلاميين في الحكم. ضياع جعل من كل حكيم ينظر إلى تلك التجربة يقول، كما قال إبراهيم عليه السلام، إنِّي سقيم!. الدكتور محمد مرسي رئيس جمهورية مصر المنتخب، أدرى الناس بأنه رئيس كل المصريين، الذين صوَّتوا له والذين لم يصوِّتوا. وهو أدرى بأن مفتاح نجاح الإسلاميين في الحكم في مصر، يكمن في نجاحهم في إدارة الإقتصاد، لتصبح مصر ضمن أفضل الإقتصاديات العشرين في العالم. مفتاح نجاح الإسلاميين في الحكم في مصر، هي توفير ملايين فرص العمل وملايين المساكن وجذب الإستثمارات الخارجية، لتنقل الملايين من الطبقة الفقيرة إلى الطبقة الوسطى، على غرار تجربة الرئيس «داسيلڤا» في البرازيل، أو الرئيس (أرودغان) في تركيا. بقيادة (داسيلڤا) توفرت (15) مليون فرصة عمل وانتقل ملايين الفقراء إلى الطبقة الوسطى، وأصبحت البرازيل السادسة في الإقتصاد العالمي، بعد أن أزاحت بريطانيا عن تلك المرتبة. بقيادة (أردوغان) أصبح الإقتصاد التركي السادس في أوربا. شعب مصر لا يريد من وزير المالية أن يفشل ويغطي فشله بقوله للشعب: إن الفقر قَدَر من الله!. ففي السودان، وبعد تجربة (23) عاماً من حكم الإسلاميين، وهي فترة تزيد عن فترة العهد النبوي من مبتدائه إلى ختامه، قال وزير المالية للشعب: الدولة مفلسة والفقر قَدَر من الله!. شعب مصر لا يريد نظاماً إسلامياً يهزم الإقتصاد ويرفع سنًّ العنوسة، ثم يقيم (مهرجان) زواج للعفاف!. أصلحوا الإقتصاد. عند إصلاح الإقتصاد، وبدون رسميات، سيقيم الناس وحدهم مهرجان زواجهم وأفراحهم!. إختار شعب مصر بالملايين الإسلاميين لقيادة مصر. إختار شعب مصر بالملايين الدكتور محمد مرسي رئيساً للجمهورية. تقول النكتة المصرية إن ابليس بعد أن شهد ثلاثة ملايين من المصريين يؤدون صلاة الجمعة في ميدان التحرير، قال للرئيس المخلوع حسني مبارك: الله يخرب بيتك لقد ظللت طوال ثلاثين عاماً أضلُّهم وبسبب (عمايلك) تحوّلت هذه الملايين إلى التيَّار الإسلامي، ثم في غيظ شديد بدأ إبليس يهتف: يسقط يسقط حسني مبارك!. لقد وضع شعب مصر ثقته في الإسلاميين لقيادة مصر إلى فجر جديد. تلك ثقة غالية من شعب غنيَّ التجارب. لقد وضع شعب مصر بالملايين ثقته في الإسلاميين. ونحن على ثقة بأنهم سيثبتون بالفعل لا بالكلام، أنهم أحق بها وأهلها.