يبدو أن رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت فضّل التلفُّح بعباءة رجال الدين في صراعه ضد الخرطوم بعد أن فشلت محاولاته العلمانية في اجتذاب دعم إقليمي أو عالمي يسقط به نظام الخرطوم، حيث قال إنه أصيب بخيبة أمل كبيرة بسبب غياب الدعم الإقليمي لبلاده في حربها ضد الآيدلوجيات الإسلامية في الدول المجاورة وأضاف قائلاً في الحفل الذي أقيم بمناسبة الذكرى ال«29» لقيام الحركة الشعبية: «إن أصدقاءنا يعتقدون أن الحرب التي نخوضها مع الخرطوم حربنا وحدنا وأننا نسعى لقيام دولة علمانية فيها الدين لله والأرض للشعوب» وبذلك يناقض سلفا كير نفسه ما بين رجل ينصر العلمانية ورجل دين يحارب المد الإسلامي والعربي في إفريقيا، ويبدو أن الأوضاع الإنسانية والمادية قد أفقدت الرجل بعض ما عنده من عقل فأخذ يعلِّق فشل سياساته على المجتمع الدولي، مطالباً إياه بالضغط على الخرطوم تارة وتكثيف الدعم المادي والعسكري تارة أخرى، حيث أكد تقرير نشرته صحيفة «سودان تربيون» أن الفساد المتمثل في نهب الأموال وتحويلها إلى بنوك أجنبية السبب الأساسي وراء عرقلة عمليات الإغاثة والدعم المالي، كما أكد المبعوث الخاص للخرطوم وجوبا ليمان أمام تجمُّع كنسي بجوبا أن واشنطن ودول الغرب لن تقف مع جوبا حال تطور الصراع إلى حرب شاملة لأن ذلك يعني حرباً دينية واسعة النطاق تجرُّ خلفها الشعوب العربية والإسلامية بحسبان أن السودان بلد عربي إسلامي، كما أن حرباً كهذه ستوسع الدعم المحلي للخرطوم إذ أن النظام تمثله كل الأطياف القبلية العربية وغير العربية، الأمر الذي يجعلها حرباً ضد السودان وليس نظام الخرطوم، وبعد أن يئس سلفا كير من استدرار عطف المسيحيين استدار بوجهه صوب إسرائيل مشبهاً الشعب الجنوبي بالإسرائيلي حيث إن كلا الشعبين قد تعرّض لتصفيات عرقية فقرر بناء قنصليته في القدس بدلاً من تل أبيب في إشارة واضحة لدعم إسرائيل في حربها ضد فلسطين ومحاولاتها طمس الهوية العربية والإسلامية من خلال تهويد القدس الشريف، فضلاً عن تكوين لجان حكومية تحت إشراف رياك مشار تشرف على ترحيل الحجيج وتقديم كل الخدمات لهم أثناء فترة الحج، إضافة إلى شراء القرابين، غير أن أحفاد بني قريظة وبني النضير قد كشّروا عن أنيابهم وألقوا ورقة التوت التي تخفي عوراتهم بعد أن أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي أمس في حوار أجرته معه صحيفة معاريف الإسرائيلية أن إسرائيل للرجل الأبيض ولا مكان فيها للسود وأن السود والفلسطينيين سيتسببون في إنهاء الحلم الإسرائيلي، وهو ما يخالف تماماً ادعاءات الجنوبيين الذين يضعون أنفسهم على قدم المساواة مع الصهاينة في الدفاع عن الوجود الإسرائيلي في الأراضي العربية، إذ قال تقرير نشره موقع «أوول لفركان دوت كوم» للكاتب الجنوبيبواشنطن باني لويل: ليس هناك مؤشر لنشر الكراهية العنصرية أكثر من الذي كتب على الجواز السوداني الذي يقول:«وثيقة لدخول كل بلدان العالم عدا إسرائيل» مطالباً دولة الجنوب بإصدار وثيقة جواز تقول «صالح لدخول كل بلدان العالم عدا المملكة العربية السعودية»، واصفاً إسرائيل بالدولة الصديقة والحليفة للجنوب، ويضيف لويل قائلاً:« الجنوب ليس لديهم تعاطف مع القضية الفلسطينية لأنهم يعتبرون الفلسطينيين والسودانيين عرباً وكلاهما استعمر أرض الأجداد واستوطن فيها»، وعلى الرغم من أن الدولة القديمة في السودان من الناحية الفنية في حالة حرب مع الدولة اليهودية إلا أن جنوب السودان ظلت تربطها صداقة طويلة مع إسرائيل منذ تأسيسها في العام 1948، وترجع جذور الصداقة بالإضافة إلى الجذور الدينية، إلى حركة «أنانيا 2» حيث كانت إسرائيل الداعم المعنوي والمادي والمورِّد الرئيس للأسلحة والمناورات الدولية للحركة وقائدها الجنرال جوزيف لاقو آنذاك، الأمر الذي جعل لاقو يرسل رسالة تهنئة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، ليفي أشكو بعد انتصاره في حرب الأيام الستة عام1967، التي دعمتهم فيها الحركة بناءً على القول المأثور: «عدو عدوك صديقك».