في مشواره في رحلة البحث عن عمل بعد تخرجه في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا بكلية علوم الحاسوب وتقانة المعلومات في عام «2010م» لجأ الخريج محمد حسن بكري لخيار الاغتراب بدولة الإماراتالمتحدة التي وصلها بالفعل في الأسبوع الماضي، تلك هي بداية رحلة جديدة في بلاد المهجر، ونهاية المطاف بالسودان، ولكن ماذا عن البداية؟ عقب تخرجه التحق محمد للعمل كمتعاون في الجامعة التي تخرج فيها، لمدة ثلاثة أشهر، وبعد حصوله على شهادته أدى الخدمة الإلزامية بالجامعة لمدة سنة، ثم عرضت عليه الكلية العمل كمتعاون براتب سقفه الأعلى (300) جنيه، إلى حين فتح مجالات التعيين بالجامعة، لم يكترث للأمر كثيرًا فالعائد ليس مجزيًا، حتى لو تم استيعابه في التعيينات، لذا توجه للعمل تحت التمرين في أحد البنوك أملاً في الحصول على وظيفة، دون جدوى فاتجه إلى شركات الاتصالات ولكن دون جدوى أيضًا، أما لجنة الاختيار التي لم تشأ تتحدث عن فتح أبواب التقديم للوظائف من خلالها، عبر الفرص التي تطرحها المؤسسات والوزارات الحكومية، التي بلغت خمسة آلاف وظيفة كما قالت، ولكن هذه اللجنة لم تبدُ سوى كيان طارد بالنسبة لمحمد، فالحصيلة التي خرج بها هي أن تخصصه غير مرغوب فيه، الشي الذي يردّه محمد بقوله: إن نظم الحاسوب والشبكات تتعلق بعمل الحواسيب، فهي تهتم بتشغيل أنظمة الحاسوب، وتحليل النظم وتصميمها، كما أن الشبكات معنية بتركيب الشبكات وضبطها، وتهيئتها للعمل، ويضيف أن اللجنة تقول إن المطلوب لديها خريجين من تخصصات علوم الحاسوب، ولا فرق بين الأخيرة والتخصص الذي درسه محمد (نظم الحاسوب والشبكات)، حالة من الفتور شابت تطلعات الخريج محمد الذي اتجه للعمل الحر، فانشأ بمساعدة والده مقهى إنترنت في الحي الذي يقيم فيه، ريثما يعثر على عمل في مجال تخصصه، ولكن الرياح جرت على نحو مغاير لما تشتهي سفنه، فعائد المقهى لم يكن ذا بال أو جدوى، أخيرًا لم يبقَ أمامه خيار سوى الاغتراب، ولكن عندما شرع في إجراءات السفر ومتطلباته لم يكن ميسورًا عليه الحصول على العملة الأجنبية، بسبب الزحام الكثيف في الصرافة، وقال إنه لاحظ أن تجار العملة يفدون للصرافة لشراء العملة لعدد من الأفراد، الذين يحملون جوازاتهم، ورغم أنه ظل يتردد على الصرافة لشراء هذه العملة الصعبة، لثلاثة أيام قبل تحرير سعر الدولار إلا أنه لم يوفَّق في مسعاه هذا إلا بعد نفاذ قرار التحرير، الشيء الذي كلفه أكثر في شراء الدولار، أيام قليلة تفصل محمد عن الهجرة، لا تبدو عليه إشارات القلق أو الخوف من المجهول، فهو بدا متفائلاً، وواثقًا من نجاحه وحصوله على فرصة عمل يمارس فيها تخصصه، وتسمح له بتطوير مهاراته، لا سيما أنه واثق من مؤهله العلمي، وعن إقامته هناك قال إن معارف أسرته هناك كثر، فضلاً عن مجموعة من الشباب الذين سينضم إليهم هناك، ويبدو أن حلم الهجرة يداعب خيال الكثيرين من أصدقاء محمد، الذين أوصوه بأن يرسل إليهم متى ما ظهرت له مجالات عمل يمكن أن تستوعب تخصصاتهم، ويبقى أن محمدًا في تطلعاته لمستقبل أفضل لم ينسَ أنها المرة الأولى التي يفارق فيها أسرته، ورغم تألمه وأسرته لذلك أنهم يقدرون دوافعه ويدعون له بالتوفيق.