أضحى الاستعمار قلقاً على مصيره في الوطن العربي بمشرقه ومغربه وذلك بعد أن تأكد له أن سلطة السلطان عبد الحميد قد آلت إلى زوال: وأن الدول الاستعمارية متفقة على تقسيم الوطن العربي وفق مصالحها الحيوية وإستراتيجياتها في المنطقة وأن الوطن العربي والإسلامي هو ضالتها المنشودة ولكن الذي يقلق الاستعمار الغربي هو مسار الدعوة الإسلامية الذي كان في تألق وصعود في الوقت الذي يتعثر فيه تقدم النصرانية في العديد من دول العالم الثالث وإفريقيا وآسيا على وجه الخصوص فالأمبراطورية العثمانية أضحت إلى زوال وبدأت خطى الدول العربية تتحسس طريقها نحو الوحدة بالرغم من قبضة الاستعمار الحديدية: إلا أن المفكرين القوميين العرب كان سعيهم هو التخلص من الحكم العثماني ويدعون لوحدة عربية شاملة تضم مشرق الوطن العربي ومغربه وهو ما يحرك بلا شك مطامع الاستعمار ويهدد أحلامه وطموحاته. هذا الموقف القاتم الذي يهدد مصير الاستعمار الغربي دفع رئيس الوزراء البريطاني «السير هينري كامبل بنر مان» أن مصير الاستعمار قد يصبح في زوال ولاسيما في بلاد تتمدد على سواحل عدد من البحار والمحيطات وتتحكم بالقارتين الآسيوية والإفريقية هي بلاد العرب فهي تتمدد من ساحل المحيط الأطلسي غرباً حتى ساحل البحر الأبيض شمالاً وساحل الخليج العربي والمحيط الهندي شرقاً حتى القسم الجنوبي من القارة الإفريقية جنوباً أي بمساحة تتجاوز ال «14» مليون كلم إضافة إلى أن هذه المنطقة تزخر بالثروات الطبيعية كما انها تتحكم بمنافذ البحر الاحمر من باب المندب حتى قناة السويس وهو ما يجعل هذه المنطقة ذات خصوصية «للامة العربية المسلمة» اذا ما اتحدت فهي قوة تسيطر على الاتصال البحري والبري بين القارتين الآسيوية والافريقية وبين القارة الاوربية من جهة اخرى مما يجعل تأثيرها في السياسة الاوربية الاستعمارية هاماً وخطيراً. إزاء هذا الوضع ومآلاته المستقبلية دعا كامبل الى مؤتمر دولي يضم مفكرين وعسكريين وباحثين وسياسيين واقتصاديين واجتماعيين من اهم الدول الاستعمارية في ذلك الوقت وهي:- 1/ بريطانيا 2/ فرنسا 3/ هولندا 4/ بلجيكا 5/ اسبانيا 6/ ايطاليا 7/ البرتغال ومن اهم الشخصيات التي حضرت المؤتمر هم:- 1/ البروف: جيمس مؤلف كتاب زوال الامبراطورية الرومانية 2/ لويس مادلين الأستاذ بجامعة السربون بفرنسا ومؤلف كتاب نشوء امبراطوية نابليون وزوالها. 3/ البروف / لستر الأستاذ بجامعة لندن كما دعي لهذا المؤتمر علماء الجغرافية وعلماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد وكبار القادة العسكريين وخبراء في شؤون النفط والزراعة مثال «لنسنج سميث ودثترنج، وزهاروف» وعدد كبير من رجال الكنيسة الغربية. * بدأ المؤتمر اعماله في لندن عام 1905م وكانت اجتماعاته كلها سرية وقد افتتحه رئيس الوزراء البريطاني كامبل بنر مان بكلمة جاء فيها: «تحدث كامل عن الامبراطوريات بأنها تتكون وتتسع ثم تستقر الى حد ما ثم تنحل والتاريخ مليء بهذه التطورات وهو لا يتغير بالنسبة لكل امة: * ثم بادر بنر مان المؤتمرين قائلاً: هل لديكم اسباب او وسائل يمكن ان تحول دون سقوط الاستعمار الاوربي وانهياره او تأخر مصيره؟! وقد بلغ الاستعمار الآن ذروته واصبحت اوربا قارة قديمة استنفدت مواردها وشاخت معالمها بينما لا يزال العالم الآخر «الامة العربية الاسلامية في عز شبابها تتطلع الى المزيد من العلم والتنظيم والرفاهية وهذه مهمتكم ايها السادة وعلى نجاحها يتوقف رخاؤنا وسيطرتنا فهنا لابد لنا من كبح جماح هذه الامة والسيطرة عليها ونحن لا نستطيع ان نوقف هذا الكتاب «القرآن» ولكننا نستطيع ان نغزو هذه الامة فكرياً وعقائدياً حيث نهدد مضاجعها باختراقنا لها من الداخل ونجعلها امة ممزقة من الداخل متناحرة متنافرة لا تلوي على شيء ممزقين بذلك وحدتها ومدمرين اقتصادها ومن ثم يمكن لنا ان نمد في عمر الاستعمار او نجدده باسلوب حسب الزمان والمكان الذي تصل اليه قوة خلافاتهم واختلافاتهم. * قدم هذا المؤتمر بعد مضي عامين من النقاش المستفيض ومن المعلومات الهامة والدقيقة حيث تم تقديمه في عام 1907م اي بعد نقاش دام سنتين الا ان هذا التقرير لم يرَ النور الا ان هناك جزءًا منه وصل الى كتدرائية المذهب الكاثوليكي التي يرى فيها قادة الكنيسة الاوربية: لابد ان يظل عملها في التنصير من داخل سلطة الاستعمار في تلك الدول المستمعرة وحدد اجندة بعينها لمواجهة العقائد الاخرى وعلى رأسها الاسلام شملت هذه المواجهة:- 1/ محاربة المد الاسلامي في تلك المستعمرات 2/ سيطرة الاستعمار على التعليم والصحة 3/ تحديد مناطق مقفولة تكون عودة قوية للاستعمار في استخدامها ضد الدولة المسلمة مثال المناطق المقفولة في جنوب كردفان والنيل الازرق وجنوب السودان. 4/ العمل على تباعد الدولة المسلمة من بعضها البعض حتى لا تحقق اي وحدة عربية والمثال على ذلك كثير. 5/ دراسة الاخطاء التي تهدد المصالح الغربية وعقائدها في المنطقة العربية 6/ العمل على غزو هذه البلاد الاسلامية فكرياً. * كما قامت الكنائس الاوربية بطرح الاسئلة الآتية على الدول الاستعمارية حيث وجهت هذه الاسئلة لتحد وتكبح جماح الشعوب المسلمة والاسئلة هي: 1/ كيف يكون وضع هذه المنطقة وتبعيتها للاسلام اذا توحدت فعلاً امال شعوبها واهدافها واذا اتجهت هذه القوة في اتجاه واحد؟! 2/ ماذا لو دخلت الوسائل الفنية الحديثة ومكتسبات الثورة الصناعية الاوربية الى هذه المنطقة؟ 3/ ماذا لو انتشر التعليم وعمت الثقافة في اواسط هذه الشعوب؟ 4/ ماذا سيكون اذا تحررت هذه المنطقة واستغلت ثرواتها الطبيعية في خدمة الإسلام؟ 5/ ما هو موقف الكنسية الاوربية من الغزو الاسلامي الى اوروبا * فأجابت الكنيسة عن هذه التساؤلات باجابات حازمة: «عند ذلك ستحل الضربة القاضية بالحضارة الاوربية ومستعمراتها وستتبخر احلام الاستعمار بالخلود فتتقطع اوصاله ثم يضمحل وينهار كما انهارت الامبراطوريات الرومانية والاغريقية؟ * على الدول ذات المصالح المشتركة ان تعمل على استمرار عدم وحدة الامة الاسلامية واستقرارها وبذر الخلافات حتى تنال من ثرواتها وذلك تارة بالقوة وتارة بعدم استقراها وامنها وتأخرها وابقاء شبعها على ما هو عليه من التفكك والتناحر وجهل ومرض. * ضرورة فصل الجزء الافريقي في هذه المنطقة من الجزء الآسيوي ويرى التقرير اقامة حاجز بشري قوي وغريب يحتل الجسر البري الذي يربط اوربا بالعالم القديم ويربطها معاً بالبحر الأبيض المتوسط بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار «اسرائيل» وعدو لسكان المنطقة من خلال هذا التقرير والذي تجاوز أكثر من مائة عام نستقرئ ما يحدث الآن في الساحة العربية الإسلامية فنضع النقاط التالية ونناقشها وفق المعلومات وعناصرها والخيارات لدراسة المستقبل بداية * بالربيع العربي والذي يهدف لتغيير الانظمة الحاكمة في المنطقة العربية الإسلامية حيث لا شعب سواهم في اوربا. هل هي نتاج لظلم الحكام لشعوبهم في المنطقة العربية الاسلامية وألا يوجد اي ظلم عند حكام اوربا او الامريكتين او افريقيا ... إلخ. لماذا فصل الربيع العربي فقط لتغيير الحكام المسلمين من العرب