كالعادة شغل المؤتمر الوطني الناس لفترة من الوقت بشأن إعادة هيكلة الحكومة التي تزامنت مع إعلان الرئيس البشير في الشهر الماضي عن حزمة من الإجراءات بغرض انعاش الاقتصاد ومحاولة تداركه من أن تجرفه سيول الانهيار.. فما أن يتحدث الناس عن غلاء أسعار أو رفع دعم عن المحروقات أو حتى احتجاجات إلا وكان لسان حالهم يسأل عن التغييرات.. وكان أمس الأول الخبر اليقين من نائب رئيس الحزب د. نافع علي نافع بإعلان الهيكلة الجديدة التي باختصار كما قال نافع لا تعني إجراء تغيير للوزراء ما يعني أنها ذات الحكومة العريضة التي بدلت ثيابها ولم تخفض وزنها!! تفوّق مراكز النفوذ أقرب مثال للهيكلة تماشيها مع المثل الشائع «تمخض الجبل ..!!» إذ أن مراكز النفوذ تغلّبت على القرار المؤسسي من خلال الوزارات ذات الصلة أو التي بينها تشابه لم يتم إدماجها، على سبيل المثال الطاقة والمعادن رغم أن الوزارة في وقت سابق كانت الطاقة والتعدين وربما من الأسباب التي طردت فكرة دمجهما هي الإنجازات التي تحققت في المؤسستين فما أصابه كمال عبد اللطيف من نجاح لا تخطئه العين وباتت الحكومة «تعرض فوق عز وزارته» بعد أن رفعت الحكومة وأوصلتها إلى سطح البحر وأشبعت رئتيها ببعض الهواء، كما أن تولي كمال لشؤونها جاء في توقيته بعد البيات الصيفي الذي كانت تعيشه، ومعلوم ديناميكية الرجل وحيويته بينما الطاقة يكفي أن وزيرها عوض الجاز حقق نجاحات ومجاهدات كالتي حدثت عقب تحرير هجليج وإعادته الأمور إلى نصابها الصحيح بأقل كلفة ومع ذلك كان البعض يتوقع دمج الوزارتين.. بينما الأمر الأكثر تعقيدًا دون أن يجد الناس له تفسيراً هو عدم دمج «الكهرباء والسدود» مع الري والتي كانت تمنح الحكومة إمكانية تقليص عدد من الوزراء، فالكهرباء عليها ثلاث وزراء: «أسامة عبد الله ووزيرا الدولة الصادق محمد علي وتابيتا بطرس» بينما يشير البعض إلى أن مسؤول السدود الحضري هو الآخر بدرجة وزير دولة، ما يجعل الهمس الذي يدور بأن الكهرباء إمبراطورية قائمة بذاتها مقارنة بالأموال الطائلة التي تدخل خزانتها أقرب للصواب ما جعل النظر لهذه الوزارة وكأنها ارتبطت بالشخوص.!! «ربكة» الدمج !! المفاجأة في دمج الوزارات هو إعلان د. نافع هو نظر لجنة الرئيس المكلفة بإعداد الهيكلة في مسألة دمج وزارات الثقافة والإعلام والإرشاد ولعلها المرة الأولى التي تسير الوزارات الثلاث مجتمعة في قضيب الجهاز التنفيذي، وعرف الناس لوقت قريب تناغم وزارتي الثقافة والإعلام، ثم الثقافة مع الشباب والرياضة بيد أن ملامسة الإرشاد والأوقاف، للثقافة قد يتطلب قدرًا عالياً من الفطنة والدربة السياسية والتنفيذية لإدارة وزارة بهكذا تصميم وهي حالة من الإرباك طغت على صوابية إدماج وزارتي الاتصالات في العلوم والتقانة والعمل في الموارد البشرية وإلغاء وزارة التعاون الدولي التي كانت خصماً على وزارتي الخارجية والمالية. وزراء الدولة.. كبش الفداء لم يجد المؤتمر الوطني أمامه سوى إطاحة وزراء الدولة الذين يتجاوز عددهم الثلاثين وزيرًا كانت الحصيلة تسعة من منسوبيه من جملة «19» وزيرًا يتبعون له وثلاثة من شركائه.. وإلى حد كبير كان عدد منهم تم تعيينه في إطار الموازنات والترضيات خاصة الذين ينحدرون من الولايات التي بها بعض التعقيدات. ومع هذا التقليص الذي شمل «12» وزير دولة كان البعض يتوقع أن يشمل الوزراء الذين خُفض منهم خمسة فقط منهم اثنان ليسوا مؤتمراً وطنياً «الهد أنصار السنة» و«إشراقة الاتحادي المسجل» الأول في الاتصالات والثانية التعاون الدولي وسيعود حزباهما في الوزارة كما قال د. نافع. الشركاء.. تفاهمات ناقصة واحدة من المسائل التي أخرت التشكيل الوزاري هو تنصل شركاء الوطني من الإيثار والتبرع ببعض مقاعدهم للمصلحة العاصمة وفضلوا أن تكون الحكومة بدينة حتى ولو «طرشقت» من الترهل وربما هذا ما أدى لتدخل الرئيس البشير شخصياً حيث التقى بزعيم الاتحاديين الميرغني بشأن الهيكلة وهو الخبر الذي انفردت به «الإنتباهة» وأثمر اللقاء بإعفاء مستشار الرئيس حسن مساعد ووزير دولة علمت «الإنتباهة» أنه سيطول ممثلهم في وزارة الزراعة جعفر أحمد. وتكرر ذات الأمر مع الاتحادي المسجل «إعفاء المستشار أحمد بلال» وسيلحق به وزير الدولة بالعلوم محجوب عبد الله. أما حزب الأمة الفدرالي على مستوى وزراء الدولة فيتوقع أن يغادر الحكومة أحد وزراء الدولة المنتسبين له وهما اثنان: بابكر دقنة بالداخلية وإسحق آدم بالنفط وبحسب معلومات «الإنتباهة» فإن الأخير سيغادر.. ومهما يكن من أمر فإن الهيكلة التي لم ترضِ التطلعات ستجعل الوطني في اختبار حقيقي باختيار توليفة جيدة عند تسمية الوزراء.