هكذا تتكشف الضمائر الموغلة في الخراب، والتكسب من فرج التلفيق ولي عنق الحقيقة، من خلال التناول غير الدقيق لقضايا الراهن بغية تشويه الصورة أو طمس ملامحها... هكذا يفعل مدير مكتب قناة الجزيرة الفضائية المسلمي البشير الكباشي وطاقمه المحترم بالمشهد الداخلي الذي تفرخ نتيجة لإصلاحات اقتصادية ألقت بظلالها على معاش الناس... إذ لم يراعِ المسلمي ومن سار على هديه شرفاً للمهنة والتي تتطلب الوقوف على قدم المساواة نقلاً للوقائع مجردة... لا غرض خلفها ولا تلفيق، أو تقليل بالمقابل ولا تبخيس هكذا يقول السطر الأول من التعريف.. تعريف شرف المهنة!! لكن المسلمي ومن شايعه لم يكتفوا بقلب الصورة فقط بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك بصناعة الأحداث بغية إنتاج أزمة المستفيد الوحيد منها هم طاقم مكتب الجزيرة بالخرطوم... أما الشواهد على ذلك، فكثيرة لا تحصى ولا تعد، ومنها على سبيل المثال إفادات مقتضبة لمراسل القناة الطاهر المرضي، بثته القناة «لايف» ظهر يوم السبت 30/6 حيث أكد خلالها اندلاع مظاهرات عنيفة في أماكن متفرقة من مدينة أمدرمان، في حين كانت المدينة المفترى عليها في تلك اللحظة تنعم ب «قيلولة» تُحسد عليها.. وما كان من أمر منتج مكتب القناة في سبيل صناعة الأحداث لهو دليل دامغ آخر على خطل الممارسة، وضيق الأفق، فالرجل أجرى اتصالات مكثفة بعدد من مصوري القنوات المحلية عارضاً عليهم القيام بإنتاج وثائق مصورة تعكس أن هناك احتجاجات عامة، وذلك مقابل حافز قال عنه إنه يفوق بكثير رواتبهم الشهرية، إلا أن الحس الوطني العالي رغم الظروف المادية الصعبة دفع المصورين للرفض وبقوة تمسكاً منهم بمبدأ عدم البيع الرخيص.. الطامة الكبرى إذن تأتي دائماً من الكبار، وحينها يصبح ما ذكر أعلاه متمترساً خلف: «إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا... إلخ»، إن كان الأمر كذلك، دعوني أحدثكم عن حقيقة خبر اقتياد مصور القناة «ياسر سليمان المهدي» إلى جهة «غير معلومة» أو كما قال المسلمي، حيث إنه قبل أن يبث هذا الخبر بنحو ساعة اتصل مدير مكتب القناة «المسلمي الكباشي» بجهات ذات صلة، ونقل لها تلقيه لاتصال من المصور المذكور يخبره بأنه محتجز الآن بقسم شرطة بحري وسط، وطلب الكباشي بحكم التنسيق القائم بينه وبين الجهات المسؤولة التدخل بغية إطلاق سراح المصور المذكور... لكن ماذا تقول في رجل التلفيق يجري في عروقه مجرى الدم، إذ قام بنقل الخبر على نحو يؤكد أن المصور تم اقتياده إلى جهة «غير معلومة» وظلت القناة تروج لذلك حتى تبين لها أن القصة برمتها تلفيق في تلفيق، وكأي قناة مسؤولة قامت بحذف الشريط فوراً... وللمعلومية كان المصور المذكور يصور بعض احتجاجات من خلال هاتفه النقال ولم يكن يرتدي ما يوحي بأنه ذي صلة بالقناة ولم يقدم أي سند يبين تبعيته للقناة ومع ذلك تم إطلاق سراحه... وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خلل إداري ناتج عن جهل بأبسط مقومات العمل الإعلامي والذي ينسحب في النهاية على قناة الجزيرة وسمعتها ومهنيتها.. بعد كل ذلك... ماذا تنتظر قناة محترمة مثل قناة الجزيرة، التي تجد القبول المطلق لدى عامة الشعوب العربية والشعب السوداني على وجه الخصوص، ماذا تنتظر، وقد لطخ مدير مكتبها في الخرطوم هذه السمعة وهذا القبول بالمخزي من الإخفاق، ألم يحن الوقت بعد، للنظر في أمر فريق يعمل على طمس الحقائق بأحاديث الإفك التي تخدم جهة بعينها؟ الوقت مناسب الآن ليغادر المسلمي وأعوانه غير مأسوف عليهم، لإفساح المجال لمن هم أكفأ وأصدق.. حتى تعود القناة في نفوس الشعب السوداني لسيرتها المعهودة..