٭ من سنة الحياة تقلُّب الأحوال وعثرات المحن وأفراح الزمان وأتراحه، وتتفاوت هذه التقلبات بتغيرات الزمان والمكان، ويكون طعم النجاح ذا مذاق خاص إذا ولد من رحم المعاناة.. والقصة التي نود سردها تدور تفاصيلها بين إنجلترا وشوارع محطة الجوازات بأم درمان وبرشلونة الإسبانية وأزقة الجرافة بمحلية كرري، وهي المناطق التي خرج منها الصحفي السوداني عبد الله الحاج محمد صالح الشهير ب «عبده الحاج» صحفي المنوعات الشهير قبل ثلاثة عشر عامًا، والذي عمل بعدة صحف سودانية، وقد خضع ود الحاج لعملية زراعة قلب في إسبانيا بعد إصابته بتضخم في عضلة القلب وهي عملية تم إجراؤها بفريق طبي عالي المستوى استمرت لأكثر من عشر ساعات وبنسبة نجاح «15%» فقط، وصفتها زوجته بأنها أصعب عشر ساعات في حياتها تخللتها لحظات عصيبة عندما تعرض ود الحاج وقتها لنزيف حاد أثناء العملية، ولم يكن بمقدور السودانيين المقيمين في إسبانيا مساعدته لتلوث دمائهم بالملاريا كما يقولون ووضع السودان في القائمة السوداء من حيث التبرع بالدم.. لمعرفة كيف مرت اللحظات العصيبة وكيف تحول إحساس الجسد السوداني الذي دبت فيه الحياة بالقلب الإسباني تابعوا هذه التفاصيل التي نرويها لكم من الديار السودانية حيث منزل أسرة عبده الحاج بأم درمان جوار محطة الجوازات ومنزل أسرة زوجته بالجرافة محلية كرري.. ٭ التقينا الأستاذ عبده الحاج بعد خروجه من العملية وكتابة عمر جديد وعودته للبلاد معافى، فقال معرفاً بنفسه: اسمي عبد الله الحاج محمد صالح من أبناء أم درمان التي ولدت فيها ودرست كافة مراحل التعليم بها ثم التحقت بجامعة الإسكندرية ودرست الإعلام.. بدأت مسيرتي الصحفية بصحيفة «صوت الشارع» في عهد الديمقراطية الثالثة. ٭ وحول مغادرته للبلاد قال ود الحاج: مغادرتي للسودان تعتبر امتدادًا وإشباعًا لضروراتي الحياتية فالسفر بالنسبة للصحافي يشكل الماء القراح للظمآن، وتجربتي حقيقة لم أرتب لها، لكني وضعت أهدافًا في حياتي وعزمت على تحقيقها وسافرت إلى إسبانيا، وشكلت عوامل اللغة والثقافة عقبة في طريق حياتي الصحفية إلى جانب اختلاف التكنيك وطريقة الكتابة عند الاسبان غير أني تعرفت على صحفيين أسبان وتعرفت على عدد منهم وقدمت عددًا من الأعمال. ٭ انتقلنا بعد ذلك لقصة مرض ود الحاج وإصابته المفاجئة وقال: غادرت إلى اسبانيا في نهاية العام «1998» بعد أن حصلت على إذن الإقامة والعمل وفي العام «2007» انتقلت من برشلونة إلى لندن وعملت بها لثلاثة أشهر وأثناء فترة العمل تلك أحسست بإغماء وإعياء وتعب غير معهود يتخلله عرق في الوجه بصورة غريبة، وكنت في بعض الأحيان أسقط على الأرض من شدة الإغماء والإرهاق.. انتابني الخوف فتوجهت إلى طبيب مختص في لندن وأوضحت الفحوصات الأولية عبر الأجهزة الحديثة أن هناك مشكلة في القلب، وأن هنالك ثلاثة شرايين مغلقة لا تسمح للدم أن يدخل ويخرج من القلب بصورة طبيعية، فقررت العودة إلى أسرتي في برشلونة وأجريت فحوصات جديدة هناك.. وبالفعل أوضحت الفحوصات أشياء جديدة.. حيث أشار الطبيب إلى تضخم في عضلة القلب نتيجة لإصابتي بالتهابات رئوية حادة في مرحلة الطفولة الباكرة، ولم يتم علاجها بالصورة المطلوبة فأدى إلى تفاقم المرض وظهوره في هذه المرحلة، وقرر الطبيب إجراء عملية لزراعة القلب لعدم قدرة القلب القديم الذي أصبح تالفًا ويعمل بنسبة «25%» وهي مرحلة خطرة تتطلب إجراء العملية في أقرب فرصة لخطورة الحالة. «غدًا تكتمل القصة بالمأساة التي أنهت حياة الصحفي عبده الحاج».