ترى «الحماراً الوفي» فتزدريه وفي أثيابه أسد هصور؟ عجبي !! لقد قرأت أخيراً قصة في أحد المنتديات الإلكترونية من ذلك النوع الذي يضيف لثقافة افتراء الغباء عند الحمار. ولا أدري من أين جاءت تلك الثقافة.. ربما من قصص «كليلة ودمنة» ربما.. ولكن ظل الحمار مثار إعجابي وأنا أراه يحقق لآلاف الأسر دخلاً مقدراً وهم يربطونه على عربات الكارو، وهو يؤدي تلك المهمة دون كلل أو ملل، ولم يحدث يوماً أن توقف عن العمل مهما كانت نوع المعاملة التي يلقاها من أصحابه. لقد اهتم أحد الأساتذة المهندسين الإنجليز عندما كان يعمل بالسودان بأمر الحمار، فصنع عربة «كارو» بها مواصفات كثيرة تجعل الحمل على الحمار خفيفاً، كما أنه وضع مكاناً لصاحب الكارو ليجلس عليه لا يضيف وزنه لوزن البضاعة التي تحمل على الكارو. وسجل براءة ذلك الاختراع في بريطانيا ووضع أنموذج ذلك الاختراع أو البروتوتايب «Prototype» في كلية الهندسة في جامعة اوكسفورد. وخلق الله الخيل والبغال والحمير والجمال وغيرها من الحيوانات الساحبة Draft Animals لنركبها وزينة (وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس» ويقول الله سبحانه وتعالى «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ «71» وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ «72» وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ «73») يس. تأمل أن الله سبحانه وتعالى يقول «مما عملت أيدينا» و «ذللناها لهم». فقد اختار الله سبحانه وتعالى من تلك الأنعام أنعاماً بعينها ثم ذللها لنا، ولو لم يذللها لنا لما استطعنا أن نستخدمها ولبقيت مثل الأسود والنمور عصية على الاستئناس. فالحمار إذن هو من ضمن الأنعام التي ذللها الله سبحانه وتعالى لنا. وما استكانة الحمار وخضوعه لنا إلا استجابة لما جبله الله سبحانه وتعالى عليه من خصال،. بل إن الحمار يتخلى عن جميع مباهج الدينا والاستمتاع ببنات جنسه إلا من خيالات تمر عليه وهو نائم، فالحمار ينام وهو واقف. فإذا رأيت حماراً يقف على تلك الهيئة فأعلم إنه نائم يحلم ويستحلم. وليس في استحلام الحمار من حرج. ترك كل تلك المباهج وهو قادر وشديد لكي يخدمنا.. أفلا نكون من الشاكرين؟ بل نقسو عليه بالضرب ونصفه بالغباء والبلادة. والقصة التي استفزتني تقول: «غابة بها حمار ونمر وثعلب. النمر كالعادة كان جائعاً وكان معه الثعلب الذي لا يفارقه في حله وترحاله وكأنه رئيس وزرائه. قال النمر: يا ثعلب هات لي طعاماً وإلا اضطررت لأكلك!! قال الثعلب: تأكلني؟ لا لا، الحمار موجود سآتيك به حتى تأكله. قال النمر: طيب اذهب ولا تتأخر. ذهب الثعلب في زيارة مكوكية إلى الحمار وقال له: انتبه إن النمر يبحث عن ملك للغابة فاذهب معي حتى تتقرب منه فقد يتوجك ملكاً فتنصبني وزيراً لك. قال الحمار هل أنت متأكد يا ثعلب؟ قال الثعلب: نعم. فأخذ الحمار يفكر بالمنصب الذي ينتظره فرحاً بفرصة عمره، وأخذ يبني شكل وهيئة مملكته وحاشيته من الأحلام الوردية التي حلقت به في فضاء آخر. طبعا وصل الحمار عند النمر وقبل أن يتكلم قام النمر وضربه على رأسه فقطع أذنيه، ففر الحمار على الفور. قال النمر: يا ثعلب هات لي الحمار وإلا أكلتك.. قال الثعلب: سأحضره لك ولكن أرجو أن تقضي عليه بسرعة. قال النمر: أنا بانتظارك. راح الثعلب للحمار مرة ثانية وقال له: صحيح أنك حمار ولا تفهم، كيف تترك مجلس النمر وتضيع على نفسك هذا المنصب، ألا تريد أن تصبح ملكاً؟! قال الحمار: إلعب غيرها يا ثعلب تضحك علي وتقول أنه يريد أن ينصبني ملكاً وهو في الواقع يريد يأكلني. قال الثعلب: يا حمار، هذا غير صحيح هو حقاً يريد أن ينصبك ملكاً ولكن تمهل ولا تستعجل!! قال الحمار: إذن بماذا تفسر ضربته على رأسي، حتى طارت أذناي؟ قال الثعلب: أنت غشيم يا حمار، كيف ستتوج وكيف سيركب التاج على رأسك؟ كان يجب أن تطير أذناك حتى يركب التاج على رأسك يا حمار!! قال الحمار: هه أع أع أع صدقت يا ثعلب، سأذهب معك إلى النمر الطيب!! رجع الحمار برفقة الثعلب إلى مكان النمر مره ثانية. قال الحمار: أع أع أع يا نمر أنا آسف، لقد أسأت الظن بك!! قال النمر: بسيطة ما صار شيء. ثم قام من مكانه واقترب من الحمار وضربه مرة ثانية على مؤخرته فقطع ذيله، ففر الحمار مرة أخرى. قال الثعلب: أتعبتني يا نمر!!! قال النمر «متذمراً»: هات لي الحمار وإلا أكلتك!! قال الثعلب: حاضر! رجع الثعلب للحمار وقال: ما مشكلتك يا حمار؟ قال الحمار: أنت كذاب وتضحك علي، فقدت أذني ثم فقدت ذيلي، وأنت مازلت تقول إنه يريد أن ينصبني ملكا، أنت نصاب يا ثعلب!! قال الثعلب: يا حمار شغل عقلك، قل لي بالله عليك كيف تجلس على كرسي الملك وذيلك من تحتك؟ قال الحمار: لم أفكر في هذه ولم تخطر على بالي!! قال الثعلب: لهذا ارتأى النمر ضرورة قطعه. قال الحمار: أنت صادق يا ثعلب، أرجوك خذني عنده لأعتذر له وحتى نرتب الأمور. أخذ الثعلب الحمار معه إلى النمر مرة ثالثة. قال الحمار: أنا آسف يا نمر، ومستعد لكل الذي تطلبه مني. قال النمر: لا تهتم هذه مجرد اختلافات في وجهات النظر. ثم قام وانقض على الحمار وأطبق بفكيه على رقبته والحمار يصيح «دع رقبتي!!!... أين أضع التاج.. أين أضع التاج.. أين أضع التاج» ولفظ بعدها الحمار أنفاسه الأخيرة. قال النمر: يا ثعلب خذ اسلخ الحمار وأعطني المخ والرئة والكلى والكبد. قال الثعلب: طيب. أكل الثعلب المخ ورجع ومعه الرئة والكلى والكبد. قال النمر: يا ثعلب أين المخ؟ قال الثعلب: لم أجد له مخاً يا صديقي. قال النمر: وكيف يكون ذلك؟ قال الثعلب: لو كان للحمار مخ ما كان ليرجع لك بعد أن قطعت أذنيه وذيله. قال النمر: صدقت يا ثعلب فأنت خير صديق. هذه القصة الفطيرة لا تساوي شيئاً بالنسبة للغباء الذي يتمتع به بعض بني البشر. فهناك مجموعة مكونة من خمسة رجال ملثمين اقتحمت مبنى في البلدة واستولت عليه وأخذت الذين بداخله رهائن، وطلبت مقابلة أكبر مسؤول في البلدة لتقدم طلباتها. قالوا للمسؤول: نريد خمسة ملايين دولار فوراً وطائرة تقلنا خارج البلاد. قال لهم المسؤول وإذا لم نجب مطالبكم؟ قال كبير مفاوضيهم: في ظرف خمس ساعات إن لم تجب مطالبنا فإننا كل ساعة سنقتل واحداً منا. والقصة الثانية: أجريت مسابقة بين ثلاثة متسابقين وعلى كل متسابق أن يعبر نهراً ثم يتسلق جبلاً ثم يقتل الغوريلا ويتزوج الأميرة. الأول: حاول أن يعبر النهر فغرق في نصف المسافة. الثاني: عبر النهر بسلام إلا إنه سقط من الجبل فتدحرج إلى السفح فمات. الثالث: عبر النهر، وتسلق الجبل، وقتل الأميرة وتزوج الغوريلا.. القصة الثالثة: كادت البنت أن تغرق في البحر فهب لنجدتها شاب ذو همة وسبح نحوها وتمكن من إنقاذها وحملها إلى شاليه كانت تستأجره لتقضي فيه إجازتها. وفي الصباح وجد رجال الشرطة الشاب مشنوقاً وجثته تتدلى من سقف الشاليه. فقالت البنت وهي تعبر عن امتنانها للشاب. لقد أنقذني من موت محقق.. فأردت أن أعلقه لينشف حتى لا يصاب بنزلة برد. نزيدكم ولا كفاية؟ آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل، وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أو تعبر الشارع، واغلقه أو اجعله صامتاً وأنت في المسجد.