منذ تمرد كتيبة بور بقيادة كاربينو كوانين وعبر كل مراحل تشكيل الحركة الشعبية ظلت صراعات مراكز القوى مستمرة ومؤطرة جهوياً، وقد بلغت مراحل التصفيات الجسدية والأمثلة كثيرة على ذلك.. وكنتاج طبيعي لهذه الصراعات جاء تشكيل أول حكومة للجنوب من جنرالات الحرب ومن حولهم من المؤيدين وأهل الثقة وبذلك استمر نفس صراع المحاور ومراكز القوى تارة جهراً وأحياناً سراً وأحياناً أخرى يظهر في صورة مؤامرات داخلية تقود إلى المشكل الرئيس لدولة الجنوب التكوين والنشأة وأخطاء الجهوية وعدم الثقة في المكونات الداخلية الأخرى. ولكن في المراحل الأخيرة تسارعت خطى تفكك وانفلات دولة الجنوب.. صراع المراكز ما بين شد أطراف الحكومة دينكا نوير شلك... إلخ وما بين المجاعات التي تجتاح الجنوب بصفة عامة ورائحة الفساد تزكم الأنوف والمحسوبية والتصفيات بدون تهم موجهة أو حتى محاكمة الحروب الداخلية المنظمة والعشوائية كل هذا جعل سلطة الجنوب ممثلة في رئيسها العريف سلفا كير في حالة قلق وعدم استقرار وخوف من المجهول القادم وهذه الحالة أخرجت قرارات مرتبكة وأفعالاً ضعيفة وخائفة زادت من سوء الحال.. وأول شاهد على ذلك العداء السافر غير المبرر من سلطة الجنوب تجاه حكومة الشمال التي منحتهم حق تقرير المصير وباشرت معهم الاستفتاء واعترفت بدولة الجنوب حين قرر أبناؤها الانفصال، وثاني شاهد قرار إغلاق النفط ونتائجه واضحة كالشمس في رابعة النهار وتكتمل الصورة بتعيين السيد توني بلير مستشاراً للدولة.. عفواً أقصد رئيساً حاكماً لدولة الجنوب. وهنا نقف لنعرف هل أتى السيد بلير يحمل سيرته الذاتية منافساً على وظيفة محددة تمثل طموحه الشخصي وتكفي حاجته المادية أم جاء ليحكم دولة الجنوب وبعض الدول الإفريقية الأخرى وإعادة الاستعمار القديم بإخراج جديد بدلاً من الحاكم العام أو المندوب السامي يتجمل بمسمى مستشار والله إنها نكتة القرن السيد بلير مستشاراً للعريف سلفا كير!!! إذن يجب ألا نستغرب غداً أن تأتي تاتشر وبراون وهشلباند ضمن التشكيل الوزاري الجديد لحكومة الجنوب وأين باقان أموم وياسر عرمان اللذان طفقا يحدثاننا عن الفساد والحريات وحقوق الإنسان وهما يتحكران فوق أرائك القصر الجمهوري أو وهما يقودان سياراتهما الفارهة في وسط الخرطوم تتبعهما سيارات الحرس والحاشية أين هما الآن مما يجري في دولة الجنوب وهما أنفسهما تطولهما جرائم وشبهات الفساد وكتم الحريات وهضم حقوق الإنسان في الجنوب أين عرمان ندوات الخرطوم السياسية التي شبع فيها نعيقاً «وأرقى وأزبد» أمام ميكرفوناتها يحدثنا عن المدينة الفاضلة وبالمناسبة أيضاً أين أبو عيسى رفيقهما بالأمس واليوم لماذا لا نسمع رأيه حول ما يجري في دولة الجنوب فقد سمعناه هائجاً مهتاجاً يحدثنا عن التي جلدت وهي متبرجة وعن التي حوكمت وهي مخمورة إذاً حدثنا الآن عنك وعن رفاقك السابقين وحلفائك الحاليين!!.. الشاهد أن الصراع القبلي الجهوي في دولة الجنوب وصل إلى قمة الجبل، وعدم الثقة في مكونات الدولة حزبية كانت أم جهوية وصلت مرحلة الصفر الذي ينذر بالانفجار فتلاقت رغبة العريف سلفا كير في البحث عن ملجأ أكثر أمناً يضمن بقاءه حياً أولاً ثم بقائه على قمة السلطة ثانياً تلاقى ذلك مع رغبة الغرب ومطالبته بالسلطة في هذه البقعة المهمة من العالم لإعادة الاستعمار القديم بوجه ومسمى جديد قال مستشار قال!!!.. إذن استعدوا لتشاهدوا غداً السيد بلير يتوشح اللاو والسكسك على ريشتي نعام تزين مفرق رأسه ويرقص الجالوه والترم ترم في لقاء عام على سفوح كلمنجارو ولا بد أن يتبع ذلك تغيير جذري في حياة السيد بلير فكأس البراندي الصباحي سيتبدل إلى عبار مريسة مُعتبر ثم يتغدى على الكجيك في سوق ملكية وعند الغروب لا بأس من الكجومورو.. غداً سيكون للسيد بلير جيش جرار من الحريم يشمل السيدة بلير وزوجات «إخوانه المتوفون وزوجات أبيه»، وكم واحدة هدية من الكجور.. إلخ ودا كوم وشراب الدم وكسير السنون من قدام كوم تاني قال مستشار قال!!!.. كسرتين استأذن الدكتور عبد الماجد عبد القادر في استعمال كسرته وبتركيز حول ترحيل من تبقى من الجنوبيين يكلفون يومياً اثنى عشر مليون رغيفة و«2» طن زيت و«6» طن فول وموية فول ويخربون أربعة ملايين رأس بالنقة الفارغة ويبيعون السجائر في شارع «15»، ثم الكهرباء والماء وأهم من ذلك يستعملون باصات الوالي المدعومة.. نريد حلاً. ركزوا كل جهدكم ومواردكم نحو الإنتاج سريع العائد.