رمضان هذا العام يختلف كثيراً عن سوابقه.. فالمعاناة أصلاً خلال «الرمضانات الأخيرة» كانت موجودة بارتفاع أسعار السلع في رمضان، ولكن هذه المرة جاء الأمر مختلفاً لأن الارتفاع يبلغ عن العام الماضي ربما ثلاثة أضعاف، وهذا هو الأمر المحير.. هنالك إجراءات تم اتخاذها من قبل ولاية الخرطوم واتحاد العمال والمصارف السودانية، من بينها ما أعلنه إبراهيم غندور من أن بنك أمدرمان الوطني وبنك العمال وبنك السودان المركزي وجهات أخرى قامت بتقديم دعم لزيادة محفظة قوت العاملين ورفعها من «29» مليون جنيه إلى «60» مليون جنيه لتوفير تسع سلع استهلاكية بأسعار معقولة وأقساط مريحة عبر فرعيات الاتحاد بمختلف الولايات والبالغ عددها «5» آلاف هيئة فرعية. وأعلنت ولاية الخرطوم عن محفظة لتمويل السلع الرمضانية للعاملين يشرف عليها بنك العمال الوطني حيث يشمل التمويل عشر سلع رمضانية بتكلفة «500» جنيه لكل أسرة، بالأقساط المريحة، ويستهدف المشروع مائة ألف أسرة من العاملين بولاية الخرطوم والمؤسسات الاتحادية.. وتشمل السلع «4» كيس سكر زنة «10» كيلو، «2» رطل شاي، «4» كيلو عدس، «4» كيلو أرز، كيس لبن زنة «2,5» كيلو، «2» جركانة زيت زنة «4,5» لتر، ربع عدسية، ربع كبكبي، ربع تمر، «5» كيلو دقيق سيقا، «5» كيلو دقيق زادنا.. وتمتد الأقساط من «6» إلى «9» شهور. وبالفعل تحصل آلآف العاملين على تلك السلع وبدأت عملية دفع الأقساط. غير أن تلك الإجراءات، لا نقلل من أهميها، وندعو للمزيد منها، ولكنها لا تشكل حلاً للأزمة التي يعاني منها المواطنون بأكملهم، العاملون وغير العاملين بالدولة، ونسبة الأسر التي تحصلت على تلك «الأكياس» بالمقارنة مع شعب السودان هي نسبة قليلة جداً، وحتى الذين حصلوا عليها فإنها لا تعني بالنسبة لهم سوى تخفيف من المعاناة خلال شهر رمضان، وأقول «تخفيف» وليس «انهاء».. والمطلوب بالطبع إجراءات أكثر جذرية لمعالجة الأزمة بشكل يجعل كل الشعب السوداني يتحصل على احتياجاته المعيشية بأسعار تتناسب مع دخول المواطنين وهذا يقتضي: تدخل الجهات الرقابية لإيقاف فوضى التسعير في الأسواق. إعادة النظر في سياسة رفع الدعم عن السلع الأساسية، باعتبار أن المرحلة الراهنة التي يمر بها شعب السودان تجعله لا يتحمل التكلفة الكاملة للأعباء المعيشية، وترك مسألة رفع الدعم إلى مرحلة لاحقة تكون فيها «الوفرة» قد تحققت في كل السلع عبر زيادة الإنتاج والإنتاجية وتقليل تكلفة الإنتاج ليكون عامل العرض والطلب لصالح المواطن. وإلى أن يحدث ذلك فإن المواطن سيكون في «معاناته».. الرجل «يتأسّى» والمرأة «تبكي ذارفةً أوجاعها قبل دموعها».