مع انتهاء مهلة قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2046» قلل السفير العبيد أحمد مروح الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية في الحوار الذي أجرته معه «الإنتباهة» من خطورة تنفيذ القرار في حال عدم التوصل إلى تسوية مع دولة الجنوب، وقال المروح إن السودان قبل بالقرار رغم زج الحركة الشعبية لقطاع الشمال فيه لأن تنفيذه لا يشكل أية مشكلة للسودان، مشيراً إلى إمكان تجديد المهلة في حال عدم التوصل إلى تسوية في المدى المحدَّد.. وأقر العبيد بضعف التمثيل الدبلوماسي في القارة الإفريقية إلا أنه عاد وأشاد بمواقف دول الاتحاد الإفريقي ووقفتها مع السودان في كل قضاياه خاصة رفضها القاطع للمحكمة الجنائية وعدم التعاون معها، مؤكداً أن بعض مجموعات الضغط الدولية تسعى لإسقاط النظام، وفيما يلي نص الحوار: لم يتبقَّ على مهلة مجلس الأمن في القرار «2046» سوى أيام والمفاوضات لم تبارح مكانها؟ فكيف ستكون النتائج إذا لم يتم التنفيذ في المهلة المحدَّدة؟ سيتم تنفيذ القرار، فهذا لا يمثل لدينا مشكلة كبيرة، جوهر القرار يتحدث عن وقف العدائيات والانخراط في مفاوضات حول القضايا المتنازَع عليها، توقفت العدائيات لحد كبير.. ويجري نقاش لوقف العدائيات الأخرى لدى البلدين.. وتقدم في الملف الأمني ووقف الدعم للحركات المتمردة هذا ما يجري بحثه الآن.. وفتح التفاوض حول القضايا الأخرى. وما هي توقعاتكم لما سيحدث إن لم يستكمل الطرفان الوصول لنتائج؟ إن لم يستكمل الطرفان الوصول لنتائج نهائية في جميع الملفات وهذا غالباً ما سيحدث، فمن المرجح أنهما سينقلان للاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي ويبديان رغبتهما في مواصلة الحوار وإحراز نتائج.. وإن تم ذلك فلن يمانع لا مجلس الأمن ولا الاتحاد الإفريقي ما دامت هذه رغبة طرفي النزاع في تمديد المهلة التي منحت للطرفين. قرار مجلس الأمن «2046» كيف تقيِّمونه مقارنة بقرارات مجلس الأمن الأخرى الخاصة بالسودان؟ هذا القرار لا يتم تقييمه بالنسبة للقرارات الأخرى، وهو عبارة عن خارطة طريق أقرها مجلس السلم والأمن الإفريقي ولم يحدث عليها مجلس الأمن إلا تغييراً طفيفاً كان بالنسبة لنا إيجابياً لكن مجلس الأمن نفسه كان محكوماً بما صدر عن هيئة إقليمية مهمة وما زالت ولم يكن مسودة صاغتها فرنسا أو الدول الأوروبية. هل هذا يعني أنه حتى دول الجوار الإفريقي والإقليمي أصبحت علاقاتها مع السودان أسوأ من الأعداء التقليديين؟ صحيح أن السودان بحاجة لتنشيط علاقاته مع القارة من حين لآخر فهو في حاجة لوجود كثافة في القارة حتى يسمع صوته ويحس أثره على الرغم من ضعف التمثيل الدبلوماسي في القارة الا أن القارة بشكل إجمالي واقفة مع السودان في أحلك الظروف، وأبرز مثال ذلك قرارات الجنائية الدولية كل القمم ظلت تساند موقفنا ضد الجنائية الحديث عن أن السودان فقد السند الإفريقي غير صحيح، أما الحديث عن خارطة الطريق الإفريقية حين تنظر إليها من الجانب الإفريقي فاننا نستطيع أن نتفهم القرار الذي حدث. وكيف تم تفهمه؟ العلاقات بين السودان وجنوبه توترت حتى بلغت المواجهة العسكرية حينما أجبرت القوات السودانية قواتهم على الخروج من هجليج هناك حديث مستمر للمواجهات على طول الحدود. أغلب ما تضمنته خارطة الطريق كانت عبارة عن موضوعات تم التوافق عليها خلال التفاوض لكنها لم تنفَّذ من الجانبين، ونحن كنا نحمل مسؤولية عدم التنفيذ للجنوب لأنه لم تكن له الرغبة في تنفيذ الاتفاقات التي ظلت حبراً على ورق في فبراير ومارس وقبلهم في أكتوبر وسبتمبر من العام الماضي. تم الحديث كثيراً عن عدم استغلال السودان لعلاقاته وصداقاته مع الدول الكبرى في مجلس الأمن كالصين وروسيا؟ صحيح أنه لم تستخدم إحداهما أو كلتاهما حق النقض في مواجهة قرارات صدرت لصالح السودان لكن هذا في حد ذاته لا يشكل بالنسبة لنا أثراً سالباً في علاقاتنا مع البلدين وللحقيقة ما من قرار صدر في حق السودان خلال العشرين سنة الأخيرة إلا وكان للصين وروسيا أثر فيه بمعنى أن مسودة القرار التي تتقدم بها بريطانيا أو فرنسا وتعرض على الأعضاء لا تصدر كما كانت وإنما الصيغة الأخيرة للقرار تكون بفضل تدخل الصين وروسيا بناء على التواصل بين البعثة السودانية في نيويورك المتصلة بالخارجية وبين أصدقاء السودان دائمي العضوية وغير الدائمين وهناك عدة مسودات قرارات لم يتم الوصول فيها لاتفاقات وترك أمرها بسبب تداخل أصدقاء السودان في مجلس الأمن وهناك قرارات تحولت لبيانات رئاسية. لماذا دائماً ما نتوهم أن مجلس الأمن يتربص بالسودان لاستصدار قرارات ضد سيادته؟ ولماذا دائماً ما نتفاجأ بالقرارات؟ نحن لا نتوهم أن المجلس يتربص بنا والقرارات لا تأتينا فجأة بل تجرى اتصالات ومشاورات بين الأعضاء، والسودان ليس عضواًَ في المجلس لا دائم ولا عادي. لكنه يعلم من خلال أصدقائه بالقرار.. الذي يتربص بالسودان بعض الدول على رأسها الولاياتالمتحدة، والتربص يكون في شكل ترتيبات واتصالات تسبق البدء والشروع في الإعداد لأي قرار. مثلاً؟ كل القرارات الدولية الصادرة بشأن السودان تقدمت بمسوداتها دول غربية إما بريطانيا وهذا على الأغلب أو فرنسا أو الولاياتالمتحدة وتتفق الدول الثلاث على الصيغة قبل عرضها على الآخرين بما فيهم أصدقاء السودان كالصين وروسيا، إذا فهم أن هناك قوى تتربص نتحدث عن قوى دولية فاعلة وليس بالضرورة مجلس الأمن ذاته. ألا يوجد بالخارجية مركز للدراسات الإستراتيجية لتقييم القرارات وتوقعها قبل صدورها؟ كما أشرت لك بطبيعة عمل المجلس نكون على علم بالقرارات وهي مسودات وتنقل البعثة ذلك وتقترح مرئياتها وطبيعة الحركة التي ترى أنها مفيدة لإبطال القرار والحد منه تتدارس الخارجية مقترحات البعثة في نيويورك وتجري اتصالات أحياناً بناء على تقديرات البعثة وأحياناً على تقديرات الخارجية مع الدول الأعضاء في المجلس التي ليست في موقف عدائي مع السودان لتمليكها الحيثيات الموضوعية المتعلقة بالسودان لأن الدول ذات الغرض كثيراً ما تحاول الالتفاف على الواقع وتصويره كما لا ينبغي وهي غالباً إما قضايا أمنية أو عسكرية أو حقوق إنسان وتجري البعثة في نيويورك اتصالاتها مع صاحبة مشروعات القرارات حتى اللحظات الأخيرة قبل التصويت عليه. وحينما يصدر القرار ينقل أيضًا للخارجية بالتوضيحات وتقترح البعثة إذا ما كان هناك تحرك جديد أم لا. لماذا هذا العداء الدائم بين السودان والدول الكبرى؟ ليس هناك عداء دائم وما نقوله إن بعض الدول الغربية وليس بالضرورة الكبرى ظلت تستجيب لمجموعات ضغط موجودة فيها وتشكل مواقف وتستهدف الضغط أو إطاحة النظام في السودان لكن هناك مجموعات ضغط في الولاياتالمتحدة والدول الغربية ظلت تتحين الفرص لإضعاف الحكم القائم بالسودان للدرجة القصوى والسبب في ذلك أن مجموعات الضغط لم تكن سعيدة بنهج السودان في استقلال قراره السياسي وعدم خضوعه لرغباتها وتوجهه الإسلامي ونحن نتعامل معهم على مرتكزين أنه مهما بلغت دولة ما من القوى فإنها ليست صاحبة القوة المطلقة التي هي لله رب العالمين، وبعد ذلك نعتمد على رعاية قيم شعبنا في الحرية والكرامة والاستقلال ونعتقد أن الحكم في السودان يستمد مشروعيته من تفويض الشعب له، وعلى هذه الخلفية فنحن لسنا على عداء مع الشعوب إلا بالقدر الذي يعادينا فيه النظام الحاكم في تلك الدولة. نعود للقرار 2046 فالمراقبون يرون أنه القرار الأسوأ في تاريخ السودان؟ منذ العام 1996 وحتى 2012م صدرت قرارات كثيرة إما اقتصادية أو متعلقة بدارفور وهي بالطبع لم تكن تجد حفاوة من السودان لكن حينها ننظر لخلفياتها ودوافعها ومجموعات الضغط ومؤسسات الإعلام التي وظفت لضخ المعلومات المشوهة ضد السودان فإننا نقول إنها كانت من النوع الذي يمكن احتواء آثاره. في كل الأحوال السودان دولة عضو فاعل ومؤثر في المحافل الدولية والمحيط الإقليمي وهو جزء من المنظومة الدولية ويتعين عليه المعاملة مع ما يصدر من المنظومة الدولية بغض النظر عن موافقته أو اختلافه معه.. حتى القرار الذي رفضناه جملة «1706» تعاملنا معه عبر المنظومة الدولية واستطعنا من خلال السند الإفريقي الذي وجدناه والسند من الدول أصدقاء السودان أن نقنع المجلس لاستبداله بالقرار 1769 كيف تقارن بين هذا القرار 2046 والقرار 1706؟ القرار 1706 كان هو الأسوأ لأنه كان يفرض الوصاية الدولية الكاملة على السودان، لذلك تم رفضه والسعي لتغييره. تم الزج بالحركة الشعبية قطاع الشمال في القرار رغم موقف الحكومة الرسمي من وجوده ومع ذلك قبلتم بالقرار؟ موقفنا فيما يتصل بقطاع الشمال أنه جزء لا يتجزأ من جيش دولة جنوب السودان الذي كان ينبغي أن يستكمل انسحابه إلى جنوب خط حدود 1/1/1956م بنهاية العام 2008م وفقاً لاتفاق الترتيبات الأمنية وأن الحركة وقتها ودولة الجنوب بعد الانفصال فشلت في الإيفاء بهذا المطلب وهو ما زال قائماً. منسوبو قطاع الشمال هم مواطنون سودانيون لهم حقوقهم في المواطنة التي يكفلها دستور السودان ولهم أوضاعهم السياسية التي عالجتها البرتكولات الخاصة بمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وما يزال التزام السودان قائمًا باستيعاب منسوبيهم من العسكريين واستكمال المشورة الشعبية والسماح بقيام أجسام سياسية تمثلهم بشرط استيفاء الجوانب المتعلقة بالترتيبات الأمنية ثم إننا يجب أن نجد معالجة حيث لا يوجد حزب سياسي مسجل ومعترف به ما لم يستوفِ شروط القانون والدستور في تسجيل الأحزاب. وما هي الشروط التي وضعها القانون والدستور لتسجيل الأحزاب؟ لا تسمح الشروط بوجود جيش أو مليشيا عسكرية لحزب سياسي لأنه ليس مسموحاً بفرض الإرادة السياسية عن طريق القوى العسكرية أو التخويف هذه هي الأركان للمعادلة المتصلة بأوضاع ما يسمى قطاع الشمال. ورغماً عن ذلك قبلتم بالقرار؟ لدينا تفسيرنا الخاص للقرار، من ناحية موضوعية هنالك حرب دائرة في جنوب كردفان وقتال وإن كان متقطعاً بالنيل الأزرق ومن الناحية الموضوعية هنالك قوى سياسية داخلية وخارجية تدعم هذه الحرب ومن بينها منسوبو الحركة السابقون والجيش الشعبي، ونحن نرجح أن مجلس السلم والأمن الإفريقي حينما صاغ ما أسماه خارطة الطريق كان ينظر للجوانب العملية في النزاع القائم بين البلدين ويحاول أن يسمي أطرافه. وهذه هي خلفية قبولنا للقرار.. أما من الناحية العملية فليس من المناسب أن نقول قبلنا بهذه الجزئية ورفضنا البعض.. ومن الأول أوضحنا أن القرار اشتمل على عدد من النقاط غير ذات صلة وقد أبدينا تحفظاتنا وملاحظاتنا كتابة على هذه القضايا والتي من بينها قطاع الشمال.