لم يعد الإعلام وسيلة لنشر الأخبار كما في السابق لكنه أصبح واحدًا من الأدوات لتغيير الرأي العام، وقد نجحت العديد من القنوات الفضائية في تشكيل وتغيير الرأي العام مما شكَّل خطرًا إذا تناولت خطًا واضحًا تجاه دولة معينة، فلطالما أبدى مسؤولون في السودان رأيهم على طريقة تناول بعضها لقضايا السودان وأصبحت مشوهة إلى حد كبير وهذا ما أجمع عليه المتحدثون في الندوة التي نظمها الاتحاد العام للطلاب السودانيين التي حملت عنوان «التناول الإعلامي لقضايا السودان في القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية بين المهنية والأخلاق»، تحدث عدد من الخبراء والمختصين في مجال الإعلام وابتدر الحديث البروفيسر عوض إبراهيم عوض الذي قال إن الحديث عن صورة السودان في العالم الخارجي له عدة جوانب، وأضاف أن ما يُكتب على السودان وبهذه الصورة السلبية ليس جديدًا، ففي العام «1955» في هذه المرحلة حصل تمرد توريت الأول فكتب جون هوت على مجلة التايم البريطانية أن الجنوبيين يجب أن يكونوا أهل السطوة حتى لا يمد العروبة الإسلامية، وهذا يؤكد أن الإعلام الغربي له أهداف واضحة في تناول أخبار السودان الذي لم يكن مهمًا في الإعلام الخارجي في وقت سابق وكان كمًا مهملاً. رئيس الاتحاد العام للصحفيين محيي الدين تيتاوي قال إن العمل الإعلامي سواء كان مكتوبًا او مقروءًا أو مسموعًا محكوم بقوانين تنظمه لتحمي المجتمع من أي أذى يمكن أن تُحدثه هذه الوسائل لكن في عصر الفضاء وتطور التكنولوجيا يوجد المدونون الذين يجب أن تحكمهم قوانين معينة على الرغم من صعوبة التحكم فيهم. الخبير الإعلامي ربيع عبد العاطي أعلن تحملهم للتناول الذي وصفه بالسالب لقضايا السودان، وقال: القنوات الفضائية الآن أصبحت مصادرها ليس كالسابق بل تعتمد على مصادر أخرى، وهنا تكمن الخطورة فعلى سبيل المثال حول نشر قناة العربية لخبر زيارة النائب الأول لكوستي وعندما سألت وتحريت من العربية أكدوا أن الخبر نقلوه من مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.. وهذه المواقع في رأيي لا ترقى أن تكون مصدرًا للخبر.. فالوضع الذي ضخمته القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية خلال الاحتجاجات الأخيرة جعل كل من يتابع أخبار السودان من الخارج يتأكد له أن ثورة الربيع العربي قادمة لا محالة إلى السودان بعكس الواقع فالاحتجاجات لا تمثل سوى صفر من الشعب السوداني وهي لا تمثل ملايين الشعب السوداني. مدير مكتب قناة الجزيرة بالخرطوم المسلمي الكباشي انتقد في بداية حديثه اتفاق كل المتحدثين على وجهة نظر واحدة، وقال: كنت أتمنى وجود آراء مختلفة حتى تنتج من المناقاشة وطرح الأفكار، فالإعلام مبني على التنوع وعلى الرأي الآخر.. ويضيف الكباشي أن المهنية في التغطية الإعلامية هي توأم الحرية فإن لم تكن هنالك حرية فلا تسألني عن موضوعية لأن غياب الحرية يعني منع الفئة التي يجب أن تغطي أي حدث من أن تطلع على الصورة الكاملة للحدث، وتساءل: كيف يُطلب التوازن من الأجهزة الإعلامية وفي نفس الوقت يمنعون من التغطية كاملة فالمشكلة في السودان أن هنالك تضيقًا شديدًا على التغطية الإعلامية لا تتتاح لوسائل الإعلام لتنقل الأحداث وحتى في الأحداث والمظاهرات الأخيرة لم نستطع التغطية إلا عبر طرق وعرة على الرغم من أننا مصرح لنا لكن منع التغطية يعني حجب الصورة والوقائع والأحداث والأخطاء لذلك لا يمكن أن نطالب بأن نغطي بموضوعية إن لم تتوفر الحرية، وإذا ظل الوضع كذلك فستخرج المواقع الاجتماعية بنشر الحقائق وهي متاحة للجميع، وتواجه هذه القنوات التي تم منعها من التغطية إما أن تنسحب وهذا غير وارد أو أنها تلجأ إلى المواقع الاجتماعية وهي الإعلام البديل، فالطريق إلى تغطية موضوعية هي الحرية فإن لم تكن هنال حرية فلن تتوفر أي تغطية موضوعية، ويضيف الكباشي أن عدد الذين يراقبون ويترصدون كاميرات القنوات التلفزيونية ربما يفوق عدد المتظاهرين في الأسابيع السابقة. رئيس تحرير صحيفة الأهرام اليوم عبد الماجد عبد الحميد انتقد سياسة عدم الرد من الحكومة تجاه قضايا السودان والاكتفاء بالصمت تجاه أي قضية تمس السودان، وقال: العمل الإعلامي سواء المقروء أو المسموع قائم على الحرية لذلك يجب أن تتعامل الدولة معاملة جادة مع المواقع الإلكترونية والقنوات الإخبارية وإعطاؤها المساحات الممكنة.