يستعرض الدكتور عبد الحليم عويس في الكتاب، في أول فصول هذا الكتاب فقه العقيدة الإسلامية، ويقول عنها إنها عقيدة محددة واضحة لا تقبل الزيادة أو النقص أو التأويل أو التشبيه أو التجسيد ولا يغني فيها ملزوم عن لازم.. هذه العقيدة مصدرها «الوحي» الصادق.. وللعقل أن يعقلها وله أن يستخدم نواميس الكون في إدراك صدقها، لكن ليس لهذا العقل أن يرفض ما لا يدركه منها، فالجهل بالشيء أو عدم إدراك كل جوانبه لا يعني عدم وجوده. ويتحدث الدكتور عبد الحليم عن بساطة العقيدة الإسلامية ويقول إنها عقيدة الفطرة.. وهي عقيدة ثابتة واضحة لا تقبل الاجتهاد أو التغيير.. مهما تغير الزمان أو المكان ومن أهم أسسها وأركانها التوحيد وختام النبوة وكل الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن.. ثم الإيمان بالكتب السماوية، والملائكة وأيضًا الإيمان «بالبعث والحساب، والثواب، والعقاب، والجنة، والنار، والقضاء والقدر.. ويرى الدكتور عبد الحليم أن انتشار العقيدة الإسلامية كان بفضل قوتها الذاتية وحجتها المنطقية. وحتى الآن فإن الإسلام في هذا العصر لا يمتد في اتجاه واحد ولا ينتشر في بيئة واحدة ولا يجذب إليه طائفة معينة، إنه ينتشر بين الجميع، وفي كل اتجاه وبلا إستثناء.. ويشدد الدكتور عبد الحليم على أنه لا إكراه في الدين، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يدعو إلى الله بالعنف أو الشدة.. ويرى كذلك أن كل ما يخدم العقيدة فهو واجب، فالأرض الإسلامية يجب الدفاع عنها، لأنها أرض العقيدة الإسلامية، التي يجب الدفاع عنها لأنها أرض العقيدة الإسلامية التي يعبد فيها الله وحده. يرى المؤلف أهمية التخطيط لنشر العقيدة الإسلامية لأن المسلمين في هذا العصر هم وحدهم الذين يهملون هذا الجانب وكل أصحاب العقائد الأخرى يجتهدون في التبشير بعقائدهم.. ويقول «نحن المسلمون في حاجة إلى أن نعود بعقيدتنا الإسلامية إلى بساطتها، وكما آمن بها واستشهد في سبيلها السلف الصالح.. وهذه أكبر خدمة نقدمها للإنسانية الحديثة شريطة أن لا نفصل بين العقيدة والشريعة ولأخلاق.. يتحدث الكاتب عن دور الترجمة في انتشار العقيدة الإسلامية وخاصة ضرورة ترجمة معاني القرآن.. وقد حاول البعض إخراج القرآن عن وعائه العربي الذي اختاره الله له، وقد فشلت محاولات استعمال الحروف اللاتينية كما فشلت الترجمات الحرفية المشوهة التي وقف المسلمون لها بالمرصاد.. وقد أجاز العلماء تفسير المضمون القرآني بلغة أجنبية مثل تفسيره باللغة العربية.. يتحدث الدكتور عويس كذلك عن السنة كمصدر ثاني للتشريع وهي باعتراف الغربيين، تقوم على سلامة المصدر والتواتر.. ويستدلون بالآية الكريمة «وما ينطق عن الهوى».. وقد ساعد تدوين الحديث بحفظ السنة واتخاذها مصدرًا ثانيًا للتشريع.. ويقول المؤلف عن السنة «إنه لا إسلام بدون السنة، فالسنة هي روح الإسلام وحياته وهي مناخه الصحي وتطبيقه الحي.. وخاصة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم التي كانت نموذجًا للإنسان النموذجي الكامل.. والاختلاف حولها يسمى اجتهادًا القصد منه المصلحة العامة قبل كل شيء.. وهذه الاجتهادات تعني أن الاختلاف كان منصبًا فقط حول منهج توثيق الحديث، بغية الوصول إلى الحديث الصحيح.. ولا يعتبر الحديث الشريف مصدرًا للتشريع، إلا إذا كان حديثًا متواترًا أو مشهورًا. وكل من ينكر السنة يصبح كافرًا بالدين، فالقرآن قد نص على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. يقول الدكتور عبد الحليم إن الفقه الإسلامي يجمع بين الثبات والمرونة معًا في تناسق محكم وتناسق فريد. فالأصول الكلية ثابتة خالدة والفروع الجزئية مرنة متغيرة.. وهنالك حدودًا فاصلة عقلية ونقلية بين الثبات وبين التطور فشؤون الدنيا نحن أعلم بها، أما الحدود فلا تقبل الرأي المخالف أو أي حجة أخرى.. وهنالك قضايا واجبة مؤكدة بالعقل أو بالنقل مثل إقامة العدل أو تحقيق الشورى ونشر العلم وهذه الأمور ثوابت لا شك فيها.. ومن أكثر من أبواب الفقه قابلية للتطور هو باب التعذير ولكن رغم ذلك فلا يصح في التعاذير أن يبلغ العقاب حدًا من حدود الله.. وقد تحدث عن الحيلة الشرعية المباحة كباب من أبواب التطور في الفقه الإسلامي.. فإذا كان المقصود بالحيلة أمرًا حسنًا كانت حيلة حسنة وإن كان قبيحًا كانت قبيحة.. وهي تنقسم إلى قسمين، حيل شرعية مباحة وحيل شرعية مختلف فيها. ومن أهم أصول الفقه التي أجمع عليها العلماء 1 الإجماع و2 القياس و3 الاستصحاب و4 المصلحة المرسلة و5 سد الذرائع والحيل و6 الاستحسان و7 العرف و8 وشرع من قبلنا وهل يصلح شرعًا لنا؟ و9 وفتوى الصحابة «وهل هي ملزمة أو يستأنس بها فقط». لا يختلف مسلمان عالمان حول أهمية علم أصول الفقه وفوائده وحول ضرورة تيسيره للناس.. وأهميته تنبع من الآتي 1 بعث الثقة والإطمئنان في نفس المؤمن، تصرفاته وفق الكتاب والسنة. 2 معرفة جهود العلماء الذين حرصوا على هذا الدين. 3 كما ينمي هذا العلم في نفس الدارس ملكة الفهم الصحيح والمناقشة العلمية التي يحتاج إليها في جميع أبحاثه. 4 كما يعرف دارسه إلى حد ما بإجماع الأدلة أحكامه الشرعية التي يعمل بها. وفي خاتمة الكتاب يخلص الدكتور عبد الحليم عويس على أن الاجتهادالفقهي ضرورة في كل العصور ويقول إن الفقه بدون اجتهاد هو حكم على شريعة الله بأنها غير صالحة لكل زمان ومكان وهو تضييق على الناس يؤدي إلى تفلتهم من دين الله.. «وما جعل عليكم في الدين من حرج».