رغم مرور أكثر من أسبوع على إطلاق السلطات المحلية للصحفية المصرية شيماء عادل لكن ذكراها جعلت صحفيي السودان في حالة تساؤلات عديدة بشأن تلك الحادثة التي ستظل عالقة لديهم لفترة ليست قليلة على الأقل ووصمة في جبين علاقات البلدين التي بدأت تنمو على أشواك النظام المصري السابق، فقصة الصحفية شيماء التي جاءت بعد مسلسل طويل من خرق القانون من المصريين خارج بلادهم بعيدة كل البعد عن العمل الصحفي أو علاقات الاتحادات المهنية سواء كانت بين السودان أو مصر أو حتى الصحفيين العرب، لأنه من الواضح أن أزمة شيماء منذ أن بدأت تدخل المعتركات السياسية وأصبحت لغة حوار لكل مرشح سياسي كانت مكيدة لإجبار الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي على الرضوخ أمام تحدٍ بعيد ضمن امتحاناته السياسية الدائرة بالبلاد. وطالب الرئيس مرسي وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بإطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن لكن كلينتون اعتذرت بأن القانون الأمريكي يجب أن يأخذ مجراه، ولأن العلاقات بين السودان ومصر أكبر من لغة القانون ولأن الرئيس عمر البشير لم يستطع رفض أول طلب من الرئيس المصري الجديد وافق على إطلاق سراح شيماء رغم أنها مصنَّفة بحسب قانون السودان متهمة في قضية، هذا بخلاف أن هنالك عددًا كبيرًا من الصحفيين المصريين يعملون بالسودان ولم يخالف أحدهم أي قانون فهم يحترمون قانون السودان، والسودانيون أنفسهم يحترمونهم، لكن الواقع الحقيقي لما وراء قصة شيماء أن أي صحفي سوداني لو سولت له نفسه أن يتجرأ على دخول مصر بنفس طريقة الصحفية شيماء فإنه سيُعتقل وربما يحاكم بمحكمة عسكرية أيضًا على شاكلة منقبي الذهب الذين تاهوا بالصحراء وعندما فرحوا بلقاء حرس الحدود المصري أخذ الفرحة من شفاهم ورماهم بالسجون وصادر ممتلكاتهم، هذا بالطبع بخلاف معاناة الصحفيين السودانيين الذين لطالما عانوا حتى كانت لبعضهم ذكريات مريرة جعلتهم حتى اللحظة يغيرون مسار رحلتهم الخارجية ليتفادوا إجراء حتى العبور في مصر بسبب معاناتهم في مطار القاهرة من الأجهزة الأمنية ولقد كانت لمجموعة صحفية زارت المحروسة خلال الشهر الجاري ذات المعاملة رغم أن أوراقهم الرسمية كانت مكتملة، لكن يبدو أن الصحفي السوداني ليس له أي اعتبار من قِبل اتحاد الصحفيين المصريين أو حتى اتحاد الصحفييين العرب نفسه. بالتالي فأن يعلن سكرتير عام اتحاد الصحفيين المصريين كارم محمود مقاطعة اتحاد الصحفيين السودانيين، فإنه أمر ليس بجديد خاصة أن ذلك الاتحاد لم يراعِ أي خصوصية لعلاقات البلدين إضافة إلى أنه يعرف تماماً أن قضية شيماء عادل التي صنع منها الإعلام المصري بطلة على شاكلة أحداث أمدرمان التى جمعت مباراة مصر والجزائر الشهيرة التي تجنّى فيها الإعلام المصري بطريقة واضحة على سيادة البلاد رغم اعتراف كل المصريين بما جرى بأمدرمان، وإذا كان اتحاد الصحفيين المصريين يعرف الحق وعدم التجني على الصحفيين السودانيين فلماذا ترك الصحفي السوداني «عمر دفع الله فضل» مسجونًا في السجون المصرية منذ «19» مايو «2011» حتى الخامس من يوليو «2011» دون أن يطلق بيانًا واحدًا يداري به خجله كاتحاد صحافي مهني لدولة رائدة ك «مصر».. إن اتحاد الصحفيين المصريين إذا كان يمت بصلات حقيقية لصحفيي السودان لكان وضع حداً لمعاناتهم بمطار القاهرة أو حتى يتعلثم ليدين اعتقال الصحفي السوداني عمر دفع الله فضل الذي كان في مهمة لقناة الآن الإمارتية في ليبيا وتم الاشتباه به من قبل عامل نظافة بمطار الإسكندرية، ولكن الأمر زاد عن حده عندما نفى نقيب الصحفيين المصريين ممدوح الولي مقاطعة اتحاد صحفيي السودان، حتى قرر مجلس نقابة الصحفيين بالإجماع توجيه عقوبة «لفت نظر» له، لذا فإن عهد مصر الجديدة لا يحمل في طياته أي بوادر تسوية للماضي وانما اتحاد مصري ينكأ الجراح لتظل القراح بين البلدين رغم أن انتخابات الصحفيين العرب في نوفمبر القادم، وهناك يجب أن يسجل اتحاد الصحفيين السودانيين صوته وعلى جسده تقرحات أصابع شقيقه المصري الذي تغاضى عن قانون سيادي لأجله. الجدير بالذكر ان الاتحاد العام للصحفيين السودانيين بذل جهداً مقدراً من أجل اطلاق سراح الصحيفة المصرية وأرسل خطابات عدة لكل من جهاز الامن والمخابرات الوطني والجهات المختصة طالب فيها باطلاق سراح شيماء وبقية الصحفيين السودانيين المعتقلين، كما بعث الدكتور محيي الدين تيتاوي رئيس الاتحاد بخطاب لنقيب الصحفيين المصريين شرح فيه تداعيات الاعتقال.