ما إن تسلَّم والي الشمالية فتحي خليل الذي حاز على أغلبية الأصوات في انتخابات «2010م» دفة قيادة الولاية ما فتئ يشكو من ثقل الديون المتراكمة على حكومة الولاية كما تسربت أخبار في تلك الأيام أن الوالي المنتخب تقدم باستقالته بسبب هذه الديون غير أن المركز أثناه عن ذلك بحجة أنه سيتحمّل تلك الديون غير أن والي الشمالية وفي لقاء سابق له مع (الإنتباهة) أوضح أن الولاية مظلومة من ناحية دعم برامج التنمية، مشيرًا إلى أن ما قدمه المركز لم يتجاوز ثلاثة ملايين جنيه كانت من قبل رئيس الجمهورية، وإن كان هذا هو حال الولاية الشمالية من ضعف في الإيرادات وقلة في الإمكانات وشح في الأموال المحوّلة من المركز فإن استقرار أعضاء حكومة الولاية الشمالية لم يكن بأحسن حال من استقرار تلك الأموال المحوّلة من المركز وليس أدل على ذلك مما شهدته الولاية وفي فترات متقاربة وخلال سنتين فقط تعاقب على معظم وزارات الولاية ثلاثة وزراء لدرجة أن موظفي المؤسسة المعنية قبل أن يحفظوا اسم وزيرهم المعيّن يفاجأوا بوزير جديد وعلى سبيل المثال تعاقب على وزارة المالية ثلاثة وزراء بداية ب «صلاح علي ثم صلاح عم السيب ثم شرف الدين مختار» وكذا الحال في وزارة الزراعة ووزارة التخطيط العمراني، هذا في خلال سنتين فقط بمعدل «وزير كل ثمانية أشهر» بينما يظل القاسم المشترك في ظل هذه الحكومات المتجددة هو وزير الصحة الدكتور حسن عطا السيد الذي يمثل جماعة أنصار السنة المحمدية وأي كان من أمر فقد أعلن والي الشمالية خلال الأيام الماضية تشكيل حكومة «التقشف» التي خلت من التقشف المطلوب طالما تم دمج وزارتين فقط «الحكم المحلي في وزارة المالية والمجلس الأعلى للشباب والرياضة في وزارة الشؤون الاجتماعية» وبذلك فإن الناظر لأمر معالجة الوضع الاقتصادي عبر رفع الدعم عن المحروقات وتقليص الوزارات يرى أن العبء الأكبر تحمله المواطن بينما لم تستطِع الحكومة تحمل التقشف ربما أن البدانة التي تحملها في جسدها لا تجعلها تتحمل الريجيم القاسي والمطلوب، ويرى نصر الدين إبراهيم عضو المجلس التشريعي بالشمالية أنه لا يمكن إرجاع أسباب التغيير إلى أي من تلك الأسباب التي ذكرت، مشيرًا في ذلك إلى أن عملية الاختيار تأتي بعد إجراء شورى واسعة حول الشخص المرشح للمنصب، كما أن عملية التغيير تأتي في معظمها للظروف التي تمر بها الدولة ونجد أن الحكومة الحالية جاءت بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة التي اقتضت تشكيل حكومة رشيقة بدمج بعض الوزارة في بعضها تقليلاً للإنفاق وأضاف «نعم أن استقرار أعضاء أي حكومة يمثل جانب من استقرار برامج التنمية فيها غير أن التنمية في مجملها لها معطيات ومتطلبات كثيرة مرتبطة بدعم المركز وانتظام برامج التعدين واستخراج ثروات الأرض وغيرها» مضيفًا أنه يتوقع للحكومة الحالية في حال استقرارها أن تؤدي أداءً جيدًا خاصة إذا وجدت تعاونًا من الأجهزة السياسية والتنفيذية والتشريعية، مشيرًا إلى أن نجاح الحكومة يتوقف على العمل بروح التيم الواحد والشمالية موعودة بخير كثير خاصة بعد استخراج ما تكتنزه من معادن في باطنها، إلى ذلك فقد شملت الحكومة الجديدة بالشمالية تنصيب «شرف الدين مختار» وزيرًا للمالية وقد عمل من قبل في منظمة الدعوة الإسلامية ثم كان مديرًا للخطوط البحرية، و«إبراهيم الخضر الحسن» وزيرًا للتخطيط العمراني وهو الوزير السابق للوزارة نفسها في حكومة ميرغني صالح والقادم حاليًا من عمادة كلية التربية بجامعة إفريقيا العالمية والمنحدر من محلية مروي وله علاقات واسعة بالمركز كما تم اختيار «عادل جعفر» وزيرًا للزراعة وهو الموظف السابق بوزارة الزراعة في عهد الوزير عبد الرحمن الخضر، ثم «عثمان الشايقي» وزيرًا للثقافة والإعلام والسياحة وهو يمثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وقد عمل وزيرًا لنفس الوزارة قبل الانتخابات الأخيرة ممثلاً لحزبه وكانت فترته أفضل من فترة وزراء من المؤتمر الوطني الذين تعاقبوا على الوزارة حيث شهدت الوزارة في عهده في تلك الفترة توزيع معينات العمل لمكاتب الإعلام بالمحليات بينما خلت فترة وزراء المؤتمر الوطني من أي مجهودات تذكر في الوزارة، ثم جاء التشكيل ب «محمد عبد الحليم» وزيرًا للشؤون الاجتماعية وهو الشاعر صاحب قصيدة «نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع» وهو المطالب بإنزال شعار القصيدة على أرض الواقع بوزارته وهي الوزارة المنوط بها تمليك وسائل الإنتاج للأسر الفقيرة، كما جاءت التشكيلة الأخيرة ب «هويدا إبراهيم» وزيرة لوزارة التربية وهذه الوزيرة حديثة التجربة في العمل الوزاري والتي وُضعت في وزارة مهمة وحساسة في نفس الوقت يرى مراقبون أن تكليفها سيكون خصمًا على الوزارة إلا إذا أثبتت عكس ذلك، وشمل التشكيل أيضًا الشاذلي محمد سعيد معتمدًا لمحلية دنقلا، وهو القادم من مؤسسة الشرطة الشعبية، بينما تم إسناد معتمدية القولد للمعتمد الشاب أمير فتحي وهو من القيادات الطلابية.