الطبيب العالم الدكتور التجاني الماحي «1908م 1970م» الطبيب العالم المثقف الدكتور التجاني الماحي ولد في بلدة الكوة بالنيل الأبيض وتلقى تعليمه في «الكوة» و«رفاعة» و«الخرطوم»، وتخرج في مدرسة كتشنر الطبية بكلية غردون التذكارية في عام 1935م.
ومن ملامح طفولته المبكرة، اهتمامه الشخصي دون إخوته بأخبار كرامات الأولياء الصالحين، وعلاج المرضى وفاقدي العقول، وزار المشايخ والقباب، وحفظ الأنساب، وذهب إلى جبل أم علي وديم القراي. وسمع «التجاني الماحي» أهله يتحدثون عن سمساعه والقراي والشيخ حمد أب عصا سيف، فاهتم بجمع معلومات وأخبار عنهم. وفي المجال الأدبي، بدأت مواهبه تظهر في كتاباته منذ المدرسة الوسطى، ولما التحق بكلية غردون، فكر في بادئ الأمر أن يكون معلماً، ولكنه اختير في القسم العلمي، فكان «التجاني الماحي» بجانب دراسته، يقرأ في شتى الكتب الثقافية، حيث اطلع على نظريات فرويد، ويونق وأدلر.. وبعد تخرجه طبيباً بمدرسة كتشنر الطبية، عمل في كثير من القرى والمدن.. وفي مدينة الأبيض في أربعينيات القرن العشرين التقى بالأديب الشاعر محمد أحمد محجوب الذي كان قاضياً جزئياً، والدكتور علي باخريبة.. وقد اشتهر الدكتور التجاني الماحي وتألق في مدينة الأبيض، لمساهمته الإيجابية في المجال الاجتماعي لفض المنازعات بين القبائل وتهدئة الخواطر، واحلال الصلح فيها، وكان بجانب ذلك، يستخدم الطرق النفسية في معالجة الأمراض.. ويزور بعض العاملين في مجال معالجة المجانين، ويستمع إليهم ويناقشهم ويستعين بهم أحياناً.. وعندما تم اختياره للتخصص في الأمراض العصبية والنفسية، أحس في أعماقه بمشاعر الغبطة والابتهاج لأن البعثة الطبية للدراسة بالمملكة المتحدة صادفت قبولاً واستجابة منه.. وعند عودته إلى الوطن، عمل فترة في الحكومة، ثم استقال ليتفرغ للعمل في عيادته الخاصة، فكان أول طبيب نفسي في السودان، وأثناء عمله في عيادته الخاصة، درس معاقل علاج المجانين بالجزيرة، وفي غرب السودان، كما أنه درس التاريخ الاجتماعي إذ وهب دكتور التجاني الماحي نفسه للقراءة والدرس، حيث درس مادة الإنثربولوجيا الاجتماعية لوادي النيل. ومنذ عام 1957م أصبح دكتور التجاني الماحي يشارك مشاركة واضحة في الحياة الثقافية، وكان صالونه يعج بمحبي الثقافة والعلم، فيتحدثون في كل صنوف المعرفة.. وقد ألف في تلك الآونة كتابه القيم عن تاريخ الطب العربي. وأشرف الدكتور التجاني الماحي على أول مؤتمر للصحة النفسية أقيم في جامعة الخرطوم في عام 1966م. ٭٭٭٭ من المراجع: «معجم شخصيات مؤتمر الخريجين» للدكتور المعتصم أحمد الحاج وكتاب «رواد الفكر السوداني» للأستاذ محجوب عمر باشري.