دعونا نسأل ثم نجيب: هل نحن دعاة حرب أم دعاة سلام؟! أقولها مُقسماً بالله إننا دعاة سلام ولو كانت أرض السودان في جنوب كردفان والنيل الأزرق محرَّرة من الجيش الشعبي وعملائه من قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) لكنا أكثر الناس كتابة عن السلام والجوار الآمن ولكن!! أعجب والله من بعض كتابنا الذين يتعاملون مع قطاع الشمال كما يتعاملون مع الحركات الدارفورية المسلحة، في تجاهل تام لحقيقة أن قطاع الشمال هذا جزء من دولة أجنبية تشنُّ الحرب علينا بل جزء من مشروع وحركة تحكم دولة الجنوب وتُصرُّ على الاحتفاظ باسمها القديم الذي ينادي بتحرير السودان (الحركة الشعبية لتحرير السودان) بل إن هذه الحركة من لدن زعيمها وعرّابها قرنق حتى اليوم تحت قيادة خليفته باقان لم تُخفِ توجُّهها لتحرير السودان من خلال مشروع يسمّى مشروع السودان الجديد أُعلن عنه وكُتب وامتلأت به أضابيرُهم والمواقع الإلكترونية والفضائيات كما لم يُخفِ عملاؤها اسم حركتهم التابعة لدولة الجنوب وحزبها الحاكم. نحمد الله أن الورقة التي قُدِّمت من قِبل الوفد المفاوض للرد على ورقة عرمان بتاريخ 29/7/2012م وتحت عنوان «دحض الورقة المقدمة من حركة التمرد» Refutation of the paper submitted by the rebel movement نحمد الله أنها لم تقدَّم مباشرة للوفد العميل بقيادة عرمان إنما قُدِّمت للوسيط ثابو أمبيكي وكانت قوية في مفرداتها حيث قالت إن ورقة عرمان إما أنها تُعزى لعدم المعرفة أو الإرادة أو لاستغلال القضية للحصول على الشرعية والاعتراف وتحقيق المصالح الخاصة وكنتُ أرى أن تُستخدم عبارة Mutineers بديلاً من كلمة Rebels كترجمة لكلمة (متمردين) فما هم بثوار إنما متمردون وعملاء كمان. كذلك فإن الورقة رفضت الاعتراف بقطاع الشمال وقالت في المادة 4/1 إن قطاع الشمال يطالب الحكومة برفع الحظر عنه والاعتراف به كحزب سياسي وكان الرد على ورقة عرمان واضحاً بأن الأمر لا يقع تحت سلطة الحكومة وإنما يخضع لقوانين ولوائح الأحزاب السياسية التي شارك المتمردون في إجازتها وإقرارها من خلال مشاركتهم في الحركة الشعبية لتحرير السودان وأنه على المتمردين بدلاً من مطالبة الحكومة أن يبرهنوا على جديتهم ويستجيبوا لمتطلبات التأهيل حتى يصبحوا حزباً سياسياً وأهم المطلوبات أن يضعوا السلاح وعلى المتمردين أن يختاروا بين خيارين: إما العمل السياسي وفقاً للقوانين والتشريعات واللوائح الوطنية أو الاستمرار في حمل السلاح وإشعال الحرب ولا مجال للخلط بين الاثنين. كلام مثل الذهب الخالص أهم ما فيه أن المفاوضين لم يجلسوا مع عرمان ولن يجلسوا قبل أن يستجيب قطاع الشمال للمطلوبات المذكورة. بالرغم من ذلك فإن بعض دعاة ثقافة الاستسلام يُصرُّون على نشر الانبطاح ويطالبون بالجلوس إلى حبيبهم عرمان بدون قيد أو شرط ويهاجمون كمال عبيد ولستُ أدري والله من يحرِّك هؤلاء؟! هل يا ترى يحركهم الحاج وراق الذي جلس مع بعضهم في مكتب واحد وخرب عليهم دينهم ودمّر بوصلتهم أم جهات أخرى مستعدة أن تدفع في سبيل شراء الأقلام المعروضة للبيع؟! لا أقول إن كلَّ من يرى هذا الرأي كذلك فمنهم المنبطحون بطبعهم لكن بالقطع هناك من خضعوا لبرنامج حرب الأفكار الذي أعلنت عنه الإدارة الأمريكية منذ أيام حرب العراق حيث سافر بعضُهم ونزل ضيفاً على الاستخبارات الأمريكية بواشنطن!! يا سبحان الله!! والله ما كنا نحتاج إلى دليل يكشف علاقة قطاع الشمال بسادته في الحركة الشعبية بعد كل ما ذكرناه وما فضحهم به تاريخهم المخزي منذ التحقوا بالحركة الشعبية في ثمانينات القرن الماضي وخاضوا معها الحرب ضد القوات المسلحة والمجاهدين وما كنا نحتاج أن نذكِّر بأن عرمان كان قبل الانفصال نائباً لباقان وعقار كان نائباً لسلفا كير ولكن الله تكفّل بفضح هؤلاء الذين ظلوا يُفتنون المرة تلو المرة (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ). اقرأوا بالله عليكم خبر الأمس الذي نشرته عددٌ من الصحف من بينها (الصحافة) نقلاً عن صحيفة أمريكية قالت إن سلفا كير كتب خطاباً للرئيس الأمريكي (أوباما) يؤكِّد له ما سبق أن نفاه حول تقديم دولة الجنوب دعماً عسكرياً ولوجستياً لقطاع الشمال ويعتذر له عن كذبه في مرات سابقات وإخفائه لتلك المعلومة!! بالرغم من ذلك تُصرُّ صحافة المارينز على التعاطف مع عرمان ووالله إنه لمن المشين أن نضيع وقتنا وحبرنا في التصدي لهؤلاء بدلاً من أن نخوض معاركنا ضد باقان وعرمان وغيرهما من أعداء السودان. أعجب أن يتحدث هؤلاء المنبطحون عن السلام بأي ثمن ووالله إني لموقن أن بعضاً من هؤلاء لن يغيِّروا موقفهم حتى لو وصلت دبابات الجيش الشعبي أبواب الخرطوم.. أعجب أن تحرص الحركة وجيشُها الشعبي على القتال داخل أرضنا بينما يخشى بعضُ القاعدين المتثاقلين إلى الأرض ويدعون إلى الاستسلام وأرضُهم محتلة بالرغم من هدير سورة التوبة والأنفال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ٭ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أعجب أن نستكثر الجهاد في سبيل ديننا ووطننا ويسترخص الجنوبيون دماءهم وهم يغزوننا في عقر دارنا!! أعجب أن شهداءنا في الجنة وقتلاهم في النار وبالرغم من ذلك ننكسر وننهزم!!