ما في فايدة والله، ذلك أنه في اليوم التالي لتصريح باقان بأنهم لن يتخلوا عن جنوب كردفان والنيل الأزرق لم يجد كُتاب المارينز من دعاة ثقافة الاستسلام في ذلك القول ما يستفزُّهم بل ربما فرحوا وطربوا فبدلاً من أن ينتفضوا ويزأروا غضباً ويثأروا لكرامتهم المُهدرة واصلوا كيل السباب لكمال عبيد ولم ينسوا التذكير بحقنته الشهيرة التي توعد بها الجنوبيين بعد الانفصال واصفين إياه بالمتطرف ومقرِّعيه على حملته وهجومه على الرويبضة عرمان الخائن لوطنه وأمته وقبل ذلك لدين أمه وأبيه بالرغم من أن كمالاً لم يقل قولته إلا بعد أن قال أحد كبارهم إنهم لن يمنحوا السودان جالوناً واحداً بعد الانفصال!! ممَّن بربكم يحق لنا أن نغضب؟! أمن باقان وعميله عرمان وغيرهما من الأعداء والعملاء أم من هؤلاء الذين يفتّون في عضد الأمة ويهدرون كرامتها ويدعونها إلى الاستسلام؟! لماذا بربِّكم لا نجد كُتّاباً وصحفيين في دولة جنوب السودان ينهشون لحم مواطنهم المتطرف بحق باقان كما يفعل هؤلاء مع مواطنهم كمال عبيد؟! حتى التصريحات من كمال عبيد لا يريدونها إنما يريدونه حمامة بل عصفوراً بريئاً كعصافير الخريف على حد وصف مهدي بابو نمر لبعض مفاوضينا من أولاد نيفاشا!! لا يريدون لكمال أن يتكلم حتى من باب التكتيك فواحرّ قلباه! أذكِّر بأنّ سلوك هؤلاء المنكسرين من ناشري ثقافة الاستسلام تكرَّر عبر الأزمان بل كان موجوداً حتى في مجتمع مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ولذلك لا غرو أن يتضمن القرآن عدداً كبيراً من الآيات للتحذير من أمثال هؤلاء الخوّارين المحرِّضين على الاستسلام. بلادُنا محتلة من قِبل دُويلة مصنوعة من الزجاج.. دُويلة جائعة على شفا الانهيار يترنَّح قادتُها سُكارى في أزقة جوبا وطرقاتها وبالرغم من ذلك تتوعدُنا بالليل والنهار وتقول إنها لن تتخلى عن أرضنا، لا الأرض المتنازَع عليها بل جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.. دُويلة تزرع عملاءها داخل أرضنا لا أعني العملاء (عديل) من قيادات قطاع الشمال أمثال عرمان والحلو وعقار إنما تزرع خلايا نائمة منتشرة في شتى أصقاع السودان خاصة عاصمتنا المخترَقة وتُدخل السلاح آناء الليل وأطراف النهار ويعاونها مفاوضون منبطحون من بني جلدتنا يمنحون مقاتليها حتى ممَّن احتلوا هجليج وسماحة والموريب وقتلوا بلايل وبلندية يمنحونهم حرية أن يقيموا إلى الأبد داخل بلادنا بل أربع حريات حتى يستكملوا مشروعهم الاحتلالي الذي لم يُخفوه إنما أعلنوه على رؤوس الأشهاد وعبَّر عنه اسم حركتهم (لتحرير السودان)!! يحدث كل ذلك ولا يزال الخوّارون من كتاب المارينز يواصلون إعداد البلاد للذبح ويهيئون الساحة للاحتلال والشعب للاستسلام!! لم نطالب في يوم من الأيام باحتلال الجنوب كما تفعل الحركة وهي تحتل أرضنا وهل يُعقل أن يطالب بذلك من يقوم مشروعه على الانفصال وعلى منح الجنوب دولته المستقلة بعيداً عن الشمال؟! لم نطالب باحتلال الجنوب إنما طالبنا بتحرير أرضنا وبالتصدي لهؤلاء الذين يعملون على احتلال بلادنا وباقتلاعهم حتى ننعم بجوار آمن مع الجنوب كما طالبنا بأن تُحرَّر كاودا كما حرَّرنا هجليج وتساءلنا ما هو الفرق بين هجليج وكاودا؟! رغم ذلك كله فنحن في نظر هؤلاء الخوّارين مجرد متطرفين ودعاة حرب أما باقان.. أما سلفا كير أما عملاؤه من أمثال الرويبضة وغيره فهؤلاء الذين يحتلون أرضنا ليسوا دعاة حرب.. إنما دعاة سلام.. ما يقوله باقان لا يهم أما ما يقوله كمال عبيد وأرضُه محتلة ومهدَّدة فهو المهم فالرجل عندهم متطرِّف وداعية حرب!! نحن متطرِّفون ودعاة حرب أما هم.. وأما مفاوضو الحريات الأربع من أصدقاء باقان الذين تعشَّوا معه في قلب الخرطوم ورقصوا على أنغام الكابلي قبل يومين من اجتياح هجليج .. أما هؤلاء فعقلاء وأصحاب بصر وبصيرة!! بئس البصر وبئس البصيرة التي ينظر بها هؤلاء المنبطحون الخوّارون!!.. لو ملكوا الجرأة لقالوا إن القرآن الكريم داعية حرب ومتطرف لكنهم أجبن من أن يقولوا ذلك حتى وإن أضمروه في أنفسهم.. لو كانوا يملكون الجرأة لاحتجوا: كيف يقول رب العزة سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ)... لو كانوا يملكون الجرأة لأنكروا الآية وتساءلوا: كيف يقول رب العزة سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).. لو كانوا يستطيعون لأنكروا على القرآن أن يصف المنبطحين من قديم بالمتثاقلين إلى الأض (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ).. لوكانوا يستطيعون لأنكروا أن يقول القرآن على لسان قوم موسى وهم ينبطحون قبل أن يُقذف بهم في أرض التيه جزاءً وفاقاً على انكسارهم وقعودهم (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ). لا اتهمهم بالنفاق لكنَّ من سبقهم من المنافقين كانوا يفتّون في عضد الأمة ويرفضون الجهاد ويستنكرون أن يقاتل المؤمنون أو يستجيبوا للقرآن الذي يحرِّض على القتال.. اسمعوا بربِّكم ما يقوله القرآن للمؤمنين محذراً مما يقوله الكفار والمنافقون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) واسمعوا لما قاله المنافقون وهم يرتجفون من الموت بالرغم من أن القرآن يؤزُّهم أزّا (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) يقول القرآن عن المنافقين (الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). أعجب أن ينكسر هؤلاء القاعدون بينما أرضُهم محتلة في الوقت الذي يحرِّض فيه كُتّاب الجنوب جيشَهم على القتال وهو الذي يحتل أرضَنا.. أعجب أن يخوِّفوننا من الحرب ويتَّهموننا بتأجيجها والله يُذكِّرنا في قرآننا ويحضُّنا على الثبات ويُحذِّرنا من الوهن والضّعف إذ يقول (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).