لا يختلف اثنان في ان الاهتمام بالمبدع والاحتفاء به يعتبر من محفزات الإنتاج والتحريض على تقديم كل ماهو جديد من قبله... وقد يختلف الاحتفاء والتقدير من جهة وقد يتفاوت، ولكن في الأخر يبقى الوقع والأثر الطيب في نفس المحتفى به، وإذا نظرنا إلى واقع الاهتمام والتقدير في السودان لا يمكن ان نقول إنه لا يوجد تهميش بمعناه الصريح ولا احتفاء بمعناه الأشمل. وبين الفينة والأخرى تعلن جهات رسمية وشعبية عن اعتزامها تكريم مبدع او مجموعة في إطار التكريم والتقدير وتأخذ مثل هذه الاحتفاءات عدة أشكال ومعانٍ، وقلما شهدت البلاد إعلانًا رسميًا لتكريم مبدع سوداني كفعالية قائمة بذاتها، ودائمًا ما يدخل التكريم في سياق برنامج مصاحب لمهرجان ما أو تظاهرة ثقافية أو مناسبة عامة. وهنا يرى المراقبون ضرورة ان تخصص الدولة مناسبات خاصة ومهرجانات تكريم للمبدعين وفي ذلك اشاره الى اعتبارية المناسبة ووضعيتها. الراعي والرعية.. في بدايات العام 1992م قدم الشهيد المشير الزبير محمد صالح فكرة برنامج الراعي والرعية ويقوم على الزيارات المسائية وتفقد رموز المجتمع السوداني ومن لهم إسهام في خارطة الحياة السودانية بمختلف مجالاتها السياسية والاجتماعية والثقافية والرياضية وقد كان للمبدعين في مجال الثقافة نصيب كبير من هذه الزيارات، وانطلق البرنامج في ذاك الوقت وقد قام بالوصول الى العديد من المبدعين وتقديم شهادات الوفاء والعرفان، كما ساهم البرنامج في العديد من المحن والمصائب التي ألمت ببعضهم. وظل البرنامج على الدوام في استمراريته برعاية من الجهات المعنية وذات الصلة.. الفكرة وجدت تجاوبًا منقطع النظير وإشادة من قبل قطاعات واسعة لما خلفته من اثر في نفوس المبدعين وما خففته عنهم من مد اليد إضافة الى أنها حفظت ماء وجههم. اهتمام رئاسي!! ومع مرور السنوات اتسعت دائرة الاهتمام بالبرنامج وجعله من اهتمامات الدولة حيث نظمته الدولة تحت رعاية رئيس الجمهورية المشير عمر البشير وإشراف النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه. ومتابعة وتنسيق من قبل مجلس الوزراء . ويقول الأستاذ التجاني حاج موسى ل»نجوع« ان الدولة بهذه الخطوة تقوم بسد الحاجة التي يعاني منها المبدعون مشيرًا الى ان هنالك عددًا كبيرًا من هذه الشريحة يعاني ولكنه بصمت قاتل. وأضاف التجاني ان البرنامج عبارة عن محمدة وخير للمبدعين وفيه يكون المعنى والمغنى قد صدق. الريس..حضورا!! وفي خطوة لتدعيم الفكرة ومواصلة لنجاحها نجد أن رئيس الجمهورية عمر البشير لم يكتفِ فقط بالإشراف على لجنة البرنامج بل كان ضمن البرنامج المنفذ للفكرة، حيث سجل الرئيس زيارات متعددة لعدد من رموز المجتمع في البلاد وحط رحاه في منزل الشاعر الغنائي اللواء عوض أحمد خليفة بحضور عدد كبير من قيادات البلاد التنفيذية والسياسية بجانب لفيف من أهل الإبداع، ولقد أثنى البشير على مجاهدات وإسهامات الشاعر عوض خليفة، مشيرًا في كلمة مقتضبة إلى الدور الذي لعبه في المؤسسة العسكرية، إضافة إلى رفده للحراك الثقافي وإنتاجه الشعري الغزير.. واعتبر الشاعر عوض برنامج تواصل سنة حميدة درجت الدولة على تنظيمها تقديرًا للإبداع وأهل العطاء، وقال: إن التكريم شرف كبير خاصة أنه جاء من رأس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة.. تواصل رمضاني.. وفي هذا العام تم اختيار اسم »تواصل« وحفل البرنامج خلال انطلاقته في شهر رمضان الحالي بزيارات عديدة وكبيرة لمبدعين في شتى مجالات الإبداع الفكري ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الفنان مبارك حسن بركات والشاعر عوض احمد خليفة والفنان شرحبيل احمد والفنان صديق احمد والشاعر الصادق اليأس والأديب عبد الله حمدنا الله والإذاعي حمدي بولاد والإعلامي صلاح الدين الفاضل.. والأستاذة الدرامية نفيسة محمد محمود. وآخرون فتح جديد.. الدكتور الفنان حمد الريح رئيس اتحاد الفنانين السودانيين أشاد بفكرة البرنامج وثمّن دور الدولة في رعايتها للمبدعين، وقال ل»نجوع« ان هذه الزيارات تجعل الاحترام والتقدير بين المبدع والدولة وتمنى ان تتواصل بشكل ثابت ودوري حتى تغطي اكبر مساحات من المبدعين مشيرًا الى أن هنالك كثرًا لم تصلهم الدولة بعد. «تمنٍ وأمل!!» من خلال الزيارة المتواصلة ألمح وزير الدولة بمجلس الوزراء د. محمد المختار إلى أن السيد رئيس الجمهورية وجه إلى أن تستمر الزيارات بشكل شبه دوري مع الانتظام طيلة أيام شهر رمضان المبارك، ولقد قابلت قطاعات واسعة من المبدعين توجيه الرئيس بشيء من التفاؤل متمنين استدامة وتواصل الزيارات حتى تشمل باقي المبدعين تقديراً لهم لما قدموه من عطاء وإبداع. تساؤل.. وخروج!! قد يتساءل سائل وآخر.. ماهي المعايير التي تضعها رئاسة مجلس الوزراء ويتم بموجبها تحديد ورصد الشخصيات التي يتم زيارتها، سيما وان هنالك بعض الأسماء والشخصيات همست بأحقيتها في هذه الزيارات وهذا التقدير والاحتفاء، وهذا يدعو الى ضرورة الإسراع في معالجة مكامن الخلط، وبالمقابل يقفز سؤال آخر وهو هل قامت رئاسة مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لتقوم بعملية رصد وتسجيل الأسماء المستحقة للزيارة وهل هذه اللجنة ضمت شخصيات ذات علاقة بالإبداع والثقافة أي من ذات المجال او ذات صلة وتخصص كوزارة الثقافة؟!!