مالك عقار الذي أوثق عُرى الخيانة، وأحصف مراء العمالة، يشرئب في صفاقة لا نظير لها لمنصب نائب الرئيس، ولا أخال أن الشعب الذي دهته دواهِ البلاء، وغالته غوائل الغلاء، سوف يرفع حاجبه من الدهشة إذا شاهد من غمط النعمة وكفر الصنيعة وجحد العارفة، متربعاً في القصر الجمهوري يتصرف تصرف السادة، ويتحكم تحكم الأرباب، فما ينشده مالك ليس أمراً معتاض الطلب، كؤود العقبة، فالوالي السابق الذي ترك صولجان حكمه، وبحبوحة ملكه، ومرجع قراره، يدرك أنّ حكومتنا الرشيدة مخروقة الكف، ندية الأنامل، فكم من فئات باغية عادت من مستنقع الخزي مكرمين بألطاف، مقربين باتحاف، ووالينا السابق الذي شاعت عنه سوء القالة، وسارت بمخازيه الركبان والذي لم يكن وجهه ينبسط للطالبين ويلين كفه للراغبين، يعلم يقيناً أن الحزب الصمد الذي أضعف الوهن قواعده، وضعضعت المفاوضات البغيضة دعائمة، سوف يغض الطرف عن ماضيه المخصب بالدنايا، ويجعل جوائحه وموبقاته تحت قدمه ودبر أذنه.والمؤتمر الوطني مصباح الأذهان، وشمس العقول، الذي يعرف بالظن ما لا يعرفه غيره بالتجربة، أسبغ على قطاع الشمال النعمة، وأسنى له الحباء، حينما خضع لمفاوضة من تحيفته نوازل الأحداث، وطحطحته دوائر الأيام، فقطاع الشمال الذي يكابد الأوصاب ويصارع العلل، هدّ ركنه وفتّ في عضده وأكبى من زنده، الضربات الماحقة التي سددها له جيشنا الجسور الذي صاغه الله من محتد احتدمت محامده، وأصل نجبت مآثره، وسبخ خلصت مناقبه، والجيش الذي فرج الكربة وحسر الغمة وسكّن الروعة وأماط المكروه، قادر على أن يجعل من قطاع الشمال الذي يمقته جل هذا الشعب الذي لا يروم إلا أن تخسأ عنجهيته وتقذع أبهته وتطمر جرثومته، ضرباً من الماضي، فالقوات التي صعدت ذرى المجد وعلت هضاب الشموخ، قمينة باستئصال الحشرة الشعبية التي تغمره بجزيل الإحسان، وشمول الألاء، ولكن المضطلعين برعاية الذمام، والمولين بالأعباء الجسام لا يمكنونها من تأدية هذا الشرف. إن الحقائق التي يعضدها البيان ويحفُ بها البرهان، أنّ نيفاشا البغيضة التي لا رقع لخرقها ولا انسداد لثلمها ولا حسم لدائها، قد عادت بوجهها الدميم لتمكن من تسربل بأطمار الغرب، ولاذ بأكناف الصهيونية المقيتة، من سدة الحكم، حتى ينشر فينا ضغث الشيطان، ويتسق أمر الخنا، وتنتظم أسباب الفجور، كما حدث من قبل في ولاية النيل الأزرق إبان عهده، وأقول للعميل مالك عقار إن سالف مننك ومتقدم أياديك، تجعل ولاية النيل الأزرق ليست عليلة الظمأ إلى رؤيتك ولا لاعجة الصّدى إلى سماع حديثك الممجوج عن عروبة السودان الزائفة، ويا لهمول عبرتي وأشلاء وحشتي ودوام حسرتي، إن لم تدفع عنا الإنقاذ العار، ويميط عنا المؤتمر الوطني الشنار، فيبعد عنا شبح مالك الذي لا يسخو إلا كارهاً ولا ينصف إلا صاغراً ولا يصيب إلا مخطئاً.