وجهت صحيفة ماكلاتشى أبرز الصحف الأمريكية انتقاداً شديد اللهجة إلى وزير الإعلام بدولة الجنوب برنابا ماريال بنيامين لوصفه مراسلها لإفريقيا بالمأجور فى بيان نشرته على موقعها الالكتروني. وكان بنيامين قد اتهم مراسل ماكلاتشي فى كلفورنيا ألان بوزويل بالعمالة لصالح السودان في مقابلة إذاعية بثها الراديو الوطني بعد تقريره الذي كشف فية طلب أمريكا من سلفا كير تقديم اعتذار رسمي بسبب كذبه المتكرر بشأن معرفته بالدعم الذى تقدمه الحركة الشعبية للمتمردين السودانيين، حيث أنكر بنيامين أن تكون لبلاده علاقة برفقاء السلاح في الحركة الشعبية قطاع الشمال، بل ذهب إلى أبعد من ذلك نافياً طلب خطاب الاعتذار الرسمي بعد أن أرسل كير خطاب اعتذار شخصي لأوباما وصفه البيت الأبيض بالسيئ للغاية، متهماً بروزويل بالعمالة لصالح الخرطوم، وعليه قامت مؤسسة ماكلاتشي الإعلامية التي تضم أكثر من ثلاثين صحيفة إحداها صحيفة ماكلاتشى باتهام بنيامين بترهيب الصحافي أعلاه باستخدام العنف واتهامه بالتجسس والعمالة، مطالبة بنيامين بإثبات كذب التقرير الذي نشره الصحافي، إلا أن بنيامين عجز عن تقديم الدليل، قائلاً إن وزير الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون قد سلمت كير خطاباً من الرئيس أوباما أثناء زيارتها لجوبا، إلا أن كير لم يكشف فحوى الخطاب بعد، وكان بروزويل قد وصف الحركة الشعبية بالفاسدة حتى النخاع، ووصف قادتها بالحمقى في مقاله بعنوان «لوبى الدولة الفاشلة» الذى ابتدره متسائلاً: هل الحملة التي نظمها السياسيون والمنظمات غير الحكومية والمشاهير في واشنطن من أجل انفصال الجنوب قد ولدت كارثة أم لا ؟وقال ألان فى مقاله: «يبدو أن جنوب السودان هو البلد الوحيد فى العالم الذى تتمازج فيه روح ورؤى الحزبين المتنافسين في الولاياتالمتحدة فى بوتقة فريدة، حيث انه وقبل عام واحد من اليوم جلست مبعوث الرئيس باراك أوباما لدى الأممالمتحدة سوزان رايس بالقرب من وزير الخارجية الجمهوري السابق كولن باول والقس فرانكلين غراهام أحد أشد منتقد الرئيس أوباما أثناء الاحتفال بولادة دولة الجنوب التي وصفوها بأعظم إنجازات السياسة الخارجية الأمريكية، بعد أن تجمع عشرات الآلاف من الجنوبيين والضيوف تحت أشعة الشمس للاحتفال بالمناسبة، وتعتبر ولادة دولة الجنوب معجزة السياسة الخارجية الأمريكية في القرن العشرين، إذ جاءت تتويجاً لإنجازات واحدة من حملات واشنطن الأكثر فعالية خلال السنين العشرين الماضية، حيث قامت فيها بدعم الحركة الشعبية المتمردة على السودان بالجنوب فى عام 1983م تحت قيادة جون قرنق احد الضباط السودانيين الذين درسوا بالولاياتالمتحدةالامريكية، حيث كان يحلم بتحويل الحكومة السودانية الى ديمقراطية شاملة، وسانده في ذلك النائب الديمقراطي الافريقي الأصل دونالد باين من ولاية نيو جرسي، وفرانك وولف الجمهوري الذي يعتبر من الانجيليين المحافظين بولاية فرجينيا، حيث وصف لي باين في ذلك اليوم من العام الماضي كيف أنه زار جنوب السودان لأول مرة في عام 1989م، وكيف انه التقى سلفا كير ميارديت فى عام 1993م من أجل بناء قاعدة عسكرية للحركة الشعبية، وقال لي باين الذي توفى في مارس الماضي: «بالرغم من القدر القليل من القواسم المشتركة التي تربطني بكير، فقد سعيت لتمديد شعبيته في واشنطن ليس فقط وسط تجمع الانجيليين السود في الكونغرس، بل وسط الإدارات الثلاث التي حكمت الولاياتالمتحدة أخيراً، وقد تمكنا من الحصول على دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهو ما جعل الحركة الشعبية كياناً قادراً على الصمود والحياة». ويقول ألان إنه بدون دعم أمريكا القوي والأخرق لما كانت جنوب السودان دولة، غير أنه يبدو أن علاقة العشق بين واشنطن والحركة الشعبية ستنتهى بحسرة، بعد أن اختفت البهجة التى رافقت الاحتفال بالاستقلال بعد أقل من عام تحول فيه الجنوب إلى أمة كارثة بكافة المعايير، حيث أن أسوأ السيناريوهات المحتملة هي اندلاع حرب شاملة مع السودان، ومن ثم انهيار كامل للدولة قبل قيامها، كما أن جنوب السودان معرض لفرض عقوبات من قبل مجلس الأمن بسبب عدوانه العسكري على طول حدوده مع السودان، فضلاً عن الصراع الداخلي وإغلاقه أنبوب النفط شريان الحياة الوحيد لشعب الجنوب الذي يعاني الأمية والفقر المدقع، كما أن الحركة الشعبية ليست مسؤولة فقط عن الظروف القاسية والصعبة التي ورثها الجنوب، بل أنها ظلت تنهب أموال الشعب الجنوبي منذ عام 2005م تحت بصر وسمع المجتمع الدولي، حيث اعترف الرئيس كير بأن المسؤولين بالحركة سرقوا مبلغ «4» مليارات دولار، وهو ما يعادل إيرادات النفط لعامين كاملين.وهذا وكان ألان قد اتهم منظمة كفاية التي يرعاها جون برندرغاست، بأنها ضمن أصحاب الحركة الشعبية الذين ضغطوا على واشنطن لعرقلة الكشف عن قائمة بثلاثة عشر مسؤولاً أكثر فساداً في الحركة الشعبية.