لم تكن الولاياتالمتحدة تدري بأن اهتمامها المتعاظم بدعم حركات الجهاد الاسلامي في مواجهة الاتحاد السوفيتي الذي غزت جيوشه افغانستان في إطار الحرب الباردة بين البلدين لم تكن تدري بانها ستخلف لها اكبر كارثة وطنية في بداية القرن ال «21» والموسومة باحداث «11» سبتمبر 2001م والتي يوافق اليوم ذكراها العاشرة .. ولما كان السودان استقبل الزعيم الروحي للقاعدة اسامة بن لادن في مطلع التسعينيات من القرن الماضي مصطحبًا اسرته وشرع في التعاون الاقتصادي مع الحكومة عبر عدة مشاريع منها طريق التحدي وبعض المشاريع الزراعية كما في النيل الازرق قبل ان تشعره الخرطوم بمغادرة البلاد علي إثر الضغوط الامريكية عليها في هذا الصدد اليوم وبعد مقتل الرجل في مايو الماضي في منطقة ابود باد الافغانية عبر العملية الخاصة للقوات الامريكية «سيلز» هل من وجود لتنظيم القاعدة في السودان؟ رغم ان البلاد تعج بالعديد من النحل والملل الاسلامية وفي ظروف سياسية وامنية من قبيل النزاعات المسلحة في دارفور والتوترات الامنية في بعض المناطق إلا انه لم يسبق لاي من تلك الجماعات ان تبنت أيًا من الهجمات التي تتخذ طابعًا يهدد الامن العام، وفي السياق جدير بالذكر انه قلما يحدث تهديد لوجود الاجانب من قبل تلك الجماعات.. وكانت مدينة امدرمان شهدت قبل حوالى خمس سنوات من الآن تدوين اشعارات على الجدران تنبئ عن وجود تنظيم القاعدة إلا ان السلطات حينها قللت من شأنها ولم تعرها اهتمامًا يذكر، ومن الأحداث ذات الصلة بالجماعات الاسلامية التي تعرضت لها البلاد احداث الجرافة بمسجد ابوبكر الصديق في امدرمان والتي تعرض فيها المصلون لعملية إطلاق نار اثناء ادائهم لشعيرة التراويح في 2000 وقد سبقتها عملية الهجوم المسلح التي نفذتها جماعة متطرفة في مسجد زعيم انصار السنة محمد ابو زيد للعام 1994 اثناء اداء صلاة الجمعة ومؤخرًا كانت تصفية الدبلوماسي الامريكي جون غرانفيل وسائقه عبد الرحمن عباس من قبل اربعة من الشباب الاسلاميين ولمواجهة هذه العمليات درج جهاز الامن والمخابرات بقيادة مديره آنذاك صلاح قوش لادارة ورش عمل مع علماء البلاد من امثال د. عبد الحي يوسف وقيادات من جماعة انصار السنة للخروج برؤى وتوجهات تفيد في كيفية التعامل مع تلك الجماعات فكريًا، وتاليا نظم الجهاز لقاءات لادارة حوار فكري مع اعضاء تلك الجماعات. ولكن ماذا عن تنظيم القاعدة؟ تجيب عن هذا السؤال د. فاطمة العاقب استاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الازهري والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية بالقول: ان لتنظيم القاعدة وجوده في السودان ومارس نشاطه خلال فترة وجود بن لادن في السودان، وقد كان في مرحلة الانشاء والتكوين ويعمل بصورة سرية الا ان اوضاعهم تغيرت عقب مفاصلة الإسلاميين في 1999 نظرًا للتعاون الامني الذي جرى بين الخرطوموواشنطن عن الارهاب لذا فان وجود القاعدة في السودان بالضرورة وجود مستتر نظرًا للظروف الامنية المحيطة بهم وللحصار الدولي عليهم إن لم يكن انعدم تمامًا وبالوقوف على عملية اغتيال بن لادن وآثارها على القاعدة بالسودان اشارت العاقب في حديثها ل «الانتباهة» الى انه وفي مثل هذه الاحوال فان أي ارتباطات اقليمية ودولية لا بد ان يكون لها انعكاستها على الافرع التابعة لها وعليه فان لاغتيال اسامة اثره على قاعدة السودان وللتأكيد ضربت المثل بجماعة الاخوان المسلمين ومركزها جمهورية مصر وكيف ان التنكيل والحصار الذي تعرضت له طوال مشوارها قد اثر على اذرعها في البلدان المختلفة ومنها السودان حيث كان د. حسن الترابي يتولى شؤون الجماعة فيه، ورغم الحديث عن وجود للقاعدة الا أنه ليس ثمة مؤشرات ودلالات تفصح عن هذا الوجود، وعلى كلٍّ ورغم الحملات الامريكية الواسعة لؤاد تنظيم القاعدة الا انه يبقى ان ارتباط التنظيم برؤى وفكر ايدولوجي يصعِّب من مهمة واشنطن فالآلة العسكرية مهما عتا جبروتها فإن غايتها فناء الأرواح وزوال الأبدان ولكن كيف لها أن تنفذ للفكر والتوجه الذي يؤمن به تنظيم القاعدة؟