* كنت أول من التقى عداءنا العالمي أبو بكر كاكي بعد لحظات من نهاية السباق الأخير الذي جاء فيه في المركز السابع.. وكان اللقاء يتم حسب النظام العالمي في التغطية بأن الاعلاميين ينتظرون فيما يسمى «المنطقة المختلفة» (mixt 20ne)، ويمر الرياضيون بها للإدلاء بالتصريحات. وفي ذلك اليوم قمت بالمهمة بنفسي لأول مرة بدلاً من تكليف الزملاء الشباب من أعضاء الفريق العربي الموحد كما نفعل في الدورة. وكنت في غاية الحزن لأن إخفاق كاكي جاءنا بعد موجة كبيرة من التفاؤل عمتنا وعمت البعثة وعمت الوطن كله كما جاءتنا المعلومات. * حين ظهر البطل الكيني العالمي حامل الذهبية روديشا تعالت الأصوات منادية إياه للإدلاء بتصريحات ولم أهتم به ولا برفيقيه حاملي الميداليتين الفضية والبرونزية، إنما كان كل اهتمامي ب «كاكي» والذي تعالت نفس نداءات الإعلاميين له بعد حاملي الميداليات، وكذلك ناداه الاخوة الاعلاميون العرب ولم يلتفت لهم حتى أنه لم يلتفت لي وأنا أحمل المايكرفون الخاص بكاميرا الفريق الموحد.. ودار دورته وأتى بالممر الواقع خلفنا وهنا ناديته مرة أخرى ولكن باسمه الأول (أبو بكر أبو بكر) وأضفت يا أبوبكر أنا ما بتكلم معاك، وأحس بأن اللهجة سودانية، فعاد أدراجه وحاولت معه فحاول أن يتكلم، وبدأ بعبارة إعتذار للشعب السوداني ولكن غالبته دموعه وانفجر باكياً. * حاولت تطييب خاطره وذكرت له بأنه صغير السن والمستقبل أمامه.. وما إلى ذلك من عبارت كهذه.. وبعد العودة بدأت أسمع عبارات جارحة من الاخوة السودانيين خاصة بعض قادة اللجنة الأولمبية ومن الاخوة الدبلوماسيين وحتى السودانيين المغتربين الذين نلتقيهم ويهاتفوننا. وكنت أركز على ضرورة الرفق بالشاب كاكي.. وذكرت بأنه في حاجة الى كلمات ترفع من روحه المعنوية بدلاً من عبارات الاحباط.. وكونه كان مشرحاً لميدالية أولمبية، فقد كان الترشيح من قادة الاتحاد الدولي لألعاب القوى وخبراء اللعبة.. والاخفاق جاء بسبب الاعداد الجيد والأرقام لكل الأبطال المشاركين وحتى كاكي نفسه كان رقمه أفضل من أرقامه السابقة. نقطة.. نقطة * أرحموا كاكي فقد شارك ضمن أفضل ثمانية عدائين في العالم.. وفي هذا فخر له ولنا، وكان ضمن أبطال كلهم من دول تتقدم علينا في كل شئ. * السودان ليس من الدول الأعضاء في نادي الميداليات حتى تقوم الدنيا ولا تقعد لعدم احراز واحدة.. وقد تكون ميدالية اسماعيل أحمد اسماعيل في بكين محض صدفة أو ضربة حظ. والرجل نفسه لم يكن مرشحاً لها.. ولكنها جاءت وأسعدتنا وفتحت أمامنا باب الأمل. * أحد الأشقاء العرب رآنا نندب حظنا واخفاق كاكي فعلق ضاحاً.. هنالك دول عربية متقدمة وخليجية وبعثاتها بأعداد أضعاف أضعاف البعثة السودانية، وصرفت على رياضييها الملايين من الدولارات ولم تحرز شيئاً.. فهونوا عليكم.