.. كبير هو التحدي الذي تواجهه المرأة السودانية القاصة.. أن تكتب خطوة وأن تقتحم عوالم جديدة خطوة أخرى أن تدرك سر الإبداع؛ أن تقتحم دنيا الإبداع بلا تردد! أن تكتب دون نظرة أخرى وثالثة.. أن تبرمج فكرها وخيالها وواقعها لأجل سطور غير مسبوقة.. تضج إبداعًا طبيعيًا محكمًا دون صنعة أو تكلف.. ولا أحسب أن أدوات الإبداع جرأة وكفى أو تمرد هائج!! إن الذكاء والمعرفة ودقة الالتقاط والخيال واللغة السلسة الذكية وحياة تعددت فيها التجارب والمواقف مع تلك الوصفة السحرية في نَفس الكتابة هي التي تجعلنا نغرق في عوالم كاتبة ما ونتجاوز أخرى.. وفي الكتابة نتحيّز لكل ما هو مبدع يفتح فينا مسام التلقي فلا ندري من أين دخل إلينا ذلك الإبداع عبر قلوبنا أم عقولنا أم احتوانا بالكامل.. قدمت لنا الأستاذة رحاب محمد عثمان باكورة إنتاجها (أوراق شهرزاد) صادر عن مؤسسة أروقة للثقافة والعلوم .. تناولت فيه صفوة من النساء السودانيات في مختلف مجالات الإبداع وبلفتة مقدرة استطاعت أن تقدم لنا نموذجًا للإبداع النسوي من خلال حوارات أجرتها مع شخصيات الكتاب.. وتقول الأستاذة رحاب إن تجارب المرأة في الكتابة الإبداعية كانت دومًا حاضرة وموجودة منذ القدم وتكاد تكون موازية لإنتاج الرجل الإبداعي لكن ما غاب هو الاهتمام بالمنجز الإبداعي النسوي والتعريف به والتوثيق له.. وأن إبداع المرأة ظل لزمن رهين صدورهن ودفاترهن وصدور الاثيرات من صديقاتهن! وإنه مع سنوات التسعينيات تدفقت على المطبعة العربية عشرات الأعمال الأدبية والفكرية مذيلة بتواقيع نساء مبدعات. جاءت في الكتاب أسماء سودانيات مع حفظ الألقاب في مختلف المجالات الإبداعية مثل بثينة خضر مكي، زينب بليل، روضة الحاج، سعادة عبد الرحمن، هبة رشاد، ملكة الفاضل والكريكاتيرست أماني زين العابدين، فاطمة العتباني، المخرجة صفية الأمين، السينمائية سارة جاد الله، خولة علي.. حوالى «52» شخصية نسوية سودانية مبدعة وهو جهد تشكر عليه أستاذة رحاب ونحسب أن حواء السودانية والدة وتلد كل يوم إبداعًا جديدًا والعشم أن يكبر الإبداع وينمو في بيئة صحية صالحة وأن يرى النور ويتعرف عليه أهل السودان والعالم أجمع ..! .. يقولون إن المرأة تكتب لتتمكن من الخروج عن دائرة العجز والجهل.. ومن البوح الخاص جدًا والكتابة والتعبير عن نفسها وغيرها إلى الاستغراق في عوالم القصة والكتابة.. وبين مجتمع عربي وآخر تفاوتت التجارب القصصية عمقًا وجرأة وشفافية وخيالاً..