قلت: للفائدة انقل ما وجدته في صبح الأعشى للقلقشندي من خبر طريف: في سنة سبعين وسبعمائة ظهر بالشام جراد عظيم لم يسمع بمثله، وامتدّ من مكة إلى الشام، وعظم بحوران حتى أكل الأشجار والأخشاب وأبواب الدور وما وصل إليه من والقماش، وسُدّت أعين الماء خوفاً من أن يفسدها، وكان من شأنه بعجلون انه امتلأت منه المدينة وغُلّقت الأسواق وطُبّعت ابواب الدكاكين والطاقات وسدّت الابواب وحضروا لصلاة الجمعة فملأ عليهم الجامع وترامى على الخطيب على المنبر حتى شغله عن الخطبة وكذلك حيّر الناس حتى خرجوا من الجامع يخُبون فيه خبًا الى الركب وأنتنت بكثرة ما قتل منه حتى صار أهل البلد يشمون القطران ليغطي رائحته «وما يعلم جنود ربّك إلا هو»: 458/1 قلت: أرجح ان القلقشندي قد «بالغ»! انظر قوله: «يخبون فيه خباً الى الركب» هو مشهد نادر! هذا طوفان.. وجحافل.. هو أقرب للغزو!! وهنا كم أرثي لحال الخطيب وسامعيه !! هو يريد ان يسترسل في مهل ويقعد الكلام ولكن الجراد اللعين يعقده ويصرفه وان شئت صدقاً فهو يرفسه في عينه وهذا مألوف فيه.. وحال المصلين لا يريدون كلاماً! ذات يوم رأيت خطيباً في مسجد بالقاهرة بدا لي انه يكثر من التلويح بيديه اثناء خطبة الجمعة وكنت ارى ان حركات يده لا تتناسب مع كلماته.. ثم بعد قليل أوجز وقطع الخطبة وصلّى وقد علمنا بعدها ان نحلة قد احاقت به وما كان يفعله هو ضرب من وسيلة الطرد!! ألا نعذره إن رأيناه قافزاً من منبره.. هاربًا لو لاحقته النحلات!! قلت: في كلام القلقشندي «وانتنت لكثرة ما قتل منه حتى صار اهل البلد يشمون القطران ليغطي رائحته» اجد ان هذا يدفعني للسؤال: ألم يجد اهل البلد طيباً ضوّاعاً او نباتاً عطريّاً يقتل رائحة النتن غير القطران! الذي أحسبه نفسه يحتاج لما يقتل رائحته!! لكني أعلم ان في ريحه استطابة عند بعض الناس.. قلت: وانا ما زلت اذكر صديقنا الودود سيد جني الذي كان «يتكرف» رائحة مركوب الجنينة الذي ارتوى جلده بالقطران ما يجعله طريًا.. تراه حينها «متمحنًا» او جزلان الأنف هكذا!! وهذه الاستساغة نجدها في الماء الذي يسقى بالقطران لأيام قبل حملها الماء لجعلها لينة لا تتشقق وتنشق... وكنا نجد استطابة الماء القربة حينها فالقطران يكسبها طعمًا سائغًا للشاربين وقد قال لي عليم ان الماء القربة يقتل العطش! قلت: في اشارة القلقشندي «وما يعلم جنود ربك الا هو» اشارة الآيه الكريمة وضراوة ما يكبده الجراد «جند الله» للعدو الكافر ولغيره!! قلت مما نقوله وصفًا بالكثرة: زي الجراد. قلت: قد علمت أن معدته الهضم وقد حدثني عليم ان الجراد يطعم الطعام وفي الحال يخرجه فضلات وليس في الحالين ملاوة زمن فهو الأسرع هضمًا ونقل لي ان جرادًا نزل على مزرعة كركدي واحالها انقاضًا وجردها من ثمارها وترك على الأرض فضلاته ما كساها طبقة من صبغة حمراء!! وقد سمعت من بعضهم ان في فضلات الجراد شفاء من امراض البطن وليس هذا بقريب ما دام هو يأكل النبات، وقال آخر: فضلاته تصلح سيجارة لأمراض الصدر بل هي تدخل سرورًا على صاحبها فتأمل!! وقد رأيت من «يستمخ» لسيجارة من بعر الحملان... فتأمل وتأمل!! ثم تألم! قلت: قوله «وحضروا لصلاة الجمعة» كأنهم لم يحضروا لغيرها وقتها وخوفًا من الجراد! قلت: وجدت في اوراقي القديمة وصفة لم اوثق مصدرها تجعل مبيدًا للجراد قال: ويد الوينز «الحية السوداء» ويريب ببول الجمال على نار هادئة سبعة ايام ثم يرش ماؤه على الزرع والشجر فإنه يهلك الجراد والزنابير» قلت: الراجح ان الوصفة ليست للتسويق! وهي تشير لضيق الزرع واين هذا من «رش» آلاف الأفندة!! وكيف نتحمل ابوال الجمال!! وكيف نرشها قلت: من طريف ما وجدت في اوراقي ان جندل ابن المثنى قال يصف غارة شعواء للجراد يثور من مشافر الحنادج ومن ثناية القف ذي الفوائج من ثائر وناقر ودارج ومستقل فوق ذاك مائج يفرك حب السنبل الكنافج بالقاع فرك القطن بالمحالج قلت: الكنافج: السمين الحنادج: الإبل السمان شُبِّهت بالرمال قلت: انظر: فرك الجراد للسنابل الفخام هو صورة حلج القطن بأسنان الحديد «امشاط» وامشاط الجراد مناشيره على السيقان وقلت: اختيار الجيم في الشعر تم بقصد!! انظر المقابلات: جراد= محالج فرك= حلج سنبل= قطن قلت: وجدت في تذكرة الانطاكي ان للجراد عشرة ارجل ورأس صدفي فيه قرنان من اعلى واثنان من تحت العينين وشعر حول فمه ورماده مجرب في تفتيت الحصى وأيقاف الجذام. وقال ابن البيطار «الجراد حار يابس يؤكل مشويًا مطبوخًا ومن اراد طبخها يطبخها بالماء الحار فإنه يُكثر لحمها ويطبخ بعد ذلك كيف شاء واجود ما يؤكل مشويه في الفرن».. قلت: انظر جراد بالفرن! الا يذكرنا هذا: جداد بالفرن! قلت: الآن فحسب.. سال لعابي!!!!.