اطّلعتُ على مقال لفيلوثاوس فرج نُشر بصحيفة «السوداني» يوم الأحد الماضي الموافق 26 أغسطس 2012م بعنوان : «مريم في القرآن الكريم».. ولما قرأتُه رأيتُ أن من الواجب أن أنبه بهذه التنبيهات: أولاً : إن أراد فيلوثاوس فرج أو غيره ممن لا يدينون بدين الإسلام إن أرادوا نقل معلومات عن الإسلام أو حكاية شيء عن القرآن الكريم أو السنة النبوية فليجيدوا النقل وليكونوا صادقين في نقلهم دقيقين فيه، وقد سبق لفليوثاوس فرج أن تحدث عن القرآن الكريم ونقل عن شريعة الإسلام معلومات مغلوطة وقد ردّ بعض الإخوة عليه في ذلك، وقد وصلني مجموعة ردود منها رد الأخ أحمد بن أبي عائشة على ما نشره فليوثاوس فرج في صحيفة الوطن بتاريخ «14» نوفمبر2010م الموافق 8 ذي الحجة 1431ه، وفي المقال المشار إليه أدخل فليوثاوس أموراً يعتقدها هو ونسبها للقرآن الكريم، والقرآن منها براء.. فعليه وعلى كل من أراد أن ينحو هذا المنحى في «الافتراء» على دين الإسلام بهذا الأسلوب أن يعلم أن هذا الفعل مفضوح ولا يغتر بقلة من ينكرون عليه فإن ذلك لا يعني أن ما أورده مقبول لدى من قرأ ما نُشر فقد يرى كثيرون أن ما نشره ليس بحاجة إلى رد أو تعقيب، فإن العقيدة الإسلامية تتميز بالوضوح، وصغار أبناء المسلمين يعلمون قبل الكبار أصول الدين والموقف من الأنبياء وأمور الاعتقاد. ثانياً: على صحيفة «السوداني» والصحف ووسائل الإعلام أن يراجعوا ويتحروا الدقة في ما ينشرونه، خاصة إذا كان المقال في مثل هذا العنوان «مريم في القرآن الكريم» والكاتب غير مسلم، ولا أظن أن أحداً يخالفني في أن حال كهذه بحاجة إلى مراجعة من نوع خاص للتأكد من أن ما يُنشر صواب. ثالثاً: في المقال المذكور كتب فليوثاوس فرج: «حضور طاغ: في نصوص القرآن الكريم هناك مكانة كبيرة لمريم العذراء، وحضوراً طاغياً لا يقارن بحضورها في أي موقع آخر، والقرآن الكريم تجنب أي حديث عن يوسف النجار بينما ذكر اسم مريم نحو 43 مرة» أ.ه قلت : قوله «والقرآن الكريم تجنب أي حديث عن يوسف النجار» فيه تلبيس وتمويه فقد يلتبس على البعض أن القرآن الكريم فيه اعتراف وإثبات لما يعتقده النصارى من أن المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام هو ابن يوسف النجار، فقوله «تجنب» فيها تلبيس وكأنّ القرآن يوافق هذا الاعتقاد، بينما يعلم فليوثاوس فرج وغيره من النصارى أن القرآن الكريم يثبت أن مريم عليها السلام ولدت المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام من غير أب، قال الله تعالى : «قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) سورة آل عمران، وفليوثاوس فرج يقرأ في الكتاب الذي بين يديهم كما في إنجيل لوقا الإصحاح الثاني العدد 48 : «وقالت له أمه يا بني لم فعلت بنا هكذا هو ذا أبوك وإنا كنا نطلبك معذبين». نقرأ قولهم عنها للمسيح : «هو ذا أبوك» !! هذا هو اعتقادهم، وهو يناقض ما جاء في القرآن الكريم، فكان على فليوثاوس فرج إن أراد ذكر «يوسف النجار» أن يبين الموقف منه في القرآن الكريم ولا يقول «والقرآن الكريم تجنب أي حديث عن يوسف النجار» رابعاً: وكتب فليوثاوس فرج في مقاله : «مريم ضد الخطية: ويذكر القرآن الكريم أن أم مريم العذراء والتي لم يذكرها باسمها، طلبت من الله أن يحصن مريم ضد الشيطان ضد الخطية: «فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَالله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» آل عمران36 ..أ.ه وهنا أيضاً يكتب فليوثاوس شيئاً غير ما يدل عليه القرآن في آياته، فإن كان فليوثاوس فرج يقصد بالخطية «الخطيئة» التي يدّعي النصارى أن لأجلها فدى المسيح البشرية وهي أكل آدم من الشجرة فإنه يكون قد بلغ غاية في التلبيس والتمويه، فأين يجد في القرآن الكريم أمر هذه الخطيئة؟! بل حتى الكتاب الذي بين أيديهم ليس فيه تعيين الخطيئة التي هي من أصول دين النصرانية!! وليس المقام مقام نقض لهذه العقيدة وقد كتبت فيها سابقاً مقالاً ضمن سلسلة «قصة المسيح عيسى ابن مريم في القرآن الكريم» وكتبتُ فيها أيضاً في سلسلة «مع قول الله تعالى ولا الضالين».. وإن كان يقصد «جنس الخطيئة» بمعنى المعصية فأين يجد هذا في القرآن الكريم؟! وقد لا يفهم جل من يقرأ كلامه غير الأمر الأول لأن الخطيئة إذا أطلقت عند النصارى فهي ما ذكرت. خامساً : كتب: «وهي نموذج للطاعة لله وتصديق كلامه وهي بهذا حظيت بلقب من ألقاب التشريف الخاصة بالأنبياء وهي صَدِّيقَة ..» أ.ه ومن قال إن لقب «صديقة» من الألقاب الخاصة بالأنبياء؟! ففي القرآن الكريم: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) سورة النساء.. وفي القرآن الكريم نقرأ قول الله تعالى : «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ ..» ورد ذلك في سورة يوسف والنحل والأنبياء.. فالرسل والأنبياء رجال هكذا نقرأ في القرآن الكريم، وهو قول جمهور علماء المسلمين. وبالمقال جزئيات بحاجة إلى تعليق وما ذكرته منها فهو بحاجة إلى مزيد من التفصيل لكن أكتفي بذلك في هذا المقام، والله الموفق..