من منا لا يعرف الأستاذ والمربي والموسوعة (عبد العزيز جبورة) هذا الجندي المكافح من أجل قطره الصغير (بربر).. كتب الأستاذ عبد العزيز جبورة مقالاً بعنوان: (حينما الدهر مضى حزنًا وغدرًا) قائلاً فيه: «حينما مضى بي حين من الدهر مضى حزنًا وغدرًا».. والذي مضى حزنًا كان فيه حزن خاص خصني وأفراد أسرتي وبعض المقربين والمريدين، وذلك بفقدي أختي وشقيقتي التي كتبت وبثثت أحزاني عليها، وواصل حديثه بالأحزان التي مرت عليه حزن خاص بفقده لصديقه ورفيق دربه المرحوم (محمود أبو النجا) ابن بربر الغالي هذا الإنسان الودود الصادق الصدوق الذي يعمل من أجل العطاء بلا منٍ ولا أذى ولا أخذ ولا رجاء عمل لوطنه الصغير (بربر) ولوطنه الكبير (السودان).. وأشار الأستاذ عبد العزيز جبورة لفقد آخر ألا وهو الأستاذ (محجوب عمر باشري) وتربطه به صلة (مصاهرة) ووصفه بالأناقة ويتحدث بطريقة خليط من السودانية والمصرية والأوربية وعمل معه معلمًا بمدرسة بربر الأهلية المتوسطة وترك بربر.. وتقلب في عدة مواقع معلمًا وكاتبًا صحفيًا يثري الساحة بآرائه وذكرياته.. فهو فقد خاص وفقد عام.. ثم دلف للأستاذ الشاعر (محيي الدين فارس) مشيرًا إلى أنه ملأ الأسماع بشعره وأناشيده الوطنية الرائعة.. كان يعرف عنه منذ أوائل الخمسينيات وهو معلم مبتدئ في (بربر) وقد عرف الأستاذ محمد مفتاح الفيتوري عندما كان رئيس تحرير مجلة الإذاعة (هنا أم درمان) ولكنه لم يتعرف على الشاعر (محيي الدين فارس) وذلك بسبب الاغتراب الطويل ولكنه قرأ له وسمع عنه ما لا يعوض عن لقائه لذلك يعزي عنه. هذه المقدمة اليسيرة ذكرها أستاذنا الجليل المحنك (عبد العزيز جبورة) إلا أنه وفي ذكرى كل هؤلاء فات عليه صديقه وحبيبه وزميله وابن (حتته) الأستاذ السفير (حافظ عبد الرحمن أبو عائشة) الذي رحل عن هذه الدنيا الفانية وسنكون اللاحقين في هذه الرحلة المخصصة لنا عندما يحين موعد إقلاعها. نعم أستاذي قد ينسى الإنسان كل شيء حتى أقرب المقربين إليه.. لكنه لا يمكن أن ينسى إلى الأبد أن الله حق وأن الموت حق على الجميع يتساوى فيه الجميع دون استثناء أو تفضيل لإنسان على إنسان مهما علت أو هوت مكانته.. وكيف للإنسان أن يعبر عن مشاعره وحبه وشوقه لحبيب أو عزيز قد ذهب وولى إلى غير رجعة. نعم إن القلب ينفطر من الألم ومن الندم وأن النفس ليعتمرها الحزن العميق والجرح العتيق على حبيبنا وعزيزنا السفير (حافظ) نعم إننا وبكل لوعة وحسرة وألم وحزن عميق على علم أكيد وعلى قناعة تامة وإيمان كبير أن من سافر في رحلته الأبدية الرحلة النهائية التي لا رحلة بعدها لن يعود منها إلى يوم الساعة ولن تبقى في القلب إلا الذكرى والذكر الحسن والعمل الطيب والفعل الحميد. فهل الأيام تنسينا مثل هؤلاء أستاذي عبد العزيز جبورة.. مجرد سؤال؟..