ومواكب الشهداء تمضي الى الله زرافات ووحدانا وكلٌّ يقول «وعجلت اليك رب لترضى» وهل من صباح يتجلى فيه رضى الكريم افضل من صباح العيد بأرض الجهاد. طوبى للشهيد الصادق عبد الماجد المكاوي الذى ظل منذ فجر الإنقاذ الباكر يحمل بندقيته بيديه ويدرع كفنه على كتفيه حتى فجر العيد والفوز الأكيد.. الصادق قاد جحافل المجاهدين فى عملية نوعية مشتركة مع الجيش هى الاكبر والاعظم منذ مجيء الإنقاذ حتى يومنا هذا حين مشطوا معاقل المتمردين معقلاً معقلاً وموقعًا موقعًا في ولايات دارفور الثلاث بواسطة الكروزرات وسيرًا على الأقدام حتى أخرجوهم من من كراكيرهم وشتتوا شملهم وجعلوهم يحاربون خلف الأبواق وعبر الفضائيات. الصادق وإخوانه الذين افشلوا مخطط اغتيال قيادات جنوب كردفان واحتلال كادوقلى والزحف على الخرطوم من قبل قوات المتمرد الحلو الذى اصدر تعليماته لفرقة الإعدام بتصفية جميع القيادات الدستورية والسياسية والعسكرية فى مطار كادوقلي مباشرة عقب اقلاع طائرة وفد الخرطوم الذي جاء للإصلاح بين مولانا هرون وحكومته والحلو وعصابته عقب خسرانهم للانتخابات الأخيرة.. ولما تشابه البقر على فرقة الإعدام حين لم يفرقوا بين قياداتهم وقياداتنا عدل تعليماته لهم بأن تتم التصفية عقب رجوع المعنيين الى مكاتبهم فورًا، ولما كان مقر قوات الدفاع الشعبي عند مدخل كادوقلي من جهة المطار دارت المعركة الفاصلة هنالك، ورغم ان اخواننا أُخذوا على حين غرة نالت منهم ثلاثة وسبعين شهيدًا فى نصف ساعة لكن ثباتهم واستماتتهم مكّنتهم من سحق نصف فرقة الإعدام وأسر بعضهم وتشتيت من تبقى منهم عبر الجبال حيث لم ينالوا من احد القيادات شيئًا وفشلت خطتهم القاضية باحتلال كادوقلى خلال ساعتين واخضاع الولاية خلال يومين والزحف نحو الخرطوم على نسق الثورة الليبية التى انطلقت من بنغازي وفق ما نبح به ذاك العقور ولكن هيهات هيهات فكادوقلى ليست بنغازي والخرطوم ليست طرابلس والبشير ليس القذافي والشعب الليبي هو ذات الشعب السوداني... الصادق واخوانه إن لم يأتوا يوم القيامة الا بهذه لكفاهم.. أليس من قاتل فواق ناقة وجبت له الجنة، فما تقولون فيهم ومع هذا لم يتخلف عن ملحمة تحرير هجليج حيث صال وجال فيها وكان ذلك آخر عهدي به... فلئن عدنا من هجليج لأهلنا فلقد عاد هو لإخوانه بتلودي يدحرون عنها محاولات العدو المتكررة لاحتلالها وينحرونه على اعتابها... حتى اكرمه الله بالشهادة على ترابها.. فسلام عليه والشهداء في الخالدين. طوبى للشهيد عيسى ضيف الله الذى كان من اوائل المجاهدين الخارجين ضمن كتائب النور التى تحمل القلم والبندقية معًا فتقذف النور فى قلوب المستضغفين والنار فى صدور المتمردين، فكم فوج للجنة من المهتدين وكم ارسل للجحيم من الكافرين.. عيسى ضيف الله الذى حل واخوانه بعثة شهداء تلودى ضيوفًا كرامًا على اكرم الأكرمين وارحم الراحمين صباح عيد الرحمة والإكرام فهل يضاموا...لا وعزة الذى رفع السماء بلا عمد لن يضاموا ولن يُضام من جاء فى رحالهم من طاقم الطائرة من غير المسلمين كونهم القوم الذين لا يشقى بهم جليسُهم. عيسى الذى جاء لوزارة السياحة بعدما رافق السائحين فى سبيل الله سنوات عديدة... السياحة التى تعنى فى كل العالم الفسوق والعصيان والسفور والفجور حتى لم تسلم منها كبريات الدول العربية والإسلامية بل جعلتها موردًا رئيسيًا لاقتصادها وموازنتها خربت بها بنات المسلمين واولادهم ومحت بها الفضيلة ونشرت بها الرذيلة وسنَّت من القوانين ما يحرسها ويحميها والويل كل الويل لمن يعاديها، فالحمد لله الذى حفظنا فى السودان رغم عراقة حضارتنا وتراثنا الانسانى وحياتنا البرية النادرة وكل مداخل السياح بالشهيد عيسى ضيف الله... وحفظه الله فى الخالدين. طوبى للشهيد اللواء احمد الطيب ابوقرون، سليل الصالحين وحفيد الشهداء الذين استشهدوا فى المهدية والفونج والدولة السنارية، الذاكرين الله بالسبحة والنوبة والبندقية، اهل الله اهل الحلم والعلم والرقائق، قد افلح من والاهم وقد خاب من عاداهم... لطالما احييت روحي والليالي معهم تحت وقع نوبات ترن واشياخ تئن وامداح تقشعر منها الأبدان ثم تلين. أبوقرون وإخوانه الذين ألبسوا جهاز الأمن لباس التقوى حتى عاد آمنًا للوطن والمواطن قبل الحاكم والحكومة فصار الفرق بين جهاز الأمن القومي وجهاز الأمن الوطني كالفرق بين جيش النميري وجيش البشير... ابوقرون الذي حاس وجاس في احراش الجنوب ومستنقعاته يفرم قلوب اهل الطابور الخامس ويهرى ابدان المتمردين فى إقدام لا مزيد فيه ولا مزاودة عليه. ابوقرون الذى اجمع عليه اهل الجنينة والمتمردون ومنسوبو المنظمات الوطنية والاجنبية حين كان مديرًًا لجهاز الامن الوطنى بها حبًا ما فارقه فى الاردن وهو ملحق عسكري بها ورغم جمالها واجوائها وخدماته اللامحدودة التى يقدمها للمرضى والمراجعين والمرافقين الا ان مظاهر الكاسيات العاريات ومفاتن السافرات الفاجرات جعلت جل برقياته للخرطوم تقول «اخرجونى من الجحيم، ردونى للعمليات، ارجعونى للجنينة»... يقول عنه الأخ المجاهد عبد الله الجيلي المنسق العام لقوات الدفاع الشعبي، كان آخر الواصلين للمطار وحين سألنى عن طائرته اخبرته انها ان لم تكن قد اقلعت فهى بلا شك تكون على مدرج الطيران لكنه رد عليّ بثقة ويقين انه سيلحق بها وغمز لمدير مكتبه النقيب الشهيد سيف الدين ابو كلام الذى اعترضها وهى فى طريقها للاقلاع حيث اقلعت بهم لا للجنينة ولكن للجنان التى اسأل الله ان يكون حفيد الشهداء وسليل الصالحين قد اصاب كبد فردوسها الأعلى. طوبى للشهيد الحسن الجعفري، الرجل الرسالي والاخ المثالى والنسم القادم من جنان الله الوارفات، عصفور الجنة ورجل الكوماجات، ما كان موقعه الدستورى خصمًا على موقعه فى العمليات فهو فى المقدمة مشارك بنفسه وهو فى المؤخرة رئيس لجميع لجان التعبئة والاستنفار بولاية الخرطوم، ولاية الشهداء والمجاهدين والداعمين.. آخر عهدى به الخميس الماضي بمكتب الأخ المجاهد عبد القادر محمد زين المنسق العام لقوات الخدمة الوطنية وكان الحديث عن الحركة الإسلامية والجهاد والاستنفار وحين ذكرت اخًا عزيزًا على ثلاثتنا «ود ع » وقد تغير وتبدل عما كنا نعرفه فيه» رأيت فى وجهه مسحة أسى وفى صوته نبرة حزن وبحة ألم وفى عينيه أسف نبيل.. لهفى عليك أخى الشهيد الجعفرى تحمل هموم اخوانك باضعاف هموم اعمالك... الآن تحطها عن كاهليك جميعها ... وترتاح... اما نحن فنكابد الإحن ونجاهد الفتن ويقتلنا الأسى ويشقينا الألم.. حتى متى يا رب... اللهم أقم الساعة الآن فما عادت الحياة تطاق بدونهم.