الإخوة في صحيفة «الإنتباهة» أولي البصيرة والنُهى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. واسأله أن يعينكم بالصبر في مسيرتكم والتوفيق في مبتغاكم نحو مرامي الفضيلة ومرافئ العدل والحق المبين. وأرجو شاكراً نشر مقالي هذا عن الواقي الذكري، والذي كان أصل النقاش في برنامج (حتى تكتمل الصورة) والذي يقدمه الأخ الطاهر التوم، وذلك يوم الإثنين 3/9/2102م. لقد حارني وهالني ما سمعت من آراء غريبة وعجيبة وفتاوى مريبة تصدر عن لحىً لها سمت وشكل الإسلام. عجبت والله من الفتوى التي أصدرها الشيخ يوسف الكودة بقوله: (إن الزنا لمن لم يجد له سبيلاً غيره فمن الخير أن يستخدم طالبه الواقي خوفاً من محاذير حددها في مخافة الحمل الحرام وقتل النفس مخافة الافتضاح، ومخافة نشر مرض الأيدز). بالله عليكم هذا رأي. الله ورسوله لم يجعلا سبيلاً لطالب الزنا، إمّا العفاف وإمّا العقاب، عن أبي أمامة قال: إن فتىً شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! إئذن لي بالزنا! فأقبل القوم عليه فزجروه. وقالوا مه مه! فقال: ادنه، فدنا منه قريباً، قال: فجلس. قال أتحبُّه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال أفتحبه لابنتك/ قال: لا والله يا رسول الله! جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال أتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال أتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال أتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم! اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه. فلم يكن بعد ذلك الفتي يلتفت إلى شيء. صححه الألباني. ولم يجد له بين ذلك سبيلاً وسطاً، فكيف لصاحب حزب الوسط أن يتوسط لطالب الزنا ليجد المبرر والمسوغ لمن ليس له بد إلا أن يزني أن يستخدمه ما هذا الفكر السقيم! كان في مقدور رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لذلك الفتى بنفس مسوغ د. يوسف الكودة إذا لم يجد بداً من الزنا ألا يلج الفرج حتى لا يحدث الحمل الحرام، وأن يشبع غريزته في ما عدا ذلك. وأذكِّر شيخ الكودة بالحديث (من سَن سُنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من حسناتهم شيئاً، ومن سَنَّ سُنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم. ليس الفقيه من علم النصوص والأحكام الدينية، ولكن الفقيه هو المتبصر في علوم الدين، بالإضافة للحكمة كما قال الله تعالى: (يُؤتِي الحكمة من يشاء ومن يُؤتَ الحكمة فقد أُوتِيَ خيراً كثيراً) سورة البقرة الآية «96». وقد سُئل حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وبجواره رجل سؤالاً واحداً من رجلين عن قاتل النفس هل له من توبة فقال لأحدهما: لا، فذهب وجاء الثاني فقال له: نعم، فاستعجب السامع الشاهد فقال له: كيف تفتي في مسألة واحدة بإجابتين، فأجاب: أتاني الأول وعينه تتطاير شرراً فعلمت أنه يريد أن يقتل نفساً فقلت له لا، حتى لا يقع في الحرام، وأتاني الثاني ورأيته منكسراً فعلمت أنه قتل نفساً فقلت له نعم حتى لا أحجر عليه واسعاً. أليس في الافتاء بجواز لبس الواقي لمن لم يجد بُداً إلا أن يلبسه خشية من مرض الأيدز أن يزيد في عدد الزناة. أو ليس يفتح الباب على مصراعيه للخائفين من المرض أكثر من خشية الله، أن يقبلوا عليه باطمئنان أكثر! بالله عليكم كم من الناس ضعاف الايمان يمهد الواقي لهم السبيل.. إنها والله دعوة صريحة إلى شيوع الفاحشة في الذين آمنوا. إن أكثر ما هالني قول الدكتور محمد محيي الدين الجميعابي وسؤاله المتكرر كيف يمكننا أن نوقف الزيادة في عدد المصابين بمرض الأيدز؟ كأنما يقول لنا لم نجد وسيلة أخرى أجدى وأنفع من لبس الواقي، والله إني لأعجب من رأيه هذا. يا هؤلاء إن الله أنزل قوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) سورة الإسراء الآية «23». وما يقرب للزنا هي مقدماته من النظر: (قُل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون)، (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن) سورة النور الآيات «03 - 13». والسمع: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) سورة النور الآية «03»، وقوله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً) سورة الأحزاب الآية «23». وكذلك من مقدماته اللمس، ومن محفزاته الاختلاط وأجهزة الإعلام خاصة المرئي منها والانترنت. جففوا هذه المنابع وكثفوا الدعوة والإرشاد وطبقوا شرع الله بدلاً من اتباع منهاج أهل الكفر من الماسونية وأعوانهم الذين يدسون السم في الدسم، ويخضونكم لإنفاذ مخططهم هذا إقناعاً بحجج واهية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا) أو لما كان بلاء أصحاب هذا العصر لمن زنى منهم الأيدز أردتم وقايتهم منه، إنا للَّه وإنا إليه راجعون وبئس الإثم الفسوق بعد الايمان. أبعث إليكم بمقالي هذا معذرة إلى الله ولعلهم ينتهون.