أثار حوار صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مع الدكتور قطبي المهدي، عضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني ورئيس قطاعه السياسي قبل التعديلات الأخيرة والمستشار السياسي السابق لرئيس الجمهورية ومدير جهاز الأمن الخارجي الأسبق والسفير السابق بوزارة الخارجية والقيادي العريق في الحركة الإسلامية، أثار عاصفة من ردود الأفعال المختلفة، خاصة أن الحديث جاء على غير المألوف من الدكتور قطبي المعروف عنه حصافته ودقة تعبيراته وحذره البالغ في أن لا يضع قدمه حيث الأشواك والجمرات الكلامية وزلل السان. وانتظرنا أن يصدر توضيح من الدكتور قطبي أو تكذيب لما نشر، لكنه اعتصم بصمته الناطق، وتولى أمين الإعلام بالمؤتمر الوطني البروفيسور بدر الدين إبراهيم مهمة دلق الملح على الجرح، فانتقد بشدة حديث قطبي للشق الأوسط وعاب عليه كلامه وتقييمه للأوضاع في البلاد وعباراته الحارقة التي وردت في الصحيفة التي طالما شنّت هجوماً على البلاد ونظام حكمها، ويقدِّر كثيرون أن قطبي ما كان عليه الحديث بهذه الطريقة التي تتفق مع غرض الصحيفة، لكن التفسير المنطقي الوحيد أن قطبي بصمته وعدم نفيه وسكوته عن أي تعليق يفصح عن موقف واضح مؤداه أنه زهد في أي إصلاح ويريد الانصراف بالكامل من الضفة التي يقف عليها في المضمار السياسي، بيد أنه يعبِّر عن آراء لدى عديد من الإسلاميين وعضوية المؤتمر الوطني التي تتناول بالنقد في كل مكان هذه الأيام لما يجري حولها وأمامها فهو ليس وحده .!! أحداث حجير الدوم... شهدت منطقة «حجير الدوم» بمحلية أبي جبيهة بولاية جنوب كردفان، نهار الخميس أول من أمس، هجوماً غادراً من الجيش الشعبي وذئاب ما يسمى بقطاع الشمال بالحركة الشعبية وعملاء دولة الجنوب، وارتكبت المجموعة المهاجمة التي يقدّر عددها ب«450» جندياً من الجيش الشعبي، مجزرة دامية وقتلت عدداًمن المدنيين «23» شهيداً بينهم نساء وأطفال رضّع، وأصيب بإصابات بالغة أكثر من «25» شخصاً ممن كتبت لهم النجاة من هذه المذبحة، ولو لم تصلهم النجدة بسرعة من القوات المسلحة والدفاع الشعبي في المنطقة التي طاردت المعتدين وقتلت منهم أكثر من «150» مارقاً، لتمت إبادة كل أهل هذه المنطقة الوادعة. وتذكِّر هذه الأحداث بما ظل يجري في هذه المنطقة خلال الفترة الماضية ولم تنقطع محاولات الجيش الشعبي وعملاء دولة الجنوب من الاعتداء على الأهالي الآمنين وترويعهم وتقتيلهم وسلب مواشيهم وممتلكاتهم، وإجبارهم على الرحيل بعيداً عن أراضيهم وتهجيرهم... ومنذ أحداث القردود في عام 1985م، توالت الهجمات على مواطني هذه المناطق المتاخمة للجنوب، ولم تتحول كما كانت ترغب حركة قرنق لمنطقة حرب، بفضل تماسك الأهالي وتصديهم للهجمات المتتالية، وحدث تطور جديد بعد تمرد عبد العزيز الحلو في 2011م ، هدفه الأساس إجبار القبائل التي تقطن هذه المناطق إلى مغادرتها وقسرهم على النزوح وجعل الجزء الشرقي من ولاية جنوب كردفان مسرحاً للعمليات العسكرية كما يجري الآن. بالرغم من أن القبائل التي تسكن هذه المناطق وتعيش فيها مذ وجدت، قادرة على حماية نفسها وتواجه منذ الثمانينيات من القرن الماضي هذه الاعتداءات ببسالة ورجولة وعزيمة وشجاعة لا توهن، فإن واجب الدولة اليوم يحتم تكثيف الوجود العسكري والشرطي والإداري ودعم المجاهدين والمرابطين من الدفاع الشعبي وتعزيز الوجود الرسمي هناك، مع التحرك الفوري لمعالجة الأوضاع الإنسانية الناتجة من هذه الهجومات المتكررة، فهذه المناطق إن تم اختراقها أو حقق فيها الجيش الشعبي وفلول عملاء دولة الجنوب أياً من مخططاتهم، فيكون من السهل عليهم التوغل في اتجاه المدن الكبرى واستهدافها والتوغل شمالاً كما تتوهم الحركة الشعبية وتوابعها السياسية من الجبهة الثورية أو أحزاب المعارضة الخائرة. أحداث كتم تتداخل الحقائق وتتلون في ما حدث في مدينة كتم بولاية شمال دارفور الأسبوع الماضي، امتداداً لما حدث فيها قبل فترة قصيرة في حادثة اغتيال معتمد محلية الواحة، فالوقائع في موجتي ما حدث تؤكد دون أدنى تعقيد أن هناك اختلالاً إدارياً وسياسياً وتنفيذياً، مما يستدعي التدخل الفوري للحكومة الاتحادية دون أدنى تأخير حتى لا تتطور هذه الأحداث لتعمَّ مناطق أخرى في شمال دارفور ويحدث ما لا تحمد عقباه. وحاولت جهات رسمية تغبيش الصورة وتلوين الحقائق، وإبعاد التهمة عن جهات معينة وتحميل أطراف محددة مسؤولية ما يجري، فالقضية باتت أخطر من تفلتات هنا وهناك، وربما يفلت كل شيء من عقاله، وهناك حقائق واضحة في الذي حدث في كتم الأسبوع الماضي، فبعد استهداف المعتمد، تم قتل وبدم بارد أبرياء لا صلة لهم بما حدث أمام مقر الشرطة بالمدينة وكان الرصاص ينهمر على القتلى داخل سياراتهم، كما يقول ذووهم من داخل هذا المقر ، فإن لم يكن صحيحاً فأين كانت قوات الشرطة من حماية أشخاص مدنيين ومعروفين من سكان كتم، ثم أن القتلى الآخرين تم الاعتداء عليهم وهم يتبعون لقوات الاحتياطي المركزي التابع للشرطة وتم استهدافهم من داخل مركز الشرطة المشار إليه ..!! فهذه كلها تثير تساؤلات قد تكشف ما هو أخطر من ذلك ومحاولة زرع فتنة في دارفور لن تخمد نيرانها إن اشعلت ولن يتوقف دمارها. المطلوب ليس تحقيقاً مستقلاً وحسب، المطلوب مراجعة شاملة وكاملة للوضع وإعادة النظر في كل ما يجري ومعالجته بحسم وحزم، فشمال دارفور أهم من الأشخاص مهما كانوا وأمن الوطن والمواطن لا تفريط فيه. وما خضب الناس البياض غدًا نتناول مقال الدكتور حيدر إبراهيم الأخير، تعليقاً على ما كتبناه عنه وعن تسلمه نيابة عن مركز الدراسات السودانية الذي يديره من الصندوق الأمريكي لنشر الديمقراطية الذي تموله المخابرات المركزية الأمريكية ( C.I.A ) والخارجية الأمريكية، وحاول في مقاله الذي رد به تزييف الحقائق واختلاق مسوِّغات لا تسمنه ولا تغنيه من جوع، كمن يحاول خضب بياض شعره مداراةً وتصابياً.!!