الحنين إلى الوطن بصمة فينا لا يخمد أوارها وشعلة تظل متقدة في نفوسنا مهما مدت لك الدنيا من بساط الترف والنعيم في الغربة، ولكن يظل شبح الوطن يجول أمام أعينك لا ينقطع أبدًا، ويظل التفكير في العودة النهائية هي الهم الأكبر لأي مغترب حيث إن الغربة لا يمكن أن تظل هي المتكأ اللا نهائي ولا يوجد ما يسمى «إدمان الغربة» في قاموس المغترب السوداني لذلك تجده يعمل ليل نهار لكي يؤمن مستقبله ومستقبل أولاده ليس في الغربة وإنما في بلده السودان، ويمثل تجهيز البيت هي أولى الهموم وأولى عتبات العودة النهائية هذا البيت الذي عجز عن توفيره جهاز شؤون المغتربين بالرغم من الضريبة الكبيرة التي يؤديها المغترب لصالح الوطن، ولكن دائمًا ما يقابل هذا العطاء بنكران الجميل حيث لا تناله من كعكعة الوطن إلا القليل والقليل جدًا مقارنة بعطائه اللا منقطع. وتأمين المستقبل هو هم كبير يرمي بثقله على عقل كل سوداني حيث يعني تأمين المستقبل تأمين العودة النهائية للسودان، وما زالت حكومتنا عاجزة عن توفير مشروع يؤمن العودة للسودانيين، ويوجد آلاف السودانيين الذين قضوا سنين عددا في الخارج ويعاودهم الحنين إلى الوطن ولكن العين بصيرة واليد قصيرة. في مصر مثلاً يدفع المغترب سنوياً خمسين ديناراً أي ما يعادل «133» دولار تقريباً لصندوق المعاش، وعندما يبلغ المغترب الستين عامًا ويعود نهائيًا إلى وطنه يجد له معاشاً شهرياً تدفعه له الدولة، وأعتقد أن هذا تفكير إيجابي ومستقبلي ومزدوج النفع حيث تنتفع الدولة بهذه الدولارات في دعم الاقتصاد الوطني ويستفيد منها المغترب في تأمين مستقبله بعد عودته لوطنه إضافة إلى أنه يمثل عاملاً مشجعًا جدًا للعودة. وقد تناقشت مع عدد من المغتربين السودانيين هنا في البحرين، ووجدت أن هذا المشروع يمكن أن يطبق في السودان لكل المغتربين السودانيين حيث يمكن أن يدفع مع الضرائب والخدمات وهو ليس بالمبلغ الكبير وبذلك يستفيد الجميع لكن بشرط الشفافية والانضباط في تنفيذه حتى لا تضيع الحقوق وتذهب هدراً. أو يمكن أن يكون هناك صندوق خاص للمغتربين تسدد فيه هذه الأموال وتستثمر ويكون عائدها لصالح المغتربين ولكنه صندوق ليس كالصناديق التي نراها تبدد الأموال وتسرق العرق والجهد. نواصل