(محمد) اسم علم على نبيّنا صلى الله عليه وسلم. (محمد) تعنى من كثرت محامده. (محمد) قرن الله تعالى اسمه باسمه الجليل في شهادة التوحيد. (محمد) اليوم أكثر اسم في العالم تمَّت تسميته. محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الخُلقُ العظيم والشفاعة الكبرى والحوض المورود والمقام المحمود. قال تعالى (إن الله وملائكته يصلّون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً). سورة الأحزاب آية (56). الصلاة من الله رحمة ومن الملائكة استغفار ومن العباد دعاء. الصلاة هي أرقُّ الرحمة وأتمُّ العطف وأكمل الحنوّ. (صلَّى عليه) تعني انحنى عليه رحمة. فقولك صلى الله على محمد، أرقُّ وأبلغ من (رحم الله محمد). ذلك محمد خاتم النبيين. الخاتَم معناها الذي خُتم الأنبياء به. الخاتَم أحسن الأنبياء خلقاً وخُلقاً. (محمد) (الأسوة الحسنة) و(الرمز الإنساني الأول) و(الشخصية الأولى) أصبح في عهد الهجمة الأمريكية على الإسلام، أصبح في الحرب الباردة الجديدة ضد الإسلام، أصبح نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته المطهرين تطهيراً، أصبحوا هدفاً (مشروعاً) لأراذل القساوسة وحثالة الملاحدة والزنادقة والمرتدين والمرتزقة الفكريين. في مسلسل إساءة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم في الخمس وعشرين عاماً الأخيرة، كان كتاب سلمان رشدي (الآيات الشيطانية) الذي صدر عام 1988م والذي فجَّر بركان الغضب في العالم الإسلامي. ما كتبه سلمان رشدي لم يتجرَّأ على قوله أئمة الكفر في قريش. حيث وصف لعنه الله- نبيَّ الإسلام ب (كلب الصيد). هذه أقل البذاءات والإساءات. سلمان رشدي يعيش منذ بذاءاته ضد الرسول وإلى اليوم تحت حماية ورعاية حكومة جلالة الملكة في بريطانيا!. ثم كانت من بعد سلمان رشدي (تسليمة نسرين) في رواية (العار) والتي عام 1993م التي أفرغت فيها كل بذاءةٍ وإساءة في خيالها على النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام. في عام 1997م كان كرنفال... الصور الكاريكاتورية في هولندا وفرنسا ثم في اسرائيل حيث رسِم خنزير (على ظهره اسم محمد) ممسكاً بقلم يكتب كلمة القرآن على كتاب. في الحقبة التي أعقبت 11/ سبتمبر 2001م شهدت استباحة كاملة لمقام النبَّي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حتى أشار إلى إنتشار تلك الإستباحة السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان (مسلم غاني). في تلك الحقبة كان كتاب (نبي الخراب) للمؤلف (كريك ونن) الذي وصف - لعنه الله - الرسول صلى الله عليه وسلم ب (قاطع الطريق) الذي استخدم البطش والإغتيالات للوصول إلى السلطة المطلقة. في عام 2004م كان انتاج فيلم (الخضوع) في هولندا حيث كان الفيلم المسيء للإسلام سبباً في أن يلقي مخرج الفيلم (ثيوفان غوخ) مصرعه على يد (محمد بويري). في 2005م كانت رسوم الدنمارك الكاريكاتورية للإستهزاء بالنبي صلي الله عليه وسلم. في أمريكا صدر كتاب كاريكاتوري باسم (محمد صدِّق وإلا) الصادر عن دار نشر (كرسنت موون). في السويد في 31/8/2007م نشرت صحيفة (نركليس اليهاندا) السويدية رسوماً مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. في سبتمبر 2007م كان الفريق القومي الإسرائيلي لكرة القدم ينشد أغاني مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم. في عام 2008م نشرت الكاتبة الأمريكية (شاري جونز) رواية (جوهرة المدينة) التي تسييء فيها أبلغ الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها. في 12/فبراير 2008م نشرت (17) صحيفة دنماركية رسوماً كاريكاتورية مسيئة للنبي «ص». في 7/ سبتمبر 2009م كانت أساءة كتاب مدرسي في الهند إلى النبي صلي الله عليه وسلم. في 25/ديسمبر 2010م في مجلة أذربيجانية تموِّلها اسرائيل نشِر مقال مسيء للنبي صلي الله عليه وسلم. في نوفمبر 2011م أساءت مجلة «شاري إيبدو» الفرنسية الى النبي «محمد» فكان إحراق مقرها. ثم أخيراً في 6/ سبتمبر الجاري كان الإعلان عن انتاج فيلم عن النبي صلى الله عليه وسلم يتضمن إساءات بالغة تجاوزت كل الحدود. حيث أعلن القسيس (تيري جونز) الذي أحرق المصحف الشريف أكثر من مرّة، ومعه عدد من أقباط مصريين في المهجر مثل عصمت زقلمة وموريس صادق، أعلنوا عن انتاج ذلك الفيلم المسييء للرسول (طوله ساعتين) حيث يتناول بالتجريح الحاد والإهانة العميقة شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ذلك الفيلم الذي فجَّر غضب العالم الإسلامي من طنجة الى جاكارتا ومن نيجيريا إلى الهند. في خضم ذلك البحر من الإهانات لنبي الإسلام، وتلك الأمطار الغزيرة من البذاءات ضد الإسلام ورسوله، وفي سياق ذلك الغضب المليوني المشروع الكريم إعزازاً لنبي الإسلام، خرجت الجماهير السودانية أمس الجمعة 14/ سبتمبر 2012م إلى السفارتين الألمانية في شارع البلدية والأمريكية في (سوبا). كانت مظاهرات سلمية بالكامل. حيث لم تكن تحمل إبرة أو عود ثقاب أو حتى علماً أمريكياً لتحرقه. كانت مظاهرات لا تستفز أحداً، فما خرجت تلك الآلاف من أحباب رسول الله، إلا محبة ومعزّة ووفاء لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم. كان يغلب على هتافاتها (لا إله الا الله محمد رسول الله). تلك هي كلمة التوحيد، وهي خير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والنبيَّون من قبله. غير أن تلك الجماهير المحِبَّة لرسول الله تمَّت معاملتها بقسوة مفرطة وعنف غير مبّرر. في الميدان شرق السفارة الأمريكية ظلت سيَّارات الشرطة تنطلق بسرعة فائقة باتجاه المتظاهرين. حيث دهست عدداً منهم فقتلتهم ظلماً. وسال مخ أحدهم على الأرض، ليراه الجميع. واستشهد نتيجة ذلك الفعل حبيب رسول الله وحافظ القرآن (العطا عبد المجيد العطا) الذي يبلغ من العمر عشرين عاماً، وهو أحد حفظة القرآن في خلوة الشيخ أحمد الشيخ دفع الله صائم ديمة. كما سقط شهيد ثانٍ . لماذا قتلوا حافظ القرآن الشهيد (العطا عبد المجيد العطا) في ربيعه العشرين وبرفقته شهيداً ثانٍ من الشباب الأطهار الأخيار. لقد سارت المظاهرات لنصرة النبي الكريم في مصر وسوريا وقطر والعراق والأردن والجزائر والمغرب وتونس وماليزيا وباكستان وبنغلاديش وكشمير، وفي كل تلك المظاهرات لم يُقتل متظاهر واحد. فلماذا قتلوا الشهيد (العطا عبد المجيد العطا). حتى قوات الإحتلال الإسرائيلي لم تقتل متظاهرًا واحداً في المظاهرات التي عمت (القدس) لنصرة الرسول الكريم. لقد شاركت في مظاهرات الخرطوم الغاضبة أمس الجمعة لنصرة النبي الكريم والتي سارت مواكبها إلى السفارة الألمانية والسفارة الأمريكية في (سوبا) العديد من الجنسيات الإسلامية العربية والآسيوية التي تقيم في الخرطوم. حيث كانت في غضب لا يقل عن غضب الشعب السوداني. إنطلاق تلك السيارات لتدهس المتظاهرين من أحباب رسول الله في الميدان شرق السفارة الأمريكية في (سوبا)، كاد أن يعيد إلى الأذهان البلطجية ومعركة الجمل في ميدان التحرير. كما أعاد إلى الأذهان سيارات فلول مبارك وهي تدهس شباب ثورة 25/ يناير. وعلى مسافة بعيدةٍ جداً من مبنى السفارة تقارب كيلومتر كانت قنابل الغاز المسيلة للدموع تنهمر أمطاراً على أحباب رسول الله المتظاهرين في الميدان، لا تفرِّق بين شاب وكبير سن أو فتاة وهم يردِّدون كلمة التوحيد (لا إله الا الله محمد رسول الله). بل كانت قنابل الغاز المسيل للدموع تصل إلى الواقفين جنوب شارع مدني الخرطوم. إلى جانب من قتلوا كان هناك العديد من سقطوا في حالات إغماء عديدة ولم تسرِع إليهم سيارات إسعاف. وبعض أحباب رسول الله جُلِدوا بالسِّياط حتى عجزوا عن قيادة سياراتهم. حيث قال لهم (حفظة النظام) لماذا لم تسرعوا بالجري وتغادروا!. وبعض أحباب رسول الله قال لهم (حفظة النظام) لهم يا أولاد (الفاعلة) أي (المومس). وبعض أحباب رسول الله قال لهم (حفظة النظام) يا (مثليين) أي نسبوهم إلى قوم سيدنا (....)!. وبعض (حفظة النظام) قال لأحباب رسول الله (نفعل بكم). أي ما يفعل الذكر بالأنثى!. تلك هي حقائق حدثت في الميدان الذي يقع شرق السفارة الأمريكية في (سوبا). والذي شهد سقوط شهيدين، بسبب الإفراط في العنف. كان إلى جانب العنف في التعامل بإطلاق الرصاص في الهواء دون مبرر والجلد والغاز المسيل للدموع. كان هناك أيضاً العنف اللفظي وسوء الأدب في سبّ أحباب المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذين ما جاء بهم إلى ذلك المكان إلا غيرتهم على دينهم وحبهم لنبيهم وحقهم الإنساني في رفض إهانة مقدساتهم وحقهم في الحياة في حرية وعزَّة على أرض وطنهم. إذا قال المسئولون في واشنطون وبرلين إن حرية التعبير مكفولة لمن أساؤوا النبي صلى الله عليه وسلم، فلماذا تُقابل ممارسة حرية التعبير في الخرطوم بذلك العنف المفرط والبذاءات. وقد شاهد المتظاهرون مسئول تنفيذي، ليس من القوات النظامية، يذبُّ بيديه المتظاهرين عن حياض السفارة الألمانية التي وقف بقرب حاجزها!. وكم كان مسيئاً للسودان والإسلام وأحباب رسول الله، عندما وصل الشيخ محمد حسن الفاتح قريب في موكب سلمي وقور يردَّدون «فقط» (لا إله إلا الله محمد رسول الله) لتنهمر عليهم أمطار من القنابل المسيلة للدموع وهم ما يزالون في اسفلت شارع مدني حتى اختنق الجميع فغادر الموكب إلى جنوب شارع مدني الخرطوم. لقد ضُرب موكب الشيخ محمد حسن الفاتح قريب الله ولم يُسمح لهم بخطوة واحدة لعبور شارع مدني في طريقهم إلى مبنى السفارة على بعد كيلو متر أو أكثر لإبلاغ رسالتهم السلمية!. ذلك العنف المفرط الذي قتل شهيدين من أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك العنف المفرط الذي بغير مبرر جلد أحباب رسول الله جلداً أقسى من جلد الزناة، ذلك العنف اللفظي المفرط الذي وصف أمهات أحباب رسول الله المتظاهرين ب (المومسات) «قالوا لهم باللغة العامية (يا أولاد الفعلولة)!. ذلك البؤس الأخلاقي في إهانة المواطن، ذلك الفقر الكامل في احترام الشخصيات الدينية الموقرة، وهي مشعل الأدب والإرشاد (رجمها) بأمطار الغاز المسيل للدموع، بأمطار الغاز المسييء لكل ماهو محترم، كل ذلك بحاجة إلى مراجعة وتصحيح. لقد غابت القيادات السياسية عن المشهد، في الميدان شرق السفارة الأمريكية أو الميدان غربها. ولم تنطق بحرف أو تخاطب جموعاً أو تمسك بمايكرفون لتهتف. تلك القيادات السياسية غابت لأنها تخشى واشنطن، بينما الله أحقّ أن تخشاه. ولو كان عرضاً قريباً أو سفراً قاصداً لجاؤوا، ولو كانت مأدبة في (برج الفاتح) أو رحلة سياحة سياسية إلى دولة غربية لأتوها حبواً. كان ينبغي على هؤلاء أن يتغلَّب حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم على خشيتهم. أي على خشيتهم واشنطن عاصمة الإرهاب والتطرف الديني. أم أنهم يخشون برلين عاصمة النازية الجديدة. أم أنهم يزعمون الصبَّر على بذاءات الملاحدة والزنادقة والمرتدين. والمرتزقة والعملاء. أم أنهم تمرَّنوا فمُرِنوا على الهزيمة والجبن والخنوع ... وبعضُ الحياة بعض مرانِ... فاستكانوا... لا بارك الله في صبر ذليلٍ ولا بكاءَ جبانِ!.